صوت الحق – الصديق النعيم موسى – التجاوزات المالية في هياكل الدولة !

siddig2227@gmail.com

يمر الفساد المالي داخل المؤسسات بعُدة مراحل حتى يصل لصورته الأخيره ، بمعنى أنَّ المسؤول في موقعه مهما كان فاسداً لا يُفسد وحده وإنما بمعاونين مثلها مثل منظومة متكاملة تُساعده وتدعمه وتؤيّده على الفساد والتجاوزات وهذا الحال يُفسّر واقعنا المُعاش ، في مقال الأمس إمتلأ بريدي بالرسائل ولم تتوقف الإتصالات من عدد مُقدّر من موظفي الدولة ( والله كان كده الناس دي ممكونه شديد في الوزارات من الظلم والغبن ) من احزن ما سمعته لرجل على قضى عمره في إحدى الوزارات أخبرني بقوله : انَّ مديره المباشره قبل سنوات طويله قصده بكل ما تحمل الكلمة من معنى في تقرير الأداء وعندما وصل التقرير للجهة المختصة تساءلوا بإستغراب عن مَن كتب التقرير ؟ الكثير المُثير أسمعه وأقراه عن الفساد الذي عشعش على الخدمة المدنية .
يتنوّع الفساد المالي في الوزارات وقبل أيام قليلة نقرأ على الملأ : مُحاسب بمشروع الرهد (يختلس) من خزنة مشروع الرهد الزراعي مبلغ ثمانية ملايين واثنين وسبعين جُنيهًا. وحسب صحيفة الانتباهة الصادرة اليوم السبت، أنّ المبالغ التي إختلسها المحاسب عبارة عن أموال تمويل المزارعين للقطع من الشركة الصينية . وأشارت إلى أنّه تمّ إكتشاف العجز المالي عقب مراجعة مدير القسم الزراعي الأول وقالت الصحيفة وفق مصادرها إنّ ديوان المراجع العام أكّد على إختفاء هذه الأموال .
الفساد المالي نتاج طبيعي لعدم تطبيق القوانين ( فكم من مسؤولٍ نهب وسَرق وتمت مسامحته علناً تحت فقه التحلل الذي إنتهجته الإنقاذ والقطط السِمان ) وعندما تَفسد الدولة يفسدُ معها ضِعاف النفوس ، وهذا الحال ينطبُق على بلادنا ويعكس المستوى الذي وصلت إليه بسبب غياب تنفيذ القوانين . لو أنَّ الحكومات تخاف على المال العام لما سمعنا بفساد مُطلقاً ، القاعدة تقول : ( مَن أمِن العقاب أساء الأدب ) وليس هناك أكثر مِن مُشاهدة السيولة القانونية .
الفساد المالي يسبقه فساد إداري وهو الدافع الأول والرئيس لإمتداد ظاهرة الفساد المالي فكم من مسؤول يتجاوز صلاحياته وتصمت الدولة عن محاسبته أو حتى إقالته ، وهذا الأمر هو الدافع الأول والرئيس لإستمرار التجاوزات المالية ؛ فلو أنَّ الحكومات صادقة في الإصلاح لشاهدنا نموذجاً يُحتذى به في إدارة موارد الدولة وتوظيفها في الإتجاه الصحيح .
التجاوزات المالية على المال العام تنحصر في فشل سياسات الدولة والتجاوزات هذه نراها في مواضع كثيرة نوجزها في إنفاق المال العام في غير أوجهه وجميعكم يُشاهد ذلك ؛ على سبيل المثال لا الحصر كمية السيارات الفارهة التي تجوب مع المسؤولين وكلنا يعلم أنَّ سيارات الحراسة تستهلك كميات مُقدره من الوقود من مال الشعب السوداني المغضوب عليه ( عندما أشاهد سيارات المسؤولين ماركة إنفينتي ، والموتر كيت أمامهم أقول في نفسي ” بالله إنتو شغالين شنو عشان يحرسوكم بي عربات قدر دي قاعدين تقدمو شنو تركبو العربات دي ) ولو حسبنا يومياً ما تستهلكه هذه السيارات من وقود لوجدنا الأرقام خيالية وعلى هذا أُنظر .
التجاوزات المالية ليست بالضرورة أن تسرِق مالاً نقداً من الخزنه كما فعل محاسب مشروع الرهد ومن قبله صراف وزارة التربية بالقضارف ، التجاوزات المالية لها أوجه عديدة :
فعندما يأخذ المسؤول حق غيره هذا فساد ،،
وعندما يأخذ ما لا يستحقه هذا فساد ،،
وعندما يأخذ حوافز ولم يعمل لها هذا فساد ،،
من طرائف الخدمة المدنية تحدث معي أحد الموظفين في الدولة بمقولة مُضحكة ( وقت الحافز بندخّل المسؤول الأول ونكتب إسمو عشان يصدّقو لينا ) وهذا الحال لا يبدو غريباً هناك مسؤولين مثل المنشار ( داخل ياكل مارق ياكل ) وصلنا لهذا الحد وأكبر من ذلك . وهنالك موظفين يدخلون في جميع الحوافز ( مركبين عودهم ) .
صوت أخير :
محاربة الفساد بكل أنواعه نسمعه فقط في الصحف ولا نُشاهده في أرض الواقع ، وهي أمانة عظيمة أمام الله . نضع بعض الحلول التي لا تخفى على الحكومة في هذا الأمر ولكن من باب التذكير نكتب الآتي :
1- وضع الإداريين والمسؤولين الناجحين والأمينين في المواقع المهمه . وفي هذا يعني إصلاح الإدارات العامة وإدارة المالية حيث أنَّ وضع الإداريين وأصحاب المناصب المناسبين في الأماكن التي يستحقونها وإدارة أموال الدولة بشكل صحيح وتوفير لجنة تدقيق مالي أمينة تحافظ على أموال الدولة ومواطنيها يعدّ خطوة واسعة في مجال الحدّ من الفساد في المجتمعات ؛ هنالك بعض المجتمعات تتيح لمواطنيها التعليق على الميزانيات المقترحة في البلاد وإنتقادها .
2- تطبيق القوانين وإقرار وجود المحاسبة على جميع قضايا الفساد مهما كانت درجة المسؤول على أن يُحاكم بشكل حازم من قبل الحكومة ، وبشكل ما تخلق هذه الطريقة رادعًا عن الإقدام على الفساد وبهذا يتم تعزيز ثقافة النزاهة بين أفراد المجتمع الواحد ( سنّ الأنظمة والتشريعات الشّفافة في الأنظمة المضادّة للفساد وتوضيحها، وإنزال أقصى العقوبات على مخالفيها )
الشُكر الجزيل للقراء الذين تفاعلوا مع قضايا الخدمة المدنيه .
مقالنا القادم بمشيئة الله : المسؤول لا يُفسد وحده .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى