mariodmariod@gmail.com
بضعٌ وثلاثون قرية تناثرت كحبيبات العقد النضيد تزين جيد نهر الرهد الممتد سماحة وجمالا على تلك الربى والوهاد يسقى الأرض البكر والحرث والنسل فتخرج الزرع شطئانها غليظة تعانق السماء كل صباح.
ساعتين ونصف الا قليلا والعربة التى تقلنا تترنح وتتمايل بين تلك التلال والربى تمشى بنا جهة (الصعيد) نحو (المفازة).. تلك المدينة الجميلة الرائعة الضاربة فى جذور التاريخ والتى أقل ما توصف به أنها (جنة الله في أرضه).
المفازة ذاك التاريخ التليد والجمال الأخاذ والأرض البكر التى تحتضن كل زائر وتحتفى بكل قادم اليها.. كرمٌ وجودٌ من قديم الزمان لاينقطع.. تماماً كقطرة ضوءٍ هبطت من نبع مقدس تستوقد القلب حتى يستفيق.
وصلنا إليها والشمس مائلة نحو مغيبها تتلاشي شيئا فشيئا لتغيب من الوجود خلف تلك الغابات المطيرة الممتدة على الضفة الشرقية لنهر الرهد.
تجولتُ فى أزقتها وحواريها.. صليتُ المغرب فى مسجدها العتيق.
ورُغم كل تلك السنوات الطوال الا أن المفازة لم تزل تحتفظ بألقها وبريقها وبهائها وصفاء سريرة أهلها وكرمهم ا المتوارث جيلا بعد جيل ذات المكان وذات المدينة بكل ثقلها التاريخي الممتد قبل تولد مدن سودانية كثيرة.. عند ماكانت مركزا للإنجليز والمراكز في السودان يومها تحسب على أصابع اليد.. وديوان العمدة *حسن عبدالله ود طه* (عصار المفازة) مفتوحا يستقبل كل زائر.
ذات التاريخ التليد والإنسان الكريم الأصيل.
غدا نواص.. حكايات من من (المفازة) وقصة ميلاد أغنية (شدولك ركب فوق مهرك الجماح)