مسارات – محفوظ عابدين – رمزية (القهوة) في زيارة البرهان للولايات

.

أرتبط تناول (القهوة) عند السودانيين عامة بتعديل( المزاج) وكما معروف فإن لتناول القهوة في بعض مناطق السودان( طقوسا) لا يمكن تجاوز( تراتبيتها) كما في العسكرية ،من طريقة إعدادها وحتى طريقة كيفية( شرابها) ،والتي تبدأ ب(البكري) وتنته بأخر فنجان يسمى (البركة) ،ولاهل السودان وعلاقاتهم بتناول القهوة فقد إرتبطت عندهم( بالتعديل) فهي تعدل (المزاج) ،وايضا كما يقولون تعدل (الخطوة)، والتعديل بصفة عامة إعادة الأمر في وضعه الصحيح لأن المزاج قد يكون (متقلبا) والخطوة قد تكون (متعثرة) ،فان القهوة قد تعدل المزاج وتعدل الخطوة.
وكانت (القهوة) حاضرة عقب خروج الفريق أول عبد الفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة رئيس مجلس السيادة الانتقالي ، من مقر القيادة العامة في وسط الخرطوم ووصوله إلى امدرمان في منطقة كرري،بعد أكثر من ١٢٠ يوما من بدء الحرب التي شنتها مليشيا الدعم السريع ضد الجيش والشعب السوداني.
ونال تناول البرهان القهوة مع ست الشاي (ملك) في كرري الحارة( ١٠٠) الإسكان وفي الشارع العام ووسط الجمهور مع تبادل التحايا والضحكات ،نال هذا المشهد المرتبة الأولى في التعليقات في عملية الخروج من القيادة العامة إلى كرري.
ومن تناوله القهوة في كرري انطلقت زيارة البرهان للولايات بدأت بنهر النيل ثم البحر الاحمر وكسلا واختتمها أمس بالنيل الازرق ,والملاحظ أن كل هذه الولايات لها ارتباط كبير بالقهوة مثل البحر الاحمر وكسلا بدرجة أعلى وبعض هذه الولايات مجاور مباشرة للحبشة المشهورة بإنتاج( البن) مثل كسلا والنيل الأزرق ومنها جوار غير مباشر مثل نهر النيل والبحر الأحمر.
فالولايات التي ساندت القوات المسلحة في حربها ضد المليشيا بالمؤازرة وبالمال والرجال والقوافل ،وتصدت لمجموعات المليشيا العابرين بها مثل شمال كردفان أو الهاربين إليها مثل الجزيرة والنيل الابيض ونهر النيل والقصارف.
فإن هذه الولايات تستحق من البرهان أن يعطيها جزءا كبيرا من الوقت والاهتمام أثناء هذه الحرب وبعدها ،فان هذه الزيارة للولايات بدأت بعد تناول البرهان القهوة التي (تعدل) المزاج والخطوة ،فان كثيرا من الأوضاع في الولايات تحتاج إلى (تعديل) ،والى أن تستقيم الأمور فيها بشكل واضح ،وأول هذه الأشياء هو تأسيس (حكم اتحادي) مبني على المساواة والعدل، وإيجاد قانون يحفظ الحقوق لكل الولايات ويعالج الخلل الكبير الذي تركته (حكومة حمدوك) و(اتفاقية جوبا) ،فلا يعقل أن تكون (خمس) ولايات مثل ولايات دارفور ان تكون (أقليما واحدا)،ولايعقل أن تكون ولاية (واحدة) مثل ولاية النيل الأزرق أن تكون( أقليما) ولايمكن أن يكون بقية السودان (ولايات) فلابد أن تتساوى كل المناطق إما (ولايات) أو (أقاليم) لأن هذه الازدواجية والخلل الظاهر لابد أن يعالج جذريا خاصة وأن البرهان قال في الدمازين لايمكن العودة إلى ماقبل ( ١٥أبريل) وهذا الخلل الذي نشهده هو واحد من أكبر سلبيات ما (قبل ١٥ أبريل).
فإن كان البرهان قد عدل مزاجه ب(القهوة) في كرري وعطبرة وبورتسودان وكسلا والدمازين فلابد من (تعديل) خلل الحكم الاتحادي بقانون يحقق العدالة والمساواة بين ولايات السودان.

Exit mobile version