بُعْدٌ .. و .. مسَافَة – مصطفى ابوالعزائم – أسرار وراء الأسوار ..!

بعد أن تناولنا قبل فترة بالتعليق ما يستوجب الإعتذار للبروفيسور إبراهيم البدوي ، من قبل رئيس الوزراء السّابق الدكتور عبدالله حمدوك ، وكل طاقم الحكومة الإنتقالية الأولى والحاضنة السّياسيّة ، على تأخرهم في الإستجابة لمقترحات البروف البدوي عندما كان وزيراً للمالية ، بعد تعليقنا ذاك ، توالت علينا ردود الأفعال وقتها من داخل وخارج البلاد .
ومن مؤيدين ومناصرين للحكومة الإنتقالية القائمة ، ومن معارضين ومخاصمين لها ، وكل تلك التعليقات وردود الأفعال كانت مؤيدة لنهج وسياسات البدوي في المعالجة ، وقال أحدهم إنه كان يعجب من إستهزاء بعض المسؤولين من البروفيسور البدوي ، مع معرفة الكثيرين إنه جاء بإتفاق مع حمدوك لتنفيذ تلك السياسات ، إلّا إن بعض ممن هم داخل الحاضنة السّياسيّة وقتها ، تحدثوا زوراً وبهتاناً وإفكاً بإسم الثوار والثورة، فأرجأوا بعنتِهم ذاك مشروع الإصلاح فترة طويلة .
ذات المشروع كما ذكرنا من قبل ، كان سيعمل على تنفيذه الدكتور عبدالله حمدوك نفسه ، إذا تسلّم مهمته التي قبلها في البداية ، وزيراً للمالية أواخر عهد حكومة الإنقاذ عندما تولى الأستاذ معتز موسى رئاسة الوزراء ، لكن أيادٍ تدخّلت وعملت على ألّا يقترب حمدوك من هذا الملف ، فإعتذر .
ثم تمت الإطاحة بالأستاذ معتز موسى ، بسبب صراعات مراكز القوى داخل (الحاءات الثلاث) الحزب (المؤتمر الوطني) والحركة (الإسلامية) ، والحكومة التي نقصد بها المتنفذين الذين يحكمون من وراء حجاب ، وبسبب تلك الصراعات أْطيح بمعتز موسى نفسه الذي كان يريد السير في طريق التحرير الإقتصادي وقد بدأ يبشّر بذلك ، ويقول إن الحل للأزمة الإقتصادية لن يكون إلّا إذا عملت الحكومة بما أسماه وقتها ب (إقتصاد الصدمة) والذي كان يعني به التحرير ورفع الدعم.
تمّ تداول الموضوع على عدد من المجموعات الإسفيرية في مختلف التطبيقات ، وكان ملفتاً بحق ما جاء في واحدة من أهم المجموعات ، التي تضمّ نخبة من الساسة وأهل الفكر والرموز الإجتماعية ، والدينية وعدداً من أهل الصحافة والإعلام ، وآخرين يمثلون بل ويحملون رمزية مناخات ، وبيئات مهنية وفكرية وسياسية مختلفة ، وجاء التعليق على أن ما حدث عند نهاية حكم الإنقاذ إنّما كان إنقلاباً على النظام من داخله ، ولم يختلف على ذلك أحد ، فالإنقلاب قامت به اللجنة الأمنية ، لكن النتائج لم تكن متوقّعة ، فالشّباب الذين كانوا يحيطون بالقيادة العامة للقوات المسلحة، ما كانوا ليقبلوا إلّا بتغيير شامل .
وكنت في ذلك الصباح قد توجّهت نحو القيادة للقاء قادة التغيير الجُدد بناء على دعوة من الأجهزة الرسمية ؛ ذات الأجهزة التي كانت تقوم بذات العمل إبان فترة حكم النظام الذي أصبح (سابقاً) ما بين ليلةٍ وضحاها ، وعرفتُ ومن شارك معي في تلبية الدعوة تفاصيل ما جرى ، وأسررت لأحد الزملاء الصحفيّين ، بأن هذا الوضع لن يستمر ولن يستقر ، إلّا إذا تغيّرت وجوه داخل المجلس العسكري الإنتقالي ، وقد حدث هذا في ذات اليوم .
وأذكر للحقيقة والتاريخ إن أحد الأصدقاء من كبار الدبلوماسيين ويمثّل دولته في السُّودان سألني عما أتوقع ، فقلت له ما قلته لزميلي الصحفي وزدت عليه ، أنني أتوقع إنقلاباً جديداً ، وقد كان .
سبق أن أشرنا إلى أنه ليس في السُّودان أسرار لمن يعملون في مهنة الصّحافة ، وربما لا ينافسهم في هذا – بقدر قليل – إلّا العاملون في أجهزة الأمن والمخابرات ، لكن الصحفي يسعى للنشر وأهل المخابرات والإستخبارات (يعتقلون) المعلومة للدراسة والتحليل والإستخدام الأمثل في الوقت المناسب.
وأهل الصحافة منفتحون على الجميع ، لهم أصدقاء في كل الأحزاب والتنظيمات والمؤسسات الحزبية والسياسية والعامة ، لذلك حجم تدفق المعلومات لديهم يكون أكبر ومن مختلف المصادر ، وهو ما يجعلنا ويدعونا لنكرر القول بأن حجم الأسرار التي لدى أهل الصحافة ، خاصة الذين يتعاملون بنضج ومسؤولية مع الأحداث ، هي أكبر من أي تصورات في أذهان الغير .
وقد فتح ذلك الباب أمام نقاش جديد ، حول لحظة الصفر ، لحظة إعتقال الرئيس السّابق عمر حسن البشير ، وماذا قال للمعتقلين (!) ومن كانوا هم أنفسهم (!) لقد أطلق بعض الذين قاموا بذلك الفعل مقولات ، ونحن نعرف تفاصيل تلك اللحظات وما قبلها وما بعدها، وربما حان الآن وقت الإفصاح عنها .. ربما .

Email : sagraljidyan@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى