النجاح المؤسس الذي سعت إليه شركة بدر للطيران و هي تشق طريقها بخطوات واثقة و ثابتة مسخرة لذلك كل إمكانيها المحدودة هو نتاج طبيعي لما تبذله من جهد ، حيث أن هذا النجاح يعد حرفةً و هدفاً إمتهنته إدارة هذه الشركة ، و هذا الأمر لا يأتي بمحض الصدفةً كما يعتقد البعض ، فدائماً التميز يعتبر قرار ، و السر في ذلك يمكن في المثابرة والاصرار و من المؤكد أن وجود الشخص المناسب في المكان الأنسب يعتبر ضربة البداية الموفقة ، حيث سعت هذه المؤسسة الفتية في إختيار كادرها البشري بعناية فائقة ، ففريق عملها على المستويين الإداري و الفني بقيادة حادي ركبها و عرابها المهندس أحمد أبو شعيرة يتميزون جميعاً بالمؤسسية و جودة التخطيط و الإخلاص و العزيمة التي لا تنكسر و لا تعرف الهزمة ، و ساروا في الطريق الصحيح بطموح ضخم سبقته خطط إستراتيجية في تحديد أهدافهم المنشودة ، و كل ذلك كان يذهب في مصب النجاح بالسعي الدؤوب الذي عبره تمت إزابة كل العقبات و العوائق التي تواجه هذه المسيرة الجبارة من خلال العمل بروح الفريق الواحد ، و هذا ما قادهم إلى بلوغ اهدافهم المنشودة .
فالمثابرة هي أهم المهارات التي يتُميّز بها هؤلاء الرجال ، و لذلك نجدهم قد حفروا الصخر بإظافرهم لأجل الوصول ، كما نجدهم قد تجاوزوا كل العقبات و التحديات والمواقف الصعبة التي كانت تعترض مسيرتهم بكل إحترافية و جعلوها مراحل أساسية في طريق تحقيق نجاحهم ، فلم يستسلموا قط و يتوقفوا عند الصعاب ، و لهذا نجدهم إستطاعوا أن يتجاوزا فشل الدولة الذي إنعكس سلباً على هيئة الطيران المدني التي تفتقر إلى أبسط مقومات المؤسسية .
حالة الفشل العام الذي صاحب الدولة لم يكن عائقاً لهم حيث إستطاعوا تحويله إلى محطات شحنوا عندها المهارات الجديدة حتى إستطاعوا مواكبة احتياجات المرحلة و تحويل كل السلبيات إلى النقيض تماماً . و قد يأتى عدم الاستسلام للهزيمة في مقدمة الأمر و تبعتة المثابرة ، بدأوا صغارا و كبروا ، كما يبدو ذلك جلياً في حياة الرياضيين الذين يسعون للنجاح إبتداءً بخطة مدروسة لتدريب عضلاتهم ثم يتبع ذلك التدريب المواظبة الطويلة ثم بعد ذلك يدخلون في حلبة المنافسات الشريفة ، فهكذا كان يعمل فريق شركة بدر الذي تمرن على تطوير فن الإدارة و القيادة و الكفاءة و الفعالية و إستطاع أن يوازن بين الفشل العام و ضعف الإمكانيات بجهد مبذول منذ بداية طريقهم و إلى محطة الوصول التي يتحقيق عندها النجاح .
في العام 2008 بدأ الناقل الوطني في التعثر مما أثر ذلك في إختلال زمن الهبوط بمطار هثرو ، الشيء الذي جعل السلطات البريطانية المعنية بهذا بالأمر تلفت نظر الخطوط الجوية السودانية أكثر من مرة إلا أن الفشل و كثرة الديون و حالة اللا مبالاة التي اصبحت سمة معظم السودانيين و سوء الإدارة و الفساد و قلة الطائرات و عجز الشركة من مجاراة الحداثة في سوق صناعة الطيران ، حيث أدى ذلك إلى تكبيل سودانير و منعها من الإستمرار ، وأتي ذلك متزامناً مع للعقوبات الأمريكية و الأوروبية التي كانت مفروضة على السودان ، و لذلك أصبح من الصعوبة بمكان إستمرارية الناقل الوطني للتحليق في عاصمة الضباب حتى تم توقف الخط نهائياً عن العمل .. و غاب مع ذلك إسم السودان في سماء العاصمة ذات الرمزية المهمة في نفوس السودانيين .
تعتبر لندن من أهم العواصم العالمية التي إرتبط بها وجدان كثير من المثقفين السودانيين لرمزيتها ، حيث أنها كانت تمثل قبلة لطلاب الدراسات العليا ، و لذلك نجد أن غياب الناقل الوطني في هذه المحطة شكل فراغاً كبيراً في نفوس كثير من السودانيين إمتد زهاء ال14 عام تقريباً إلى أن أتت البشرى من شركة بدر للطيران لتلعي ذكر إسم السودان مجددا في عاصمة الضباب بعد أن كسرت حاجز صمت دام حوالى عقد ونصف من الزمان غاب فيه ذكر إسم السودان في أجواء هذه المدينة ، و تم ذلك الإنجاز عبر كفاءات شبابية وطنية في الإدارة و الإرادة تعمل من خلف الكواليس ، قد لا تذكر أسمائهم و لكن يظل إنجازهم حاضراً تحت قيادة الرجل الذي يعتبر من أميز الأرقام الوطنية السودانية ، سعادة الباش مهندس أحمد أبوشعيرة الذي وضع بصمة ماسية في إدارة شركات الطيران .
مناسبة تدشين شركة بدر للطيران لخط لندن ليس مناسبة عابرة ، و لذلك يجب علينا أن نقف عندها و نوفيها حقها كاملاً غير منقوص ، و ذلك لأن بدر قفزت بالزانة فوق كل الحواجز لتهزم الفشل في عرينه بكل ثقة و إقتدار و تحقق نجاحاً باهراً و غير تقليدي .. ولهذا وجب علينا أن نرفع القبعات لهذه الشركة العملاقة لرفعها ذكر إسم السودان مجددا في عاصمة الضباب بعد غياب دام عقد و نصف من الزمان ، فلبدر و طاقتها الجسور كل التحية والتقدير والاحترام لما بذلوه لإعلاء إسم السودان في فضاءات العالم ، و أقول لهم إلى الأمام و مزيد من التقدم و الازدهار ، بارك الله فيكم وجزاكم عن السودانيين كل خير .