وصل رئيس الإمارات الشيخ “محمد بن زايد” أثيوبيا وسط استقبال رسمى وشعپي بدأ بمرافقة الطائرات الحربية الأثيوبية لطائرته لحظة دخولها الأجواء الأثيوبية وحتى مطار “بولى الدولى ” ، حيث كان فى استقباله رئيس وزراء أثيوبيا “د. أبى احمد “الذى أعرب عبر حسابه علي منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، عن ترحيبه بمن وصفه بأخيه وصديقه، مثمناً العلاقات المتجذرة بين البلدين وقال “سنواصل التعاون الوثيق سعياً لتحقيق التنمية المستدامة”
ضم الوفد المرافق “لمحمد.بن زايد” أخيه ونائبه “منصور بن زايد “، وإبنه ” حمدان بن محمد ” ، لجانب كبار المسئولين بالدولة فى قطاعات الأمن الوطنى، التجارة، الإستثمار ، الزراعة والأمن الغذائى ، الطاقة ، التكنولوجيا ،وغيرها.
تُعد الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري لإثيوبيا بعد الصين ، حيث بلغ حجم التجارة غير النفطية بين البلدين 1.4 مليار دولار في عام 2022. فيما بلغت الواردات الإماراتية من إثيوبيا 628 مليون دولار.
شهدت الخمسة سنوات الأخيرة منذ، تولى ابي احمد السلطة فى 2018م إهتماما كبيراٌ من قبل الإمارات ، حيث وصل إجمالي المساعدات الإماراتية إلى إثيوبيا 5.05 مليار دولار، بواقع 1،٠1 مليار دولار مقارنة بالسنوات الخمسة الأولى التى أعقبت افتتاح السفارة الإمارتية باديس أبابا فى 2010م، حيث كانت علاقات الامارات عادية جدا قريبة للفتور ، وانحصرت زياراتها وعلاقتها بأثيوبيا فى إطار الوزراء ومساعديهم.
هذه الزيارة تُعد الثانية بعد اول زيارة قام بها “محمد بن زايد” في يوليو 2018م ، رداً على زيارة وحليفه المُنصب حديثاٌ كرئيس وزراء “ابي احمد” في مايو 2018م لتقديم “شكره وتقديره لمحمد بن زايد” للدعم الكبير والمساندة التى قدمها له والتى تُوجت بوصوله لمقعد رئاسة وزراء اثيوبيا ، حيث تواصل وتزايد الدعم السياسى والاقتصادى والعسكرى الإماراتى منذ تلك الفترة وحتى الآن.
تأتى هذه الزيارة ، فى توقيت تشهد فيه الدولتين ” اثيوبيا والإمارات” ، عدم إستقرار وتوتر فى عدد من الملفات الداخلية والخارجية ، وفى أغلبها ملفات مشتركة مرتبطة بتطورات الأوضاع فى شرق وغرب إفريقيا ، ألقت بظلالها على الأوضاع الداخلية فى كل دولة ، وعلى مصالح الدولتين الثنائية المشتركة فى الإقليم.
الزيارة سيكون لها أثر على تلك الملفات الغير مستقرة ، لأن الحليفين ” أبى احمد ومحمد زايد” على “تفاهم تام وتناغم “، ويقومان بنفسيهما بالتحرك الإقليمى وتبادل الأدوار ، فقبل اسبوعين كان “محمد زايد في مصر” في زيارة لم يكشف عنها ، ولكن “ملف سد النهضة ومصالح اثيوبيا فيه ، كانت حاضرة بقوة لجانب ملف السُودان المضطرب والمحترب بشكل يُهدد المصالح المصرية بشكل مباشر ، فبالتالى لربما تشمل أجندة الزيارة مناقشة ” تسوية ما” لمصالح اثيوبيا فى سد النهضة ، ومصالح مصر وبالطبع الإمارات فى السودان .
بدوره أبى احمد ، كحليف اقليمى لمحمد بن زايد قام بأدور كبيرة فى سبيل انقاذ مشروع الإمارات الذى بدأ فى التضعضع وربما التلاشى فى شرق وغرب إفريقيا جراء المغامرات الإماراتية الفاشلة فى المنطقة ككل ، خاصة الجارية الآن فى “السودان” ، التى تشهد نهاية وشيكة لأهم أدوات مشروع الإمارات الإستراتيجي التوسعى بالمنطقة ( الدعم السريع السودانى، + فاغنر الروسية).
تسعى الإمارات لتدراك مشروعها و” إنقاذ ما يمكن إنقاذه” ، فوأصلت دعمها العسكرى واللوجستى والسياسى “لقوات الدعم السريع المتمردة ” ، وذلك أملاً فى اطالة الحرب وصمود المتمردين فترة تُمكنها من الوصول لصيغة ولتسوية سياسية تحفظ لها مصالحها ونفوذها في السودان ، مُستخدمة فى ذلك عملائها واعوانها في الداخل ، وحلفائها من رؤساء “بعض” دول المنطقة ، فى مقدمتهم حليفها المهم “ابي احمد” النافذ فى الإتحاد الإفريقى ومنظمة الإيقاد والمؤثر على بعض رؤساء دول الإقليم.
بعد فشل كل تحركات ومساعى عملاء الداخل السودانى بقيادة “قحت” وحلفاء الإقليم بقيادة “أبى احمد “، استبقوا زيارة “محمد بن زايد” باجتماع قبل ثلاثة ايام من الزيارة بالعاصمة “اديس ابابا” ، ورتبوا معا لسناريو ومسار سياسي سودانى جديد على أنقاض الإتفاق الإطارى الذى ذهب أدراج رياح الحرب فى الخرطوم ، وذلك لحفظ ماء وجههم أمام راعيهم وممولهم “محمد بن زايد”، الغاضب والمحبط من هذا الفشل المتكرر لكل الخُطط والتصورات المُقدمة. له ،والتى صرف ولا زال يصرف عليها مبالغ طائلة أوجدت تذمر وأزمة داخل الإمارات ، ولاول مرة تعالت أصوات معارضة ومنتقدة لهذه السياسية الفاشلة ، على رأسهم حاكم امارة دبى ” محمد بن راشد” والممول الرئيس “لمحمد بن زايد’ ، والذى قال صراحة “استمرارهكذا صرف على سياسات خارجية ، وبلا جدوى أو عائد سيُفلس بإمارته وبلاده “.
أيضاٌ ، وفى إطار المصالح الدولتين المشتركة، والمرتبطة بالمنطقة ودول الجوار الأثيوبى ، والممثلة فى ( الإستحواذ على الآراضى الزراعية والموانئ) كمصالح ثنائية إستراتيجية تعمل الدولتين بجهد وتعاون كبير ، حتى تحصل أثيوبيا الحبيسة مائيا على “ميناء اومنفذ بحرى” ، بينما الإمارات الشغوفة بصناعة وادارة وتشغيل موانئ البحر الأحمر، كمورد إقتصادى بديل للنفط ، كذلك اثيوبيا ذات الآراضى الجبلية والمرتفعات، فى سعى مستمرلتعويض هذا النقص والبحث عن بدائل فى الآراضى الزراعية السودانية المنبسطة (آرلضى الفشقة السودانية)، والتى صادفت إهتمام ومساعى الإمارات بإستثمارها.
فى هذا الإطار ، كانت هاللك العديد، من المحاولات والمساعى السياسية الدبلوماسية والإسثثمارية الثنائية فى تحقيق هذه المصالح فى الموانئ السودانية والارترية سبقتها محاولات مع جارتى أثيوبيا الصومال وجيبوتى ، وكلها كانت محاولات فاشلة ، مما إضطر (أبى احمد) أن يصرح فى خطاب رسمى عند لقائه برجال أعمال ومستثمرين أثيوبيين وأجانب ، بأنه لابد بالحصول على ميناء بالإتفاق او “بالقوة”، ولا نستبعد بأن الرسالة موجهة “لإرتريا” ، التى علاقتها بأثيوبيا تدهورت مؤخراً بعد اتفاقية السلام والتعاون بين “ابي احمد” والعدو التاريخى لإرتريا ” جبهة إقليم التقراي”، وذلك خصما على علاقة التحالف والتعاون بين الحكومة الاثيوبية من جهة وارتريا وحكومة “إقليم أمهرة” الأثيوبى من جهة أخرى ، ولربما يكون ضمن أجندة الزيارة تسريع الحرب الثالثة “المتوقعة” بين أثيوبيا وإرتريا ، بغية خلط كل الأوراق والكروت ، ثم إعادة توزيعها من جديد بشكل يحافظ على مصالحها
خلاصة القول ومنتهاه:
“محمد بن زايد” الغاضب والحانق ينزل من عليائه ويتخلى عن غطرسته وغروره ويظهر على مسرح الأحداث بنفسه بعد فشل “الحلفاء والعملاء والكومبارس ” فى أداء أدوارهم المرسومة وفق سناريوهات التأمر والتسلط، ساعياً لإعادة ترميم تموضعه الذى تضرر ونفوذه الذى تأثر.
على الخرطوم و”مخابراتها” رفع درجة التحوط والإنتباه والإستعداد التام لإفشال “مخرجات” هذه الزيارة التى من المؤكد ستكون مزيد من اشعال حريق الخرطوم وحرائق المنطقة المشتعلة ، وإشعال حرائق أخرى جديدة ، فما وطئ محمد بن زايد أرضاً إلا فسد فيها وجعل أعزة أهلها أذلة.