عمار العركي
• خطاب الرئيس عبدالفتاح البرهان العالمى المطابق لمواصفات الجودة و المقاييس ،وجد الإشادة و الرضا ، و تم تحليليه و تقييمه من كل الزوايا و إتفق الجميع على شموله وعمومه و نجاعته الموضوعية و الإستراتيجية و تحقيقه لكثير من الأهداف و المرامي و لم يترك شاردة و لا واردة إلا و أحصها و وضع رسائله و مقاصده في بريد الجميع كل بما يستحق ، و لكن هنالك زوايا أكثر أهمية و أسئلة أجاب عليها الخطاب لم يتم التطرق لها.
• (٧٤٢) هي عدد الكلمات التي حواها مضمون الخطاب المحيط و الشامل مما يشير إلى ذكاء و براعة لجنة الإعداد و الصياغة التي برعت في الشمول و كامل الإحاطة في إيجاز لغوي و زمنى دون إخلال.
• لا شك هنالك جهات و عقول سُودانية وطنية خبيرة عملت بتخطيط أكاديمي سياسي عسكري إستراتيجي متناغم و متفاهم منذ اليوم الأول للحرب وفق أدوار و تكتيكات محسوبة بدقة فتكاملت و إتسقت الأدوار و المسارات الدبلوماسية و السياسية و العسكرية فشكلت غالبية الحيثيات و الشواهد و الأساس الذي قام عليه مبنى و معنى الخطاب .
• زادت وتيرة التخطيط السياسى و الإستراتيجي لمحاور الخطاب منذ لحظة خروج القائد العام و الرئيس البرهان من القيادة العامة ، و حتى لحظة إلقاء خطابه للعالم و للجمعية العامة للأمم المتحدة و اللقاءات الجانبية المصاحبة فكان الخطاب ترجمة و شرح لما تم من تخطيط جيد و حصاد لثماره
• الخطاب أكد على ما ذهبنا له بأن خروج البرهان جأء بتوافق المطبخ الإستراتيجي بضرورة الخروج بعد حسم المعركة العسكرية من أجل حسم المعركة السياسية و التى هي أشد ضراوة و خطورة من المعركة العسكرية فكان لابد من “خطوات التنظيم” للمعركة العسكرية المتقدمة حتى تلحق بها المعركة السياسية “و تصطف معها في حذية واحدة”
• خطاب البرهان الإستراتيجي المستوفي لكل معايير الجودة و المقاييس اوضح بجلاء، لماذا يتم إستهداف القوات المسلحة بتفكيكها و أن تذهب للثكنات و تبعد من السياسات؟
• فالذاكرة السياسية القريبة بالمنطقة تقول بأن الأوضاع الشبيهة للسودان في كل من ليبيا و اليمن مطلع عام 2011م حيث إنهارت الأجهزة الرسمية في الدولتين بما فيها قوات شعبها المسلحة كهدف إستراتيجي للدول المتأمرة فإتجهت ليبيا نحو حرب أهلية، و وإستولي المتمردون على السلطة فى اليمن ، وهو ذات السيناريو الذى أُريد تطبيقه في السودان بعد إبعاد الجيش من الحياة السياسية بعد تفكيككه و إضعافه و هيكلته و لكن إستراتيجية القوات المسلحة وخبرتها في إدارة الأزمة و الحرب السياسية و العسكرية قلبت السحر على الساحر و جعلت من خطاب البرهان وثيقة إتهام واثقة و قوية لأي جهة ضالعة و متورطة مع الميلشيا الإرهابية .
• و لمزيد توضيح زاوية النظر الإستراتيجي بشكل عملي أستدل بمقالنا السابق في أكتوبر 2022م ، عن السياسة و الإستراتيجية العسكرية بمناسبة إنطلاق “تمرين المباراة الإستراتيجية” الذى جاء فيه :-
• أعلنت القوات المسلحة. عن انطلاق تمرين المباراة الإستراتيجية (الوعد الحق) لدورتي الدفاع الوطني رقم (34) و الحرب العليا رقم (22) بأكاديمية نميري العسكرية العليا في الفترة من 23 أكتوبر الجارب و حتى 3 نوفمبر المقبل .
• وبحسب موقع الطابية اللإكتروني الذى أورد تفاصيل مهمة على لسان مدير أكاديمية نميري العسكرية العليا اللواء ” أبو بكر عيسى” الذي قال أن التمرين ذو جانبين يتم تنفيذه على المستوى الإستراتيجي و العملياتي مُشيراً أن التمرين يهدف إلى (تمرين الدارسين على إدارة الأزمة السياسية و العسكرية) وفق التخطيط الإستراتيجي على مستوى القيادة السياسية العسكرية و مجلس الأمن و الدفاع و من ثم إدارة صراع مسلح على المستوى العملياتي تخطيطاً و تنفيذاً أو ما يعرف بلعبة الحرب الإلكترونية و ينتهي بإدارة تفاوض سياسي عسكري و من ثم إجراء ( التسوية السياسية) .
• وقال اللواء أبو بكر إن التمرين يُمثل خلاصة التمارين التي يقوم بها الدارسين في الكليتين خلال العام الدراسى مشيراً إلى أن من أهداف التمرين إبراز دور الأمانة العامة لمجلس الأمن و الدفاع في التخطيط و التنفيذ بجانب عدد من الدروس المراد إبرازها من خلال فعاليات التمرين وأضاف أن فعاليات التمرين تحظى بإهتمام كبير على مستوى القيادة العامة و مجلس الأمن و الدفاع .
• يأتي تمربن الجيش في ظل الأزمة السياسية المستفحلة معلناً إنسحابه المشهد السياسى إسهاماً في الحل تلاحقه بعض المطالب بأن يواصل إنسحابه “للثكنات” مما يُفسر بأن الجيش ( إعتزل اللعب لكنه لا زال يتمرن) الأمر الذي يتطلب أكثر من مقال تحليلي لأن الخبر يحمل بين سطوره العديد من الوقائع و المضامين إضافةً لضرورة التوضيح و التعريف بماهية السياسية العسكرية “Militarism” و بحسب المصطلح هي (إعتقاد أو رغبة حكومة أو شعب بأن بلداً ما يجب أن تظل قوية عسكرياً و في حالة إستعداد لإستخدام تلك القوة للدفاع أو تحقيق الرغبات القومية) و بالضرورة مقارنتها ( بالسياسبة الملكية أو المدنية) لمعرفة المدى الأكاديمي التطبيقى للتخطيط الإستراتيحي لكل سياسة على حِدا حينها يكون عدم موضوعية و منطقية مطلب “السياسين المدنيين أن (العساكر مكانهم الثكنات) ، كما أظن أن المطلب أساسه (غيرة و روح شريرة) فالعساكر و من خلال الإلتزام الصارم بالتدريب و التأهيل بواسطة مناهج التخطيط الإستراتيجي على وجه عام و السياسي العسكري بوجه خاص تفوقوا و جندلوا “السياسيين” في كل “المباريات” و المواجهات السياسية (و دائما الزول الكيشة و خرخار لما تكتر فيه الأهداف يشيل الكورة و يمشي البيت) و هكذا فعل الساسة (شالوا السياسة و قالوا للعساكر أمشوا البيت) .
• تمرين (الوعد الحق) الذي يفترض سناريو (لسياسة) تقود (لصراع مسلح) يتطور (لحرب) تنتهي (لتفاوض) لهو محاكاة و إسقاط للواقع ، الذي يتطلب قراءة و تحليل صائب يلامس الحقائق التب يُبنى عليها التنبؤ و السناريوهات المحتملة مما يُسهل للقيادة السياسية العسكرية التخطيط الإستراتيجي لتفادي (الحرب) في الأساس كسيناريو محتمل عكس السياسيين الذين يمارسونها بلا تمارين فكرية تخطيطية إستراتيجية واضحة و شفافة كالتمرين العسكري” الوعد الحق”.
• لا شك أن كل قرا هذا الخبر توقف كثيراً فى هدف التمرين ( إدارة الأزمة السياسية العسكرية وفق التخطيط الإستراتيجي على مستوى القيادة السياسية العسكرية) و إن كانت السياسة هنا خاصة محددة بالعسكرية لكن تظل السياسية سياسة نهحا ممارسة لا تنفصل عن العسكرية مثلاً الدفاع عن الحدود و أمنها شأن عسكري خالص ، كما أن الإختلال و التوتر و عدم إستقرارها يكون بسبب السياسة حرب و إنفصال الجنوب كان بسبب عشوائية السياسة و غباء و عدم وعي الساسة كذلك دارفور الفشقة ، حلايب …. الخ.
• على الدوام كانت.القيادة السياسية العسكرية في كل المراحل تتدافع و تتحمل التبعات و المضاعفات سلاحها بجانب البندقية كان التخطيط الإستراتيجي السياسي العسكرى حينها لم نسمع النغمة النشاذ ” العسكر للثكنات”.
• خلاصة القول و منتهاه:
• تظل مراكز الدراسات الإستراتيجية و الأكاديميات العسكرية و الأمنية في الشقين المهمين ” السياسى و العسكرى” ، عنصران مكملان “للحل الوحيد” لكل الأزمات و التحديات الماثلة و المتوقعة لا يعلو عنصر على الآخر فالتناغم و التقارب و التنسيق ضرورة إستراتيجية.
• تلاحظ في تمرين ” الوعد الحق” المنهجية التخطيطية الإستراتيجية للسياسية العسكرية المميزة مما يُنبئ بنجاحها (الإفتراضى) و الذي نتمناه (وأقع) يُكذب مقولة (عند إنطلاق أول طلقة تسقط كل النظريات) .