كل الحقب السياسية التي مرت علي هذه البلاد تحور فيها مرض الإستهبال السياسي وتحول الي نوع آخر وهو الإستنكاح السياسي ، هذا حير كل النطاسين السياسين وأصحاب المعالجة لهذا المرض فكم من إختصاصي سياسي قذف سماعته ووضع يديه في رأسه حيرة جراء هذه الظاهرة ، حتي إبليس صفق وأشاد بعدد من المستنكحين السياسين هنا في بلدي ودق لهم موسيقي (الزنق )ورقص علي انغامها متجدعا !!
في عهد نميري والذي تحول من عسكري إلى نظام شمولي صنع جسم تشريعي آنذاك يسمي الإتحاد الإشتراكي هذا الجسم كان بؤرة للاستنكاح السياسي وكان العصا التي يهش بقوة بها النميري علي الغنم السياسية التي تخالف راعي الإتحاد الاشتراكي وإن أبت تركب السجن ، كان للإتحاد الاشتراكي فنانين ومصفقاتية وهتيفة وضاربي طبول يصنعون المفردة ويلحنونها ويجبرون الشعب علي الترديد خلفهم مثال لذلك ابوكم مين …نميري… ريسكم مين …نميري، ويا اب عاج دراج المحن وبايعناك .. للجمهورية الخ ، عندما سافر النميري إلي أمريكا انقلب عليه المشير سوار الذهب وسريعا ما إختفي المستنكحون ولبدوا كما لبد (أبو النوم )الآن في جيوب العاملين بالدولة ! ولم تقم لهم قائمة حتي الآن
لم يشهد عهد سوار الدهب إستنكاحا سياسيا لأن فترة حكمه كانت قصيرة وهو حاكم صادق قال والتزم واوفي ، عندما ياتي الصادق يتلاشي المستنكحون هذه معادلة سياسية وعندما ياتي سواق الخلا السياسي يكثر المستنكحون كما حدث بعد سقوط البشير
الصادق المهدي أيضا لم ينجو من تيار الاستنكاح السياسي العريض الذي إلتف حوله بل اضاعوه واي فتي اضاعوا؟ حتي وصلت البلاد ضعفا مزريا وانقلب عليه البشير ،أما البشير شهد عهده ألوان طيف من الاستنكاح السياسي استنكاح ملون حدث فيه قفز بالزانة لبعض المستنكحين حتي وصلوا أعلي مفاصل الحكم وكان البشير يعتمد عليهم كثيرا لكن في نهاية أمره خان منهم من خان وهرب من هرب ولبد من لبد و(كتل ملف بي غادي من كتل ) !
أما في عهد حمدوك ظهر الاستنكاح الأصلي (ودا ذاتوا الاستنكاح المصفي من امو )!، مثال سنعبر وننتصر لم نعبر ووقعنا (بردلب) وتفينا خشمنا ولم ننتصر ، القومة للوطن قمنا ولم نقعد لكن قعد الوطن وتكلس، فترة حمدوك مدنيا شهدت أعظم فترات الاستنكاح السياسي لم يشهده تاريخ السودان من قبل بل مرض الاستنكاح ظل باقيا حتي قبل الحرب ممثلا في الاطاري الذي إنفجر إطاره حربا
عندما تقول لإمراة قبيحة انت اجمل نساء الدنيا… هذا إستنكاح عاطفي! وعندما تقول لست شاي جميلة (شايها) كعب! دا أحسن شاي هذا استنكاح (كيف) ساكت ! وعندما تقول لا للحرب ظاهرا وتدعم وتقف مع المليشيا المتمردة
هذا قمة الاستنكاح السياسي ، تبا… ثم تبا… لكل مستنكح أثيم.