بقلم : إبراهيم عربي
في تقديري أن دور الهيئة القومية للطرق والجسور في الأعمال المدنية مطلوب ومهم في حالتي السلم والحرب لتطبيع الحياة المدنية ، ولا يقل دورها في ذلك عن دور الجيش والقوات النظامية الأخرى والمستنفرين في ميدان معركة الكرامة التي تدور بالبلاد ، وإتفق تماما مع عضو مجلس السيادة الفريق ركن إبراهيم جابر المشرف علي وزارة التنمية العمرانية والطرق والجسور فيما ذهب إليه بشانها كقطاع مدني .
وبلا شك هذا الدور مطلوب من قبل جميع مكونات المجتمع في معركة الكرامة لمواجهة تداعيات آثار الحرب اللعينة التي إندلعت في البلاد منذ منتصف أبريل الماضي ولازالت حتي الآن مما أدخلت البلاد في تعقيدات أمنية وسياسية وإقتصادية وإجتماعية .
وبالتالي مثلما ظل هؤلاء الجنود يقدمون أنفسهم وأرواحهم رخيصة في أرض المعركة فداء لهذا الوطن لينعم أهله بالأمان والإستقرار ، فإن جنود الهيئة القومية للطرق والجسور وهي جهة إستشارية تمثل الدولة إقليميا ودوليا ومحليا ، تتابع وتشرف علي الطرق ولها خططها وقوانينها ولوائحها ، لم تنقطع جهودهم المستمرة في تشييد وتأهيل وصيانة الطرق والكباري القومية والولائية وردم الحفر ودرء آثار الخريف لتطبيع الحياة المدنية وتسهيل تنقلات وحركة المجتمع وإنسياب الخدمات والمعينات والعتاد والأفراد للوصول لمبتغاهم بصورة آمنة .
في اعتقادي لولا الطرق والجسور لأصبحت البلاد بكاملها حبيسة لتلكم الظروف الأمنية التي تمر بها البلاد ، ولذلك لا أحد يستطيع أن بنكر دور وأهمية الطرق والجسور في التواصل وبل لها حق الريادة في ذلك ، فالطرق والجسور هي أساس التنمية والخدمات ومدخلها للأمن والتنمية والإثنين معا مكملان لبعضهما البعض فالتنمية ضرورية لحفظ الأمن والأخير بذاته مهم لإستمرار التنمية والخدمات ولذلك جاءت دعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام (ربنا أجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات ..!) ، مقدما الأمن كأولوية علي التنمية .
بلا شك إن صناعة الطرق مكلفة جدا والمحافظة عليها ضروريا ، ولذلك ظلت الهيئة القومية للطرق والجسور في الميدان تواصل عملها الليل بالنهار من أجل تحقيق رؤيتها الريادة في الطرق والجسور إقليميا ورسالتها في ذلك صناعة طرق وجسور لتنقل آمن بكفاءات تتبع من خلالها أحدث الممارسات العالمية ، وتهدف في ذلك لبناء وإدارة طرق وجسور تحقق النمو الإقتصادي والرفاه الإجتماعي .
علي كل فقد تباينت الرؤى واختلفت وجهات النظر بشان الطرق والكباري في عهد الحرب كسلاح ذو حدين ..!، ولذلك برزت مطالبات قوية تنادي بقطع كبري شمبات وطريق (أم درمان – جبرا ‐ بارا) أمام حركة قوات التمرد كمنفذ لتشوينها بالعتاد والأفراد ، لا سيما مع تطورات الحرب ودخول صواريخ وقاذفات وأسلحة ، وكذلك برزت مطالبات بقطع طريق الإنقاذ الغربي والطريق الدائري لكل من كأدقلي والفولة وغيرها ، غير أن لقيادة البلاد رؤية ووجهة نظر كانت تدرك من خلالها أهمية وجود هذه الطرق والكباري مفتوحة في معركة الكرامة من واقع حرص الدولة علي تطبيع الحياة المدنية وإنسياب حركة المجتمع .
كشفت الهيئة في تقريرها الذي تسلمه عضو مجلس السيادة أمس الأول للفترة من (15 أبريل – 30 سبتمبر 2023) ، أن أعمالها المدنية قد بدأت في صيانة وتأهيل الطرق والجسور باكرا منذ إنطلاقة شرارة الحرب لإنسياب الحركة ، وقد ظل جنودها يجوبون الفيافي ويقطعون الوديان والمدن علي مستوي القطاعات ألثمانية بولايات البلاد المختلفة ولها نقاط عبور محددة وموازين وضوابط تضبط الحمولات وعمليات إستخدام الطرق مما هيأ للجميع إنسياب الحركة بتلكم القطاعات بصورة آمنة .
إلا أن قطاعي (كردفان ودأرفور) إستثناء فقد تعثرت الأعمال فيها بسبب الظروف الأمنية والتي شكي منها المجتمع وقال إنها حالت دون وصول المعينات الإنسانية وحتي أدوية الطوارئ والظروف الحرجة في ولايات كردقان الثلاثة خاصة ، حيث توقفت أعمال الصيانة في القطاعين تماما دون القطاعات الأخري التي تتباين فيها نسبة الأعمال في الصيانة والتأهيل ودرء آثار الخريف والفيضانات والسيول بسبب الحرب وما تبعها من تفلتات ، فيما تجاوز العمل في بعض القطاعات الأخري لعمل طريق بديل (سيرفس رود) حتي لا تنقطع حركة التنقل وهذا ما جعل حركة السير تنساب وينعم المواطن بالتنمية والخدمات علي مستوي القطاعت الستة الأخري بما فيها جزء من قطاع الخرطوم المنكوبة .
غير أن تقرير الهيئة بذاته كشف عن حزمة من المطلوبات والمعوقات التي حالت دون إنسياب العمل بصورة سلسة وتتمثل في إرتفاع تكلفة إيجارات معدات العمل والتشغيل ، وإرتفاع تكلفة تشييد الطرق علاوة علي تراكم المديونيات علي الهيئة بجانب تعدد وكثرة إعتراضات المواطنين في تنفيذ أعمال الطرق والجسور علاوة علي بعض التعديات بالولايات علي الطرق والجسور القومية .
وبالتالي دفعت الهيئة بحزمة من مقترحات الحلول بما يمكنها من أداء مهمتها ورسالتها ، أمن عليها عضو مجلس السيادة ووجه بموجبها الجهات ذات الصلة بالمركز والولايات بإعتمادها والعمل عليها لتسهيل مهمة الهيئة لمواصلة دورها في تهيئة البيئة المدنية .
وما يؤكد علي إستعداد إدارة الهيئة وجاهزيتها ، دفعت حالا بحزمة من مقترحات الحلول والمعالجات ربما يصعب تنفيذها الآن ولكنها تظل مطلوبات وضرورية ، وتتمثل في إعفاء كميات مقدرة من الأسفلت من الرسوم لتقليل التكلفة ، مساهمة وزارة الماية في تأهيل الطرق القومية بدلا عن الإعتماد في ذلك علي رسوم عبور الطرق التي لا تتناسب مع التكلفة العالية لصناعة الطرق ، التركيز علي تأهيل وتوسعة الطرق القومية عير التمويل الخارجي ، بإعتبار أن الطرق والجسور هي أساس التنمية والخدمات لا سيما في بلد مترامي الأطراف كالسودان .
الرادار .. الأربعاء 18 إكتوبر 2023 .