الخرطوم الحاكم نيوز
:: عمنا الجنرال فضل الله برمة ناصر، رئيس حزب الأمة القومي، رغم أنه من عقلاء المرحلة وحكماء المجلس المركزي لقوى الحرية، إلا أنه وقع في فخ النشطاء.. مساء الاثنين، بالجزيرة مباشر، عندما سأله أحمد طه عن حقيقة توقيع رئيس المجلس السيادي ونائبه على وثيقة دستور المحامين، كما قال كمال عمر، فالمؤسف أن برمة ناصر أكد حديث كمال عمر، وقال إنهما – البرهان وحميدتي – وقعا على وثيقة الدستور، ثم أضاف بالنص: (بعد إجراء تعديلات عليها)..!!
:: ولست بحاجة إلى نفي حديثه، فبالعبارة التي بين القوسين، نفى برمة ناصر حديثه بنفسه، وحديث كمال عمر أيضاً.. نعم، إجراء أي تعديل على وثيقة دستور المحامين ينفي توقيعه البرهان وحميدتي عليها، وتصبح ما تم توقيعهما عليها (وثيقة أخرى)، أي (المُعدّلة).. و الحقيقة التي تتهرب منها قوى الحرية هي أن وثيقة دستور المحامين لم يبقَ منها غير اسمها تقريباً، لأن العساكر فعلوا فيها ما فعلتها الأرضة في وثيقة حصار بني هاشم في الجاهلية، وهذه ما أسماها برمة ناصر – وآخرين – بالتعديلات..!!
:: فالتعديلات التي وقّع عليها البرهان وحميدتي (تعديلات جوهرية)، وليست محض ترقيم وتشكيل وتصحيح لنصوص الوثيقة.. وعلى سبيل المثال، فإن جوهر الوثيقة الموقع عليه من قبل البرهان وحميدتي ينص على توسيع قاعدة المشاركة، بحيث تشمل الجميع، ما عدا المؤتمر الوطني.. توسيع قاعدة المشاركة بمثابة حجز الزاوية في بيان تصحيح المسار، و ظل يرفضه المجلس المركزي، ولم تنص عليه مسودة دستور المحامين غير (المُعدّلة).. ولكن بالتعديل، فالكل – ما عدا المؤتمر الوطني – شركاء في إدارة مرحلة الانتقال..!!
:: وكما ذكرت في ذات زاوية، أحزاب المركزي الأربعة لم تكن تريد أن يشاركها أي حزب أو تحالف آخر في حكومة الانتقال، أي وحدها تريد أن تكون (حاضنة سياسية) للبرهان وحميدتي، كما كان الحال قبل سلام جوبا.. وقد اجتهدت قوى المركزي في إظهار الصراع الراهن بأنه صراع مع العساكر، ولكن هذا غير صحيح، بل مزاعم مراد بها خداع الرأي العام والمجتمع الدولي.. فالصراع الحقيقي كان – ولا يزال – ضد توسيع قاعدة المشاركة، أي ضد قوى الميثاق الوطني و كل حزب يقترب من حاضنة رئيس الوزراء والعساكر..!!
:: على كل، مع توسيع قاعدة المشاركة، فالتعديلات تنص على حكومة كفاءات مستقلة، وليس هناك أي دور تنفيذي لكوادر الحاضنة السياسية، أو كما كان يحدث في حكومتي حمدوك – الأولى والثانية – تحت أستار اللجان و( شُلة أوزون) و(شلة المرزعة).. وفي التعديلات تحتفظ القوات المسلحة بكامل استفلاليتها، أي ليست هناك أية سلطة للجهاز التنفيذي المدني على المؤسسات العسكرية وتنظيمها.. أما مكافحة الفساد وإزالة التمكين، فإنها سيكون (عملاً مؤسسياً) يليق بالعدالة، أي بواسطة سلطات وكوادر (قانونية ومهنية)؛ وليس بتهريج وابتزاز نشطاء الأحزاب و لصوص زبيدة و الثورة ..!!
:: ثم أهم تعديل، كما قال برمة ناصر، هو أن تكون وثيقة الدستور (قومية)، وليست ثنائية مثل المسماة حالياً بالوثيقة الدستورية، وما هي إلا محض نصوص فطيرة أشبه بعقود إيجار (الشقق المفروشة)..و.. و.. عفواً، كما الزمن لم يسعف برمة ناصر في الجزيرة مباشر، فإن مساحة الزاوية أيضاً لن تسع حجم التعديلات.. وما لم تبصم عليها التحالفات الأخرى، فالتعديلات موعودة بالمزيد، وهذا ما يسمى بالتفاوض والحوار، وبعدهما تأتي المشاركة..!!