انهيار الهدنة في اليمن

تقرير : محمد ابراهيم عثمان

لا تزال أصداء المواقف الدولية والإقليمية المنددة والقلقة تحوم أجواء الأزمة اليمنية، بُعيد رفض الحوثيين مقترحا تقدم به المبعوث الأممي إلى اليمن هانز جروندبرج لتمديد الهدنة التي دخلت مرحلة جمود بأفق مجهول، فالاتحاد الأوربي والولايات المتحدة والمملكة المتحدة حمّلوا الحوثيين مسؤولية إفشال مسار التهدئية وعرقلة طريق الحل السياسي؛ فضلا عن مواقف مماثلة، عربية وإقليمية اتخذت المحنى ذاته في تبني الموقف.

الشعور بالاحباط أجهض آمالا عريضة تمسك بها اليمنيون للخروج من نفق الأزمة، وبات سيّد الموقف على المستوى الشعبي العام في اليمن، مع مخاوف من تجدد النزاع بصورة أضرى بعد نصف عام من الهدوء شمل اليمن برمته وتنامت معه آمال السلام على الصعيدين، المحلي والدولي، تلازمًا مع تراجع ملحوظ في العمليات القتالية والخسائر المُكلِفة في صفوف المدنيين مقارنة بما كان عليه الوضع قبل الـ 2 من أبريل (يوم دخول الهدنة حيّز التنفيذ).
لا تخلو بيانات الشجب التنديد التي صدرت منذ الأحد الماضي من تحميل الحوثيين مسؤولية تعطيل الاتفاق وإغلاق المسار السلمي الذي كان يعول عليه لإخراج اليمن من مأزقها الحالك، كما أن لغة التهديد على لسان قادة حوثيين بارزين والتوعد بتفجير الحرب على نطاق واسع من جديد حملت المجتمع الدولي على التحذير من العواقب الوخيمة لهذه التشنجات التي فيما يبدو يرجو من ورائها الحوثيين إضافة ما أمكن من مكاسب على الاتفاق الذي لم يرضوا به بعد.
يُفهم من الأسباب الكامنة والتباينات الواضحة في مواقف الجماعة المدعومة من إيران، أنها تبحث عن مخرج لإخلاء مسؤولياتها من تحمل نفقات صرف رواتب موظفي الدولة من إيرادات ميناء الحديدة كما نص اتفاق ستوكهولم، والحفاظ على المكاسب التي تُجنى من الميناء (وصلت أكثر من ٢٠٠ مليار ريال في فترة الهدنة)، مع الضغط في اتجاه تحميل العبء على الحكومة لتأمين رواتب الموظفين حتى في مناطق سيطرة المليشيا، وهو الأمر غير المعقول، والذي لم يقتنع به المجتمع الدولي فضلا عن بديهية رفضه من قبل الحكومة اذا اُفترض أنه عرض عليها.
تبدو مقايضات الحوثيين غير منطقية، وقد انعكست حتى على مستوى الوعي الشعبي الذي بدى في حالة امتعاض اقرب منها إلى الرفض والشجب لمسألة إقامة حواجز في الطريق الذي يُنتظر أن تمر من خلاله قاطرة السلام نحو غاية التسوية السياسية، خاصة وأن الأولوية الشعبية أصبحت ايقاف الحرب يعقبها صرف رواتب الموظفين والتأسيس لمرحلة سلام شامل؛ وأي ضربة خارقة للهدنة تعنى العودة لدوامة الحرب من جديد وانتظار فصول من الاقتتال لا تعرف نهايتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × أربعة =

زر الذهاب إلى الأعلى