أخر الأخبار

السفير نصرالدين والي يكتب: الدائرة ستدور علي الدعم السريع

الخرطوم الحاكم نيوز

تتأرجح الدبلوماسية الأمريكية، ولكن علي نحو جيد، كيف؟ ففي تقديري، أن ما طرأ علي الدبلوماسية الأمريكية من حراك مؤخراً علي نحو ما جئت علي ذكره آنفاً، يُبشر، بأنها تمضي في طريق صحيح، كيف؟ الإدارة الأمريكية، كانت تعتقد خطأ بإن الغلبة ستكون للدعم السريع، ولكن رياحها جاءت ليست كما اشتهت سفنها، لماذا؟

أولاً: فالدعم السريع يعتبر في التعريف العسكري، مليشيا، ومليشيا لها تاريخها القريب والمعروف في دارفور، ومن ثمة سيصعب علي الادارة الأمريكية في سياق دستورها وقوانينها، مساندة أي مليشيا، وتبرير التعاطي معها، فهي في نهاية المطاف، ستبقي مليشيا، مهما أطلق عليها من تسميات، ورغم إدراجها في المنظومة العسكرية السودانية بقانون خاص في ١٧ يناير ٢٠١٣، وأجيز ذلك القانون في البرلمان السوداني.

ثانياً: إن التفوق (بالمفهوم العسكري) للدعم السريع. وانتصارها (إن قدر)،لن يتيح للادارة الأمريكية الاعتراف بها، بالإضافة إلي المشكلات الدستورية والقانونية الداخلية في السودان، فالدعم السريع لن يستطيع تبوأ السلطة في البلاد، وما أفرزته الحرب من مرارات تجاهها، يجعل من المستحيل تقبلها كقوة نظامية لها دور في الاسهام في استتباب الأمن والاستقرار؛ كما أن هناك عقبات وتحديات سياسية وتشريعية تمنع الولايات المتحدة من التعاطي مستقبلاً بأي شكل من الأشكال مع الدعم السريع، ثانياً: أن الادارة الأمريكية ظلت تمهد لبناء قضية لادانة الدعم السريع (بعدما توثقت لديها) تقارير من منظمات ذات مصداقية عن الانتهاكات المتعددة التي قامت بها أثناء الحرب، وبشكل خاص ما جري ويجري في دارفور.

وقفة:

الدعم السريع يعيش في مأزق أو قل معضلة!

إن اعلان الدعم السريع لانتصارات لن يجدي فتيلاً.
لماذا؟ ماذا سيفعل بالانتصارات؟ وما هي محصلته النهائية؟ وكيف سيوظفها سياسياً؟ فلا هو سيحكم السودان، ولا سيجد من سيعترف به من قبل السودانيين أو من المجتمع الدولي.

عليه، رأت واشنطن، إنها أمام فرصة أفرزها هذا الواقع، فبنت تحول موقفها بالتأسيس علي الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس بايدن، بإقرار أول عقوبات علي الشركات المرتبطة بالدعم السريع، “برغم أنها شملت شركات تابعة للجيش السوداني؛ للتركيز علي ادانة الدعم السريع بجرائم لن تسقط بالتقادم، جرائم حرب، وانتهاكات جسيمة وثقتها منظمات حقوقية والأمم المتحدة مما حفز المحاكم الجنائية الدولية لفتح تحقيق رسمي حولها.

في ٦ سبتمبر الجاري، أقرت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات علي عبدالرحيم دقلو، شقيق قائد قوات الدعم السريع والقائد الثاني للدعم السريع؛ وفق البيان الصادر عن وزير الخارجية الأمريكي. ولكن، يجب وضع فرض تلك العقوبات في موقعها الصحيح من حيث سياق التعاطي السياسي الأمريكي مع الأزمة السودانية، فيجب ألا يُفهم بأن فرض عقوبات علي عبدالرحيم دقلو، بأنه مناصرة للبرهان، ففي حقيقة الأمر، أن الأمر يجئ بمعزل عن ذلك، و قد اقتضته وطأة الانتهاكات واسعة النطاق لقوات الدعم السريع في دارفور، الأمر الذي دفع الادارة الأمريكية لتعزيز ضغطها الدبلوماسي تحقيقاً لغاياتها السياسية اتساقاً مع تحول جذب بوصلتها الدبلوماسية؛ وستبقي دارفور، كجزء من الحرب في السودان، (القنبلة الموقوتة) في تعاطي واشنطن، وهي الموجه الرئيس لسياستها في السودان علي المدي القريب.

وفي ٦ سبتمبر الجاري أيضاً، فرضت وزارة الخارجية أيضاً، قيود على منح التأشيرة للواء عبدالرحمن جمعة، في قوات الدعم السريع، وقائد قطاع غرب دارفور، وتأكيدها لتورطه في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وأشارت مصادر موثوقة (لدي واشنطن) إلى أن قوات الدعم السريع، قد قامت بتاريخ ١٥ يونيو ٢٠٢٣، وبقيادة اللواء عبدالرحمن جمعة، بخطف حاكم غرب دارفور، خميس أبكر، وشقيقه وقتلهما، وكان ذلك بعد مجرد ساعات على إدلاء الوالي خميس أبكر ببيانات علنية تدين أعمال قوات الدعم السريع.

ما قد يحدث:

ممارسة واشنطن لضغوط نوعية علي قوات الدعم السريع، باستهداف قادتها، يشير الي أن الولايات المتحدة بدأت تدرك أن من مصلحتها تحديد الطرف الذي ستمارس عليه ضغطها، لاعتبارات سياسية واستراتيجيه، ولربما، ارتأت أنه من الحكمة، إحداث تغيير بمراجعة توجه أجندتها تجاه أزمة السودان.

تاريخ مسلك توجهات الولايات المتحدة في إدارتها لعلاقاتها الدولية عند الأزمات والحروب، يعتمد بدرجة كبيرة علي ما تقيمه وكالات متعددة، ودوائر بحثيه، وجماعات ضغط، واعلام فاعل، وجميعها تسهم في تشكيل الرأي العام، مع توجيهه للساسة في إختيار الطريق والمنهج الذي يحفظ مصالح الولايات المتحدة، وأمنها القومي.

ويقيني، أن الادارة الأمريكية، الان، تتجه نحو تحديد الطرف الذي ستقف معه بدقة، وفي حالة السودان، ففي تقديري، أنها إختارت الوقوف مع القوات المسلحة، وذلك لاعتبار أنها المؤسسة الوطنية المعترف بها، و لرمزيتها الاعتبارية والسيادية.

ولعل واشنطن، قد مهدت باحترافية دبلوماسية، غير مرئية، ولكنها ملموسة للمستقري للأحداث ومتابعها، لايجاد مساحة لتحركها الدبلوماسي يحقق لها حرية تعاطي أكثر فاعلية وتأثير حيال الوضع في السودان، ولعل، حراكها الاقليمي المتصل من جهة، يقضي بتفعيل اصطحاب المنظمات الاقليمية والشركاء والحلفاء الاقليميين في شراكة وجهد جماعي اقليمي ودولي.

وضمن السياق، قد تشهد الأيام المقبلة، جهود متصلة من قبل الولايات المتحدة، لتوحيد الجبهة الوطنية السودانية الموسعة، (تشارك فيه قوي مدنية مستقلة واسعة، لتمثل رأي رمح جماع خطتها فيما يتصل بالعملية السياسية)؛ لتوظفها في تحريك وتوجيه تفعيل مفاوضات جدة، في الإطار الدبلوماسي المشتمل علي كافة جوانب الحلول المتاحة لادارة الأزمة السودانية. وأعتقد، بأننا مقبلون علي حراك دبلوماسي أمريكي، وإقليمي ايجابي، في شأن الجهود الرامية لوضع الحرب أوزارها في بلادنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى