أخر الأخبار

مجزرة الفاشر حاضرة في وجدان الشعب

تقرير : السماني عوض الله

زمنٌ يحاول القتلة شراءه بالصمت والتزوير

ثلاثون يوما مرت على دخول مليشيا الدعم السريع الي مدينة الفاشر بعد فرض حصار عليها قرابة العامين مستخدمة سلاح التجويعركأحد أدوات الحرب .

ولم تكتف بذلك ، بل بعد دخولها الي المدينة مارست أسوة الممارسات وكررت ذات المشاهد التي أرتكبتها في الجنينة وود التنورة والهلالية وعدد من المناطق الأخري في السودان .

وستظل هذه الجرائم عالقة في ذهن كل مواطن ووصمة عار في جبين المجتمع الدولي بالصمت تجاه ما يرتكب بواسطة هذه المليشيا

الباحث في إدارة الأزمات ومكافحة الإرهاب دكتور عبد الناصر سلم يقول إن مرّور شهر على مجزرة الفاشر، لكن المدينة ما زالت تعيش في لحظة واحدة: لحظة سقوطها، لحظة الدم، لحظة المطاردة، ولحظة احتراق الحقيقة نفسها. ما تغيّر خلال هذا الشهر لم يكن حجم الجريمة، بل حجم الجهد المنظّم لدفن آثارها، وكأن الفاعلين أدركوا سريعًا أن السيطرة على الأرض لا تكفي؛ يجب كذلك السيطرة على الذاكرة وعلى كل ما يمكن أن يحكي ما حدث.

إهانة مجتمع كامل

IMG 20250323 WA0008

ويضيف إنه منذ بداية الحصار، كان واضحًا أن الفاشر لم تكن تتعامل مع عملية عسكرية تقليدية، بل مع مشروع يتعامل مع السكان كهدف استراتيجي بحد ذاته. استُخدم التجويع، وقطع الإمدادات، ومطاردة طرق الإغاثة كأدوات حرب، ثم جاء الاقتحام محمّلًا بالعنف الأكثر تطرفًا: إطلاق نار مباشر داخل الأحياء، ملاحقة المدنيين في الأزقة والمنازل، تفتيش على الهوية، واعتداءات جنسية مُمنهجة استُخدمت لإهانة مجتمع كامل وإسقاط معنوياته.

وقال سلم إن هذه الأنماط لا تُبنى على الصدفة، بل على تصور واضح للمدينة باعتبارها “عقبة يجب كسرها”، وجماعات بعينها باعتبارها “خصمًا اجتماعيًا” يجب إزاحته أو إخضاعه.

ويقول دكتور سلم إن الأكثر خطورة أن الاقتحام لم يكن نهاية الجريمة، بل بدايته. فبعد توقف أصوات الرصاص، بدأت مرحلة أشد ظلمة: مرحلة يُقتل فيها الناجون بصورة مختلفة—بالإخفاء، وبدفن الأدلة، وبإحراق الجثث، وبمنع الشهود، وبإنتاج رواية رسمية تُغطي كل ما سبق.

ويضيف إن شهادات محلية متقاطعة رصدت حوادث إحراق الجثث في أطراف المدينة، بعضها جرى في مواقع مفتوحة، والهدف الواضح كان التخلص من الأدلة قبل أن تُوثَّق. لم يكن الإحراق عملًا فرديًا، بل جزءًا من منطق السيطرة عبر إزالة آثار ما حدث، وتحويل الضحايا إلى أثر بلا اسم، وبلا عدد، وبلا إمكانية للمساءلة.

ويؤكد أنه في خضم هذه الفوضى المتعمدة، جاء ما جرى في المستشفى السعودي بالفاشر ليكشف مدى شموليّة الاستهداف. المستشفى، الذي يفترض أنه ملاذ آمن، شهد عمليات قتل لمدنيين جُرحى كانوا يبحثون عن العلاج. بعضهم قُتل داخل غرفهم، وبعضهم قُتل أثناء محاولة الهروب أو الاختباء. هذه الشهادات المتكررة تكشف بوضوح أن الاستهداف لم يكن للمتقاتلين، بل للمدنيين في أكثر أماكنهم هشاشة وضعفًا. عندما يُستهدف الجريح في سريره، فهذا يعني أن الهدف لم يعد السيطرة، بل طمس وجود الفرد نفسه ومنعه من البقاء شاهدًا وناجيًا.

ويقول : لم يقتصر القتل على من بقي داخل المدينة؛ بل طال أيضًا من حاول الفرار. وردت إفادات متقاربة عن قتل عدد من المدنيين أثناء خروجهم من الفاشر باتجاه المناطق الشرقية والشمالية، خاصة في الأيام الأولى بعد الاقتحام. هؤلاء لم يكونوا يحملون سلاحًا، ولم يكونوا طرفًا في قتال، بل كانوا أفرادًا يبحثون عن ممر للنجاة. تم اعتراضهم، وفُتحت النار على بعضهم، في رسالة واضحة بأن الخروج ليس أقل خطرًا من البقاء.

شبكة احتجاز داخل الفاشر

وويقول سلم إنه لإحكام السيطرة على الرواية، أنشأت قوات الدعم السريع شبكة احتجاز داخل الفاشر استخدمت لمنع أي صوت من الوصول إلى خارج المدينة. سجن شالا، مبنى حماية الأسرة والطفل في حي الدرجة الأولى، منزل القيادي سعيد ساركول، مبانٍ داخل مستشفى الأطفال، وقاعات في كلية الطب وكلية أخرى في منطقة البورصة—كلها مواقع استُخدمت لإخفاء المعتقلين، والتحقيق معهم، واحتجاز من يُشتبه بأنهم قادرون على فضح ما يجري. هذه المواقع ليست مجرد منشآت؛ هي جزء من بنية السيطرة على الذاكرة، وتقييد حركة الناجين، وجعل شهاداتهم أكثر صعوبة إن لم تكن مستحيلة.

الصمت ليس حيادًا، بل مساحة زمنية تُمنح للفاعل

ويوضح دكتور عبد الناصر : في مقابل هذا كله، يكشف مرور شهر على المجزرة حجم الصمت الدولي. هذا الصمت ليس حيادًا، بل مساحة زمنية تُمنح للفاعل كي يعيد تشكيل المدينة كما يشاء. فترة شهر هي الفترة الحرجة التي تختفي فيها الجثث، تُدفن الشهادات، تُغيَّر ملامح الأحياء، يُستبدَل السكان، وتُصاغ رواية سياسية جديدة تُغسل بها الجريمة. الأخطر أن هذا الصمت تُستخدم فيه لغة السلام كغطاء لتجاوز الحقوق، وكأن وقف الحرب يمرّ عبر تجاهل العدالة.

ويتساءل سلم : بعد شهر، لم يعد السؤال هو هل وقعت جريمة؟ فهذا أصبح حقيقة واضحة لا تتطلب اجتهادًا. السؤال الآن هو: هل سينجح من ارتكب المجزرة في إعادة كتابة ما حدث، وفي تقديم نفسه للعالم كطرف طبيعي في ترتيبات سياسية قادمة؟ وهل ستُترك الفاشر لتصبح حادثة تُذَوَّب في سياق الحرب بدلاً من أن تكون نقطة فاصلة تحدد ما إذا كان السودان سيتجه نحو عدالة حقيقية أم نحو فوضى بلا نهاية؟

ويقول إن الفاشر ليست قصة عابرة. هي سؤال مفتوح عن معنى العدالة في السودان، وعن معنى الدولة، وعن مستقبل مجتمع يُراد له أن يعتاد على العيش فوق مقابر تُمحى عمداً. من يحاول طمس مجزرة الفاشر لا يكتفي بقتل من سقطوا فيها، بل يحاول قتل قدرتنا على تسمية الأشياء بأسمائها، وقتل حقنا في العدالة، وقتل ما تبقى من ثقة الناس في أن لهذا البلد مستقبلًا مختلفًا.

ولهذا، فإن مرور شهر ليس زمنًا للنسيان، بل زمنًا للمواجهة—مواجهة الصمت، ومواجهة الرواية المصطنعة، ومواجهة النسيان المتعمد. لأن بلدًا يقبل بمجزرة بلا مساءلة، يفتح الطريق لمجازر أخرى قد تكون أكبر، وأقسى، وأكثر انسيابًا في الظلام.

 

مجزرة الفاشر لايمكن طمسها مهما سعت الجهات الدولية

 

تنزيل

ويقول الأكاديمي والأستاذ الجامعي دكتور عبد الملك النعيم إن مجزرة الفاشر لايمكن طمسها مهما سعت الجهات الدولية لذلك لاكثر من سبب اولها انها قد تم توثيقها صورة وصوت وثانيا قد ادانها وزير الخارجية الامريكي وثالثا قد طلب مجلس حقوق الانسان تشكيل لجنة تحقيق اجنبية وتم رفضها من قبل وزارة العدل خشية الا تكون محايدة لتجارب سابقة والان تم تشكيل لجنة وطنية لكن يصعب دخولها الفاشر الآن…

ويقول : السؤال ليس هو طمس الحقيقة بقدرما هو هل سيعاقب المجتمع الدولي المتمردين والمليشيا علي هذه الجرائم بعد ان ادانها؟ ام سيظل التراخي مستمرا والضغط الاماراتي الاسرائيلي اكثر تأثيرا علي امريكا ومؤسسات العدالة الدولية؟؟

 

اكبر مجزرة في تاريخ البشرية

FB IMG 1599393730107

وتري الكاتبة الصحفية سمية سيد إن ن ما حدث في الفاشر بعد اجتياح مليشيا الدعم السريع الشهر الماضي يعد اكبر مجزرة في تاريخ البشرية
للاسف الشديد ورغم ان المأساة أيقظت الضمير العالمي وتفاعل معها ملايين الناس والصحافة والإعلام الحر والبرلمانات الاوربية ، وعرت القنوات الفضائية ذات التأثير على الرأي العام العالمي الفظائع والانتهاكات التي ارتكبها الجنجويد إلا ان المنظمات العدلية والحقوقية الدولية ظلت صامتة دون ان تتخذ فعل ضد المجرمين.

وتضيف سمية إن هذه المنظمات لا تستطيع ان تمنع الامارات دولة العدوان من التوقف عن الامداد العسكري واللوجستي للمليشيا . كما انها فشلت في حظر مد الامارات من السلاح الذي تقتل به الشعب السوداني
الان يوجد اكثر من ١٦٠ الف مواطن مدني داخل الفاشر المحتلة بحسب التقارير الدولية يتعرضون للتعذيب والموت دون ان تتدخل المنظمات الدولية لحمايتهم

وتؤكد سمية سيد أن
النازحين الذين فروا من الموت في الفاشر يعيشون أوضاعا سيئة بسبب نقص الغذاء والرعاية الصحية والماوي
ان ماساة الفاشر فضحت العالم الغربي وفضحت المجتمع الدولي والمنظمات التي تتمشدق بالإنسانية والعدالة وفشلها في حماية الانسانية

لم تُطفئ الذاكرة

IMG ٢٠٢٢٠٥٢٤ ١٠٢٤٥٨
الكاتب الصحفي والخبير في الشؤون الأفريقية.عمار العركي
قال إن
مرور شهر على مجزرة الفاشر، ولم تمر الاسئلة المثارة ولم تُطفئ الذاكرة.، بل جعلت المشهد أكثر وضوحاً وأشد قتامة. فبدلاً من أن تتحرك الجهود لكشف الحقيقة وتحديد المسؤولين، بدا وكأن هناك سباقاً موازياً لدفن الوقائع، وتفكيك المشهد إلى أجزاء صغيرة، وإخراج الجريمة من سياقها السياسي والعسكري.

ويضيف قائلا إنه
منذ الساعات الأولى التي تلت المجزرة، ظهرت مؤشرات على محاولة إعادة صياغة الرواية، تضاربٌ متعمّد في المعلومات، تغييب للشهود، محاصرة للصور، ومساعٍ لإقناع الرأي العام بأنها مجرد “اشتباكات عابرة” . لكن الفاشر ما حدث فيها
بعابر،

ويضيف العركي : كانت الفاشر نقطة انعطاف أراد البعض أن تُنسى سريعاً، لأنها تكشف حجم الخلل، واتساع دائرة المسؤولية، وتشابك الأجندات التي غذّت الحرب.
ومع كل محاولة للطمس، يظهر في المشهد أصوات أهالي الضحايا، والمنظمات التي توثق، والذاكرة الجمعية التي ترفض أن تُمحى. هذه الأصوات هي التي تعيد المجزرة إلى الواجهة كل يوم، وتمنع تحويلها إلى مجرد حدث وخبر عابر وقديم في زحام الحرب .

مرور شهر لم يُنهِ المجزرة

ويقول عمار العركي إن مرور شهر لم يُنهِ المجزرة… بل كشف أن الجريمة لا تزال مستمرة بصور أخرى.في صمت العالم، وفي ضعف المواقف، وفي محاولات تحويل الحقيقة إلى ضحية ثانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × 3 =

زر الذهاب إلى الأعلى