بقلم : إبراهيم عربي
كتبنا من قبل عدة مقالات بشأن الحالة الكردفانية وقلنا أنها أصبحت بلد هاملة يقدل فيها الورل ..! ، وحذرنا بشدة من خلالها الجهات المسؤولة من تجاوز كردفان وطالبناها بمسار خاص للإقليم ضمن مسارات الجبهة الثورية التي نراها خطوة غير موفقة تقود لتقسيم السودان ، لا سيما بعدما انكشفت النوايا التي كانت تهدف لأن يتفرق الدم الكردفاني بين أهواء (التوم هجو ، مالك عقار ، جبريل ، الحلو وآخرين) وما يدعو للتعجب ظهور صراع داخل تيارات الحركة بين آدم عيسي حسابو الذي فر للخارج بجلده متوجسا والتوم حامد توتو (الناجي من مشنقة البشير) وكل يريد الظفر برئاسة الإقليم ، بينما جاء التوم هجو بالمدعو ياسين سيدا علي شمالها الهاملة ، ولكنهم كانوا يجهلون التسونامي الكردفاني ..!
بالأمس ضرب التسونامي الكردفاني حركة العدل والمساواة السودانية في مقتل ، إذ أعلنت مجموعة من أبناء إقليم كردفان عن إنسلاخها من الحركة ، وكشف كل من عبد الهادي محمد آدم ومحمد سومي وإبراهيم الخور وأحمد عريبي وآخرين في مؤتمر صحفي أمس الأحد بمركز الحاكم للخدمات الصحفية عن عدة أسباب قالوا جعلتهم يعلنون إنسلاخهم عن الحركة من بينها إنحرافها عن المنفستو المؤسس ونظامها الأساسي .
وقالوا إن الحركة خانت دماء الشهداء وتنكرت لهم وحادت عن التحول الديمقراطي وإرادة الشعب فأصبحت متماهية مع العسكر ضد توجهات ثورة ديسمبر 2019 ، مؤكدين مفاصلتهم للحركة نهائيا ، وإنتهاجهم العمل السلمي المدني ولكنهم لم يكشفوا عن وجهتهم ..!.
بلاشك إنها من أكبر الأخطاء التي ستندم عليها حركة العدل والمساواة لتفريطها في أبناء كردفان الذين أخلصوا لها النية أيما إخلاص حيث تشهد لهم كافة معاركها مع النظام السابق في دارفور وكردفان لاسيما أحداث أم درمان وأبو زبد وغبيش وهجليج وأبوكرشولا وودبندة وأم روابة وقوز دونقو وغيرها ، ويمثلون 50% تقريبا من قوة الحركة السياسية والعسكرية ، وكان لهؤلاء الفضل مع رفاقهم في تطور الحركة ونموها وإزدهارها حتي قوي عودها وأصبحت يشار إليها بالبنان فوصلت لما وصلت إليه الآن ..!.
رحم الله الدكتور خليل إبراهيم فقد كان نعم القائد إستطاع أن يحافظ علي قومية الحركة وتماسكها وعنفوانها الذي تحقق لها بفضل إخلاص هؤلاء الرجال الذين إسترخصوا دماءهم وأموالهم لأجل أن تصبح حركة العدل والمساواة قوية عسكريا وسياسيا يهابها الأعداء ويستنصر بها الأصدقاء .
بلا شك إنها بداية النهاية لوحدة حركة العدل والمساواة في عهد الدكتور جبريل الذي لم يكتب الله له بزيارة لدارفور حيث تطارده لعنات النازحين واللاجئين والضعفاء من الأرامل والأيتام والفقراء والمساكين من أهل السودان أينما حل ، هذا الجبريل ترك الحركة مرتعا لأهواء المقربين منه (4 طويلة) وكأنها شركة خاصة لآل البيت ، جبريل الذي إستأسد بكرسي وزارة المالية الإتحادية من فشل لفشل ويكفي أن مستشفي أم روابة المرشحة عاصمة مستقبلية للسودان والتي إعتدي عليها جبريل ورفاقه من قبل عسكريا لأول مرة في تاريخها يغلق مستشفاها أبوابه بسبب المرتبات وهنالك الكثير ليقال فحدث ولا جرح ..!.
أعتقد تأخر التسونامي الكردفاني كثيرا حفاظا علي وحدة الحركة ، عشما منهم في الإصلاح ولكنهم لم يجدوا منها إلا مزيدا من التسويف والتهميش وإزدواجية المعايير وقد إنحرفت الحركة عن خطها وتوجهها القومي تركيزا علي إثنية محددة (شعب الله المختار) في إقليم دارفور ، دون وضع إعتبارا للآخرين من أبناء الهامش الذين كانوا ينتظرونها ، وبل أغفلت الحركة مطالب أهل إقليم كردفان بمسار تفاوضي في مفاوضات جوبا ولم تقف بجانبهم ، ولم يجدوا منها إلا المزيد من التجاهل والتسويف ، وبالتالي متوقع إنسلاخ مجموعات كردفانية أخري في إطار وحدة صف أبناء كردفان الكبري ..!.
بالطبع لم يكن الإنسلاخ هذا الأول فقد شهدت الحركة في تاريخها العديد من الإنسلاخات لم تتوقف عند مجموعة أبناء كردفان الأولي والثانية ومجموعة محمد بشر (دبجو) والتي إنحازت للسلام بالدوحة فغدرت بهم الحركة في حادثة (بامنا) الدموية بالحدود السودانية التشادية والتي راح ضحيتها قائد المجموعة ونفر كريم من رفاقه وأسرت ما أسرت من الرفاق ، تماما كما أعلنت مجموعة حركة العدل والمساواة السلام الشامل عن إنسلاخها في العام الماضي 2021 وغيرها ، ومثلها أعلن أمين قطاع الشرق وأمين القطاع الأوسط وآخرون بداخل البلاد وخارجها عن تجميد نشاطهم وإبتعادهم عن العمل في صفوف الحركة ولازالت المفاجآت تتري بالمزيد من عمليات الإنسلاخات الأميبية ..!.
في إعتقادي ما يحدث من تسونامي كردفاني داخل حركة العدل والمساواة هو نتاج للخيار والفقوس الذي ظلت تنتهجه الحركة مع هؤلاء ، ولا اتوقع أن يتوقف حكرا علي العدل والمساواة لوحدها ، بل سيضرب التسونامي حزب الأمة الذي أصبح (درقة) لأولاد ميشيل عفلق والمارقين والمطرودين والمنبوذين مجتمعيا وقد بدأت بوادر الأزمة تلوح بسفر نائب الرئيس البلاد للخارج مغاضبا بين التأكيد والنفي ..! ، وبل متوقع أن يجتاح ذات التسونامي ماتبقي من حركات عقار ومناوي والطاهر حجر والهادي إدريس والتوم هجو وتمازج وغيرها بسبب الترتيبات الأمنية وتحولها لأحزاب سياسية في ظل إختلال الموازين وتباين التطلعات مابين الحرب والسلام ، مثلما ضربت الخلافات مكونات قحت (4 طويلة) وشباب الثورة ولجان المقاومة وتجمع المهنيين ومنظمات المجتمع المدني وغيرها، وليس العسكريين والدعامة أنفسهم براء من ذلك ..!.
من الواضح أن البلاد ستدخل في مرحلة تشكل جديدة بدأت تلوح معالمها من تحت طاولة حوار الآلية الثلاثية الذي توقف في مرحلة خطوات تنظيم ..! في ظل تدخلات الكفلاء وممارسة سياسة العصا والجزرة والتي بذاتها ليست بعيدة عن خبث المخابرات وحرب الأجندات وسياسة تقاطعات المصالح ، ولكن ستظل حركة العدل والمساواة الخاسر الأكبر بكل تأكيد، بينما سيتواصل التسونامي الكردفاني نموا وقد بدأت معالمه تتشكل جنينا وسيخرج للعلن بأسنانه راشدا قريبا ..!.
الرادار .. الاثنين 13 يونيو 2022 .