بُعْدٌ .. و .. مسَافَة – مصطفى ابوالعزائم- الجيش سياج الوطن …

الأربعاء الرابع عشر من ديسمبر الجاري ، نفذت القوات المسلحة مناورة مدرعة بقاعدة المعاقيل العملياتية بمدينة شندي في ولاية نهر النيل ، وهي قاعدة عسكرية معروفة ، وربما أخذت شهرة واسعة إبان حكم الرئيس الراحل جعفر محمد نميري ، رحمه الله ، وذلك عندما قرر بإسم حكومة السودان إحتضان قوات حركة تحرير فلسطين ” فتح” لدعم الثورة الفلسطينية ، ونقل هذه القوات إلى منطقة المعاقيل ، لكن جنود الثورة الفلسطينية تمردوا بعد وصولهم إلى المعاقيل ، وذلك حسب ما راج وقتها بسبب قسوة المنطقة ، وصعوبة العيش هناك ، خاصةً لمن لم يألف العيش في مثل ظروف الطبيعة القاسية ، لكن جيشنا الأبي هناك منذ عشرات السنين ، حتى ان المعاقيل أصبحت جزءاً من السيرة الذاتية الحسنة لكل فرد من أفراد قواتنا المسلّحة عمل بها أو تلقى تدريباً عمليا فيها .
نفّذت القوات المسلحة السودانية مناورة مدرعة بقاعدة المعاقيل العملياتية الأربعاء في ختام العام التدريبي 2022 م ، تحت شعار ” الجيش سياج الوطن ” بحضور رئيس مجلس السّيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان ، في تأكيد جديد على قدرة وكفاءة جيشنا التي لا يشك فيها أحد والذي هو بحق سياج للوطن العزيز .
جيشنا لم يكن يوماً جيش إحتلال ، ولم يكن معتدياً على شعبه ، وقد ظل على الدوام حامياً للحمى .
حامياً للأرض والعرض ، ولم يبخل أحد من بين أفراده بالروح أو الدم في سبيل الغايات العظيمة ، وأولها صيانة الوطن على مر العهود .
كتبنا من قبل عن عيد الجيش ، بل وطالبنا ولا زلنا نطالب بإعتماد الرابع عشر من أغسطس في كل عام ، عطلةً رسميةً إحتفالاً بعيد الجيش ، والذي يعرف الجميع قصّة نشأته وتطوره ، لكننا نريد أن نوثّق لذلك من خلال المقرّرات المدرسية ومن خلال دروس التاريخ ، والتي نجد فيها مفارقات عجيبة ، تجعل من طالب العلم عندنا عالماً بتاريخ الشرق الأدنى ، وتاريخ أوربا القديم والحديث معاً ؛ مثلما تجعله يلم بتاريخ الثورات العربية وأدوار الجيوش العربية فيها ، لتصبح كل محصّلة أبنائنا وبناتنا عن جيش بلادهم ، أنه نشأ في العام 1925 م بإسم قوة دفاع السودان ، وإنه شارك في معارك الكفرة وكرن إبان الحرب العالمية الأخيرة.
لابد لنا من أن نعمل على ترسيخ التاريخ الحقيقي لجيش تأسس منذ بداية التاريخ ، تأسس مع نشأة الممالك النوبية القديمة ، وتنظّم وأصبح قادراً على مواجهة الخصوم ، بل وطرد المستعمر إبان الثورة المهدية في ثمانينيات القرن التاسع عشر ، وواجه الغزو الإنجليزي في أقوى ملاحم النضال والمقاومة أواخر القرن التاسع عشر في سبتمبر من العام 1889م في معركة خلدها العدو قبل الصديق ، هي معركة النهر كما أسماها تشرشل في كتابه الوثيقة ، ومعركة كرري التي تحدث عن رجال كالأسود الضارية ، كما نعرفها نحن.
نعم .. لابد من أن نوفي جيشنا حقه ، فهو حامي الحمى بعد المولى عز وجل ، وهو الذي حاول بعض السياسيين العبث بإسمه وتاريخه ، فأضاعت القرارات السّياسيّة المتسرّعة والطائشة ، أراض ومساحات كبيرة ، ومنعت يد الجيش من أن تكون حرة ، بسبب تلك القرارات الخاطئة ، ولكن عندما كان القرار وطنياً عسكرياً ، إستردت قواتنا المسلحة السودانية العظيمة كل الأراضي المحتلة على حدودنا مع الجارة إثيوبيا ، والتي سكتت السلطات في السابق عن المطالبة بها لموازنات سياسية لا سيادية.
مناورات القوات المسلحة السُّودانيّة العظيمة وتدريباتها المتواصلة ، لها طعم ولون ورائحة ، لها طعم النصر ولون الكبرياء ورائحة العظمة ، وختام تدريبات هذا العام هي المسك الذي يؤكد على القدرة والتأهيل والكفاءة ، ذلك لأن ما حدث بالأربعاء هو رسالة لكل متربص بأمن الوطن وقواته المسلحة ،
وهو لم يكن إحتفال كلمات وأقوال ، بل هو إحتفال أفعال ، بل هي للحق أفعال عظيمة دائمة ومستمرة بإذن الله تعالى .

ومع نهاية هذا العام ومع ختام البرامج التدريبية نقول لكل فرد من أبناء السودان داخل القوات المسلحة ، كل عام وجيشنا بألف ألف ألف خير وبلادنا كذلك .

Email : sagraljidyan@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى