أخر الأخبار

تأملات – جمال عنقرة – قمة القاهرة .. قمة الثوابت والمرتكزات

لن أبدأ المقال بما يبدأ به كثيرون في مثل هذه الحالات، وهم عادة ما يقولون “مثلما توقعنا” ولا أفعل ذلك تواضعا، ولكن الأمر اصلا لم يكن في حاجة إلى اجتهاد، أو عبقرية، فمصر بتاريخها الطويل، وبمعرفتها للسودان والسودانيين، وقضاياهم وتحدياتهم، وبحرصها علي أمن ووحدة، وتماسك، وسلامة السودان، وبقيادتها الحكيمة الراشدة، حددت محاور ومرتكزات حلول الأزمة السودانية، وذلك ما أشرت إليه في مقالي ليلة القمة، والذي كان عنوانه “قمة القاهرة .. مصر ست القهوة” وجاء البيان الختامي للقمة مؤكدا ومعززا لكل المرتكزات التي حددتها مصر للقمة، ودعونا نقرأ معا مرة ثانية البيان الختامي للقمة.
بدعوة من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، شارك رؤساء دول وحكومات جمهورية أفريقيا الوسطي، وتشاد، وإريتريا، وإثيوبيا، وليبيا، وجنوب السودان، في قمة لدول جوار السودان بالقاهرة يوم ۱۳ يوليو ،۲۰۲۳، بحضور رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي وأمين عام جامعة الدول العربية، لبحث كيفية معالجة الأزمة السودانية حيث توافق المشاركون على ما يلي:
1. الإعراب عن القلق العميق إزاء استمرار العمليات العسكرية والتدهور الحاد للوضع الأمني والإنساني في السودان، ومناشدة الأطراف المتحاربة على وقف التصعيد والالتزام بالوقف الفوري والمستدام لإطلاق النار لإنهاء الحرب، وتجنب إزهاق أرواح المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب السوداني وإتلاف الممتلكات.
2. التأكيد على الاحترام الكامل لسيادة ووحدة السودان وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شئونه الداخلية، والتعامل مع النزاع القائم باعتباره شأناً داخلياً، والتشديد على أهمية عدم تدخل أي أطراف خارجية في الأزمة بما يعيق جهود احتوائها ويطيل من أمدها.
3. التأكيد على أهمية الحفاظ على الدولة السودانية ومقدراتها ومؤسساتها، ومنع تفككها أو تشرذمها وانتشار عوامل الفوضى بما في ذلك الإرهاب والجريمة المنظمة في محيطها، وهو الأمر الذي سيكون له تداعيات بالغة الخطورة على أمن واستقرار دول الجوار والمنطقة ككل.
4. أهمية التعامل مع الأزمة الراهنة وتبعاتها الإنسانية بشكل جاد وشامل يأخذ في الاعتبار أن استمرار الأزمة سيترتب عليه زيادة النازحين وتدفق المزيد من الفارين من الصراع إلى دول الجوار، الأمر الذي سيمثل ضغطاً إضافياً على مواردها يتجاوز قدرتها على الاستيعاب، وهو ما يقتضي ضرورة تحمل المجتمع الدولي والدول المانحة لمسئوليتهما في تخصيص مبالغ مناسبة من التعهدات التي تم الإعلان عنها في المؤتمر الإغاثي لدعم السودان، والذي عقد يوم 19 يونيو ۲۰۲۳ بحضور دول الجوار.
5. الإعراب عن القلق البالغ إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان، وإدانة الاعتداءات المتكررة على المدنيين والمرافق الصحية والخدمية، ومناشدة كافة أطراف المجتمع الدولي لبذل قصارى الجهد لتوفير المساعدات الإغاثية العاجلة لمعالجة النقص الحاد في الأغذية والأدوية ومستلزمات الرعاية الصحية، بما يخفف من وطأة التداعيات الخطيرة للأزمة على المدنيين الأبرياء.
6. الاتفاق على تسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية المقدمة للسودان عبر أراضي دول الجوار، وذلك بالتنسيق مع الوكالات والمنظمات الدولية المعنية، وتشجيع العبور الآمن للمساعدات لإيصالها للمناطق الأكثر احتياجاً داخل السودان، ودعوة مختلف الأطراف السودانية لتوفير الحماية اللازمة لموظفي الإغاثة الدولية.
7. التأكيد على أهمية الحل السياسي لوقف الصراع الدائر، وإطلاق حوار جامع للأطراف السودانية يهدف لبدء عملية سياسية شاملة تلبي طموحات وتطلعات الشعب السوداني في الأمن والرخاء والاستقرار.
8. الاتفاق على تشكيل آليه وزارية بشأن الأزمة السودانية على مستوى وزراء خارجية دول الجوار، تعقد اجتماعها الأول في جمهورية تشاد، لاتخاذ ما يلي:
▪ وضع خطة عمل تنفيذية تتضمن وضع حلول عملية وقابلة للتنفيذ لوقف الاقتتال والتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية عبر التواصل المباشر مع الأطراف السودانية المختلفة، في تكاملية مع الآليات القائمة، بما فيها الايجاد والاتحاد الأفريقي.
▪ تكليف آلية الاتصال ببحث الإجراءات التنفيذية المطلوبة لمعالجة تداعيات الأزمة السودانية على مستقبل استقرار السودان ووحدته وسلامة أراضيه، والحفاظ على مؤسساته الوطنية ومنعها من الانهيار، ووضع الضمانات التي تكفل الحد من الآثار السلبية للأزمة على دول الجوار، ودراسة آلية إيصال المساعدات الإنسانية والاغاثية إلى الشعب السوداني.
▪ تعرض الآلية نتائج اجتماعاتها وما توصلت إليه من توصيات على القمة القادمة لدول جوار السودان.
وبرغم وضوح البيان، لكن لا بد من الإشارة إلى بعض البنود المهمة التي تمثل المعالجات الأساسية للأزمة، والمرتكزات المحورية للحل، ومنها المناشدة لوقف التصعيد والالتزام بوقف فوري ومستدام، والتأكيد علي الإحترام الكامل لسيادة السودان وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، والحفاظ علي مؤسسات الدولة السودانية ومقدراتها، وأهمية الحل السياسي، لوقف الصراع الدائر، وإطلاق حوار جامع للأطراف السودانية، وتشكيل آلية للتنفيذ والمتابعة، والزام دول الجوار للتعاون لمعالجة الآثار الإنسانية للأزمة.
وفي تقديري – وتقدير كثيرين – أن مجلس السيادة تعاطي مع مخرجات قمة القاهرة بايجابية ومسؤولية، وعبر عن ذلك في بيان واضح وحاسم، جاء فيه:
ترحب حكومة السودان بمخرجات قمة دول جوار السودان التي إنعقدت اليوم 13يوليو 2023 بالقاهرة ، وتتقدم بالشكر لجمهورية مصر العربية ولفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي على الدعوة واستضافة هذه القمة الهامة التي ترمي إلى استعادة الاستقرار والأمن في ربوع بلادنا الحبيبة، أيضاً نتقدم بشكرنا لدول جوار السودان التي أبدت مواقف داعمة لأمن واستقرار السودان والحفاظ على وحدته وسلامته وسيادته ودعمها لشعب السودان لتجاوز هذه المحنة .
نتقدم بالشكر أيضاً للمملكة العربية السعودية لمسعاها المتواصل من خلال منبر جدة وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية من أجل دعم وقف الحرب وإنهاء معاناة السودانين.
تؤكد حكومة السودان حرصها على العمل مع كل الأطراف الساعية لوقف الحرب وعودة الأمن والطمأنينة لربوع بلادنا الحبيبة، وتؤكد أن القوات المسلحة السودانية مستعدة لوقف العمليات العسكرية فوراً إذا التزمت المليشيا المتمردة بالتوقف عن مهاجمة المساكن والأحياء والأعيان المدنية والمرافق الحكومية وقطع الطرق وأعمال النهب.
مع الالتزام بابتدار حوار سياسي فور توقف الحرب يفضي إلى تشكيل حكومة مدنية تقود البلاد خلال فترة انتقالية تنتهي بانتخابات يشارك فيها جميع السودانين.
تجدد حكومة السودان شكرها لفخامة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ودول جوار السودان.
ونعود بإذن الله تعالى لمناقشة مخرجات قمة القاهرة ومسؤولية كل الأطراف، لا سيما أهل السودان، وفي مقدمتهم الأحزاب والقوي السياسية وبقية النخب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى