على مستوى الولايات المتحدة:
1. قد ينتعش الاقتصاد الأمريكي و ينمو بشكل ملحوظ، و ستنخفض مستويات البطالة تبعا لذلك.و قد يلجأ ترامب إلى تقديم تسهيلات و محفزات كبيرة على الشركات الأمريكية لتوطين صناعتها ( حاليا تنتج في الصين و دول أخرى ) و سيؤدي ذلك إلى توفير الفرص الوظيفية و يزيد الناتج القومي و يؤثر سلبا على الاقتصاد الصيني.
2. قد يتبدد أحلام الراغبين في الهجرة إلى امريكا و ستتضاءل فرص توفيق أوضاع المهاجرين غير الشرعيين و قد يتم إبعادهم. خاصة و أنه يملك أغلبية في مجلسي النواب و الشيوخ الامر الذي سيمكّنه من تبني تشريعات و قوانين و مواقف أكثر راديكالية ضد المهاجرين و قضايا الهجرة. و قد يصل الأمر إلى إلغاء برامج الهجرة إلى أمريكا (اللوتري).
3. ستنكمش برامج الحماية الاجتماعية بشكل كبير (food stamps – Medicaid – Medicare – SNAP ) اذ من المتوقع أن يقوم ترامب بتخفيض الميزانيات المخصصة لهذه البرامج ( اكثر الفئات المستفيدة منها الأقليات و المهاجرين ) .
4. قد تنشط و ترتفع أصوات المجموعات المتطرفة الشعوبية المتشددة مثل ( صفوية البيض ) ( white supremacy ) و النازيون الجدد و الجماعات المناهضة للمهاجرين.
على المستوى الخارجي:
١-روسيا و الناتو.
سيواجه حلف الناتو تحديات كبيرة قد يعسف بتماسكه لصالح روسيا و قد ينتج عن ذلك حلف أوربي خالص مهادن لروسيا و و قد تخفض امريكا مساهمتها في الناتو ما قد سيؤدي إلى توقف تمدد الناتو شرقا. تخلي الناتو عن برنامجها التوسعي شرقا ( أوكرانيا ) يعني إنتهاء الحرب الأطلسية الروسية في أوكرانيا تلقائيا، و ستكون ألمانيا اكثر الدول استفادة من إنتهاء الحرب ( الروسية الاوكرانية ) و سينتعش الاقتصاد الأوربي بشكل لافت بتخفيض ميزانيات الدفاع و استئناف التجارة المباشرة بين روسيا و اوربا.
او :
السيناريو الاخر هو أن تخفض الولايات المتحدة دعمها العسكري المباشر إلى أوكرانيا بشكل دراماتيكي و قد توقفه بالكامل الأمر الذي سيدفع بدول الناتو الأخرى للتفكير مليا في جدوى الحرب، خاصة و أن أوروبا هو الخاسر الأكبر من هذه الحرب التي اثقلت كاهله بالديون و أضعفته اقتصاديا الأمر الذي سيدفعه إلى إيقاف الحرب لانتفاء الأسباب.
٢- الصين.
ستتدهور العلاقات الأمريكية الصينية ( اقتصاديا ) لا محال إلى ادنى مستوياتها و ستبلغ الحرب الباردة و السايبريانية بينهما ذروتها، و ستكون الصين واحدة من الدول الأكثر تضررا من فوز ترامب الذي يؤمن أن الاقتصادي الصيني نما على حساب أمريكا و على أكتافها .
٣- ايران.
ستكون ايران ثاني اكثر دولة تضررا من فوز ترامب و ربما اكثرها، إذ من المتوقع أن تكون سياسة ترامب متشددة جدا تجاه ايران، و قد تصل إلى توجيه ضربة عسكرية قوية على المفاعلات النووية الإيرانية ما قد يؤدي إلى اشتعال المنطقة بأكملها إذا لم تدر الأطراف خلافاتها بالحكمة و العقلانية .
٤-كوريا الشمالية:
من المتوقع أن يشهد هذا الملف هدوءا نسبيا حذرا ، اذ من غير المتوقع ان تصعد كوريا الشمالية من تهديداتها على امريكا و حليفاتها ( كوريا الجنوبية و اليابان ) خاصة و أن روسيا إحدى كبريات الدول الحليفة لكوريا الشمالية ستدفع في إتجاه التهدئة مقابل طي صفحة توسع الأطلسي شرقا.
٥- إسرائيل:
من غير المتوقع أن تحدث أية تغييرات في السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل في عهد ترامب او تختلف كثيرا عن ادارة الرئيس الحالي جوزيف بايدن و سيستمر و يزداد الدعم السياسي و العسكري الأمريكي لاسرائيل، و قد يفلح ترامب في إبرام صفقة بين إسرائيل و الفلسطينين بكفة راجحة لصالح إسرائيل. و على الصعيد العربي فمن المرجح ان يبلغ التطبيع العربي الإسرائيلي مداه خلال ادارة ترامب الجديدة بانضمام عدد معتبر من الدول العربية إلى اتفاقات إبراهيم التي بدأت بالإمارات العربية المتحدة و مملكة البحرين و دخلت دول أخرى في حوارات بشأنها في نهاية دورة ترامب الاولى الحوارات التي نشط فيها جاريد كوشنر صهر الرئيس ترامب.
٦- السودان.
قد تسوء الأمور و تداعيات الحرب اكثر في السودان، فمن المتوقع أن تزداد تدفق الأسلحة و المساعدات العسكرية إلى الدعم السريع لكون سياسة الرئيس دونالد ترامب الخارجية تقوم على مبدأ ( أمريكا أولا ) و تميل حيث مالت المصلحة الاقتصادية لأمريكا و ربما حلفائها ما لم يكن ذلك على حساب الأمن القومي الأمريكي، حيث تجد رعاة الدعم السريع الفرصة لزيادة دعمها العسكري مستفيدة من سياسة ( أمريكا اولا ) مع اعتمادها على أن ترامب سيغض الطرف عن تصرفات و أفعال هذه الدول للعلاقة القوية التي تربطه بقيادات هذه الدول او بترجيح المصلحة الاقتصادية التي ستتحقق لأمريكا ضمن صفقات ( أمريكا أولا ).
من ناحية أخرى قد يقل الاهتمام الأمريكي بملف السودان بشكل لافت لدرجة تصل إلى عدم تعيين مبعوث جديد للسودان، و على النقيض قد تستفيد الحكومة من عدم مبالاة ترامب بالملفات التي ليست لأمريكا مصلحة مباشرة أو لا تضر بمبدأ ( أمريكا أولا )، و ذلك بتقوية صلاتها مع روسيا و الصين و ربما ايران لتقوية و تحديث تسليح القوات المسلحة السودانية حتى تحقق تفوقا مستمرا على الدعم السريع بغرض كسب الحرب.
من المتوقع أن يضعف الإهتمام الدولي بالسودان ( ابتلاء الناتو بشؤونه الداخلية و التحديات الاقتصادية العالمية و آثار الحروب الجارية حاليا و اللاحقة ) و لذلك ستفشل مساعي فرض حظر الطيران و الأسلحة إلى السودان، و الذي لن يتم إلا بقرار من مجلس الامن الدولي، و انتفاء المصلحة لا يدفع ترامب إلى دعم المشروع و لكون مشروع القرار سيواجه بفيتو روسي دون تردد او صيني.
و المحصلة النهائية للوضع العالمي الجديد الناتج عن فوز ترامب تتمثل في انتهاء الحرب في أوكرانيا و تتدهور العلاقات الأمريكية الصينية بشكل مريع قد تسبب في اضطراب دولي جديد، و ستضطر ايران للتخلي عن برنامجها النووي او تجمده لتفادي المواجهة العسكرية مع امريكا، و ستستمر إسرائيل في سياسة القبضة الحديدية ضد حزب الله قد تصل إلى اجتياح لبنان، و فلسطينيا سيتم توقيع اتفاق لصالح إسرائيل نظير وقف أعمال القتل و العنف ضد الفلسطينين، و سودانيا قد تصب الأمور في اتجاه اطالة أمد الحرب في البلاد ما لم توظف الحكومة السودانية التناقضات الدولية للنظام العالمي الجديد في عهد ترامب لمصلحتها، حيث تستمر رعاة الدعم السريع في ارسال الامدادات العسكرية و اللوجستية اليها لثقة هذه الدول من أنها ستفلت عن الحساب و العقاب.
معتصم أحمد صالح
٧ / ١١ / ٢٠٢٤