صوت الحق – الصديق النعيم موسى – المسؤول لا يفسدُ وحده !

siddig2227@gmail.com

عندما تقرأ أو تسمع بانَّ هناك تجاوزات مالية أو إداريه في الوزارات الحكومية يجب أن تضع في الحُسبان أنَّ الفساد يتم عبر منظومة متكاملة وهو السبب الرئيس لغياب تطبيق القوانين ولو ضربنا مثالاً مُصغّراً بالتجاوزات في مِلف الأراضي لو تمعّنا في هذا الأمر لوجدناه مُتشابك ومُتداخل مع أعداد كبيرة جداً وعلى هذا ننظر لبقية التجاوزات التي لا تتم بشخصٍ واحد مهما كان نفوذه داخل الدولة وهذا يُفسّر قضية الفساد المُتجذّرة التي أقعدت الدولة السودانيه والقاعدة تقول ( لا يفسدُ المسؤول إلاّ بفساد رعيته و موظفيه ) الحكومات التي تعاقبت على البلاد ساعدت على إستشراء الفساد والتعدّي على المال العام ، عندما يتعدّى وزير على حق الشعب أكبر عقوبة كان ينالها هي الإقالة فقط بعد أن تصبح قضية رأي عام .
الدولة السودانية منذ فجر الإستقلال وحتى تأريخه عاجزة عن إستغلال الموارد الموجودة على باطن الأرض وعجزت عن وضع المسؤول المناسب في الموقع المناسب في مواضع كثيرة جداً ؛ ولكم أن تتخيّلوا عندما يتواجد وزراء ومسؤولون لا بملكون من المصداقية أو الكفاءة ( ما عارفين التكتح ولا فاهمين بعملو في شنو والباقي إنتو عارفنو ) الشهادات وحدها لا تبني الدول حيث تُعتبر ظاهرة الفساد والفساد الإداري والمالي بصورة خاصة ظاهرة عالمية شديدة الإنتشار ذات جذور عميقة تأخذ أبعاداً واسعة تتداخل فيها عوامل مختلفة يصعب التمييز بينها ( خاصةً في الدول الناميه ) وتختلف من مجتمع إلى آخر . ودائماً ما تلعب السياسة الدور الرئيس في إستمرار الفساد وهو ما يمكّن المسؤولين المُنتمين للأحزاب الحاكمة أن يخوضوا في التجاوزات بلا خوفٍ من المحاسبات والمحاكمات .
● الفساد الإداري هو التأثير غير المشروع في القرارات العامة وجاء في تعريف منظمة الشفافية الدولية للفساد الإداري : بأنه كُل عمل يتضمن سوء إستخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية لنفسه أو جماعته ؛ إلاّ أن أغلب التعاريف جاءت متفقة وبشكل كبير على سوء هذه الظاهرة والآثار السلبية التي تتركها في كل مستويات الحكومة ومؤسساتها وهياكلها التنظيمية وتعتبر هذه الظاهرة وبائية في معظم دول العالم . آليات الفساد تكمن بآلية دفع الرشوة والعمولة المباشرة إلى الموظفين والمسؤولين في الحكومة وفي القطاعين العام والخاص لتسهيل عقد الصفقات وتسهيل الأمور لرجال الأعمال والشركات الأجنبية وبوضع اليد على المال العام .
وتعود أسباب الفساد الاداري لإنتشار الفقر والجهل ونقص المعرفة بالحقوق الفردية وعدم الإلتزام بمبدأ الفصل المتوازن بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية في النظام السياسي وطغيان السلطة التنفيذية ( التي تُسيطر عليها جماعات معينه ) على السُلطة التشريعية وهو ما يؤدي إلى الإخلال بمبدأ الرقابة المُتبادلة كما أن ضعف الجهاز القضائي يعتبر سبباً مُشجعاً على الفساد . إضافة لضعف أجهزة الرقابة في الدولة وعدم استقلاليتها ( هذا الأمر يبدو طبيعياً في دولتنا ) وضعف الإرادة لدى القيادة السياسية لمكافحة الفساد وذلك بعدم إتخاذ أية إجراءات وقائية أو عقابية جادة بحق عناصر الفساد .
الفساد الإداري يتعلّق بمظاهر الفساد والإنحرافات الإدارية والوظيفية أو التنظيمية وتلك المخالفات التي تصدر عن الموظف العام أثناء تأديته لمهام وظيفته في منظومة التشريعات والقوانين والضوابط ومنظومة القيم الفردية التي لا ترقى للإصلاح وسد الفراغ لتطوير التشريعات والقوانين التي تغتنم الفرصة للاستفادة من الثغرات بدل الضغط على صُناع القرار والمشرّعين لمراجعتها وتحديثها باستمرار .
● الفساد الأخلاقي : ويتمثل بمجمل الإنحرافات الأخلاقية والسلوكية المتعلّقة بسلوك الموظف الشخصي وتصرفاته والكثير مِن مَن يستغل السُلطة لتحقيق مآرب شخصية له على حساب المصلحة العامة أو أن يمارس المحسوبية بشكلها الإجتماعي الذي يُسمُى ( المُحاباة الشخصية ) دون النظر إلى إعتبارات الكفاءة والجدارة .
● الفساد السياسي : إنتشر الفساد السياسي في السودان وهو أمر يتعلّق بمجمل الإنحرافات المالية ومخالفات القواعد والأحكام التي تنظم عمل النسق السياسي ( المؤسسات السياسيه) في الدولة . تُسيطر مجموعات مُعينة من الإنتهازيين في الدول الناميه حيث يكون فيها الحكم شمولياً ودكتاتورياً ، لكن العوامل المُشتركة لإنتشار الفساد ؛ وتتمثل مظاهر الفساد السياسي في : الحكم الشمولي الفاسد وفقدان الديمقراطية وفقدان المشاركة وفساد الحُكام وسيطرة نظام حكم الدولة على الإقتصاد وتفشي المحسوبية .
صوت أخير :
كُل ما ذٌكر تقوم به مجموعات تُساعد على إستمرار الفساد وهو الأمر المُشاهد في بلادنا ودائماً ما أقوى الفساد أياً كان نوعه يتم بمجموعات مكتملة الأركان وهو سبب أول وآخر لضياع موارد بلادنا . والحل يكمن في تطبيق القوانين الرادعة كما ذكرنا في مقال الأمس .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى