مبارك أردول يكتب : الإتفاق الإطاري تسيس للقضاء والنيابة وإجهاض للديمقراطية

الإتفاق الإطاري الثنائي والمجلس العدلي المؤقت: تسيس للقضاء والنيابة تخريب للعدالة وإجهاض للديمقراطية

(1) كنا قد ذكرنا في مقال لنا سابق إن هذا الاتفاق مفخخ وقلنا أننا نعارضه وواجب اسقاطه، وحتى لا يكون حديثنا يحسب في إطار المنافسة السياسية وكسب للنقاط عند الخصوم، دعونا نبين للقارئ الكريم أخطر نقاط التفخيخ وكيف تم تسليم الدولة بكاملها لقوى سياسية عبر هذا الاتفاق، وبما ان العدالة هي احد أركان إقامة الدولة فلو أقيمت باعتدال صلحت الدولة ولو استميلت خربت الدولة، دعونا نستبين ونعضض حديثنا بما كتبوه مهندسي الاتفاق الإطاري الثنائي، هكذا كتب النص عن تكوين المجلس العدلي المؤقت في الفصل الثالث تحت هياكل السلطة الانتقالية والفقرة ثمانية( مجلس عدلي مؤقت من 11 عضوا من الكفاءات الوطنية القانونية يعينه رئيس الوزراء بترشيح من الأطراف المدنية الموقعة على الإعلان السياسي لاختيار رئيس القضاء ونوابه والنائب العام ومساعديه ورئيس واعضاء المحكمة الدستورية ويعتبر محلولا بانتهاء مهمته).
(2) نسأل من هو رئيس الوزراء وكيف يتم اختياره نرجع للفقرة أربعة من نفس الفصل ( تقوم قوى الثورة الموقعة على الإعلان السياسي بالتشاور باختيار رئيس/ة الوزراء الانتقالي وفقا لمعايير الكفاءة الوطنية، والالتزام بالثورة والاعلان السياسي ومهام وقضايا الانتقال.) وماهي قوى الثورة؟ وماهي معاييرها؟ لا ندري عنها لان القوى مقسمة عندهم لقوى ثورة وقوى انتقال، واين هو الإعلان السياسي؟ نقول بما انه موجود ولكنه غير منشور وغير معروفة نصوصه، أرجو أن لا تخلطوا بينه وبين الاتفاق الاطاري الذي وقع في القصر في الخامس من ديسمبر الجاري، فهو شي والاعلان السياسي شي اخر.
نعود لامرنا، فبهذه النصوص أعلاه فسوف نسمح لرئيس الوزراء رئيس الجهاز التنفيذي وهو سياسي بامتياز حسب النص، وغير مستقل ومعين من القوى السياسية بالتدخل في الجهاز العدلي كله، من أعلاه لادناه، وفعليا سيكون رئيس الوزراء أعلى من رئيس القضاء والنائب العام وبل أعضاء المحكمة الدستورية، لانه فعليا هو من اختارهم، باختياره للهيئات التي اختارتهم، ففضلا عن انه سياسي وتنفيذي وغير مستقل فإنه تدخل في اختيار السلطات العدلية، فالبتالي لايمكن محاكمته او الطعن في قراراته، ولا يمكن لأجهزة العدالة المختارة منهم تلك إلا أن تنفذ ما يريده هو وتريده تلك القوى السياسية التي تسانده، وبل سيكونون مثل الموظفين تحته اذا لم يكونوا رفاقه واشقائه واحبابه في الحزب، وهو وهم انفسهم يجب أن يكونوا مسائلين أمام العدالة الغير مسيسة.
(3) من ناحية يقوض هذا النص مبدأ الفصل بين السلطات أحد أهم المبادئ والأركان التي يقوم عليها النظام الديمقراطي في دول العالم، بعد سيادة حكم القانون والحريات والفصل بين السلطات والانتخابات. فلا يسمح في اي دولة ديمقراطية من الدول التي رعت هذا الاتفاق ان يمنح رئيس الوزراء فيها بأن تكون له هذه السلطات ولا لقواهم السياسية! فلماذا وضعوا هذا النص ويتوقعون ان يقوم نظام ديمقراطيا بهذه الطريقة، وكيف يمكن أن نضع مدخلات خاطئة ونتوقع نتائج صحيحة؟ بل الأمم المتحدة نفسها ظلت لفترات تقوم على تمتين مبادئ الحكم الديمقراطي الرشيد فكيف رعت وصممت مبدأ يخرب النظام العدلي في بلادنا ويسمح للساسة بالتدخل في العدالة!!!! هل صحيح تسعى هذه القوى لاقامة نظام سياسي مستقر في بلادنا ام تريد استطالة أمد الأزمة؟ الا نستدعي بهذا التفخيخ الاخرين بالانقضاض على النظام بالتفخيخ المسبق الظاهر بحجة إصلاح الاخطا وتعديلها.
(4) هذا النص الغرض السياسي من وراءه هي الجملة التي قالها السيد محمد الفكي سليمان بانهم سوف يجرون جراحة عميقة في القضاء، لان الجهاز القضائي فعليا راجع كل قرارات لجنته السابقة(لجنة التمكين) التي جمعت سلطات مطلقة في حكومتهم السابقة لذلك اعادوا لتجويد النصوص في بطريقة تزيل كل المعوقات السابقة التي لم ينتبهوا لها حينها، وهي اكبر من الدريبات التي صرحوا بها.
(5) بهذه النصوص فقد اخترقت السياسة الأجهزة العدلية عموما وعلنا، والقوى المدنية بطبيعة حالها وبتجربتنا معها لايمكن أن تأتي الا بسياسيين وهم قد ذكروا في الاتفاق (قانونيين) لاحظ العبارة الفضفاضة! يمكن أن يكونوا اي شي قاضي سابق استاذ او وكيل نيابة او مستشار قانوني او مجرد دارس للقانون، فقط بعبارة قانونيين يمكن أن يجروا تلك الجراحة العميقة التي يعنيها ود الفكي.
(6) في ثورة 1985م انتخب القضاة رئيسهم لما لا يوضع نص يجعل من الجهاز القضائي ذات نفسه ان ينتخب مجلسه وكذلك النيابة ومنها يعين الرؤساء بالانتخاب من ذلك المجلس، ولاعضاء المحكمة الدستورية ان يرشحوا من المجلسين ويختار رأس الدولة من بينهم، فبإجازة هذا النص نرى فيه اكبر تفخيخ لهذه الاتفاقية، فالقوى السياسية سوف تدخل الأجهزة العدلية كلها من المحكمة الدستورية الي المحكمة العليا وبقية الدوائر الي النيابة في صراعاتها السياسية وتصفية الخصوم والمعارضين بمافيها من وقعوا على هذا الاتفاق الشائه عسكريين او مدنيين، فاستفيقوا قبل فوات الأوان….
وسنعود لاحقا بالتفصيل لتبين اخر لافخاخ ذلك الاتفاق الاطاري الثنائي الاقصائي…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى