(الطرق والنقل والمواطن) … أين المشكلة ..؟! بقلم : إبراهيم عربي

بلا شك أن العلاقة بين إتحاد غرف النقل والهيئة القومية للطرق والجسور علاقة تكاملية لتحقيق مصالح مشتركة وذات منفعة مشتركة أيضا ، وبالتالي يفترض أن يسود بينهما التوافق في إطار ذات المصالح المشتركة وليس التشاكس ومحاولات سياسة لي الذراع لا سيما بشأن رسوم عبور الطرق وإستخداماتها .
ولذلك لم أجد مبررا مقنعا يجعل إتحاد غرف النقل والهيئة القومية للطرق والجسور لأن يتقاتلا وكل يحاول أن يفرض مصلحته علي الآخر بعيدا دون إتفاق بينهما لا سيما بشأن المقترح الذي دفعت به الهيئة لوزارة المالية الإتحادية لزيادة رسوم العبور بمحطات الطرق القومية بنسبة 600‎% والتي بدأ تطبيقها واقعا أعتباراً من الأول من أكتوبر الجاري وعزت الهيئة ذلك للتضخم الكبير الذي أثر علي تكلفة صيانة الطرق وغيرها ..!..
فالهيئة القومية للطرق والجسور لم تقدم علي زيادة رسوم عبور الطرق منذ بداية العام الماضي 2021 قياسا علي التضخم المتواصل والزيادات المتتابعة في الأسعار ، ربما رأفة بالمواطن وربما بسبب إجراءات إدارية داخل الهيئة نفسها ، ولكن بكل تأكيد لا تملك الهيئة حلا دون زيادة الرسوم ..! والتي إن أخضعناها للواقع قياسا علي الزيادات المتواصلة في المأكولات والمشروبات والمحروقات وتعرفة الكهرباء والمياه والإتصالات وغيرها من رسوم التعليم وتكلفة العلاج نجدها نسبة ضئيلة ولكنها بلاشك تؤثر سالبا علي قفة ملاح المواطن والذي أصبح جيبه مجرد خزينة لوازة المالية ..!.
علي كل إذا قارنا الزيادات في رسوم العبور مع بقية الخدمات ما حولها نجدها لا تتجاوز سعر تذكرة في بص أو عمولة كمنسجي أو أجرة حمولة طن من حمولة الشاحنة علي أسوأ الفروض والتقديرات ، وربما لذلك رأت وزارة المالية المقترح منطقيا فدفعت به كما هو ليصبح الأمر واقعا وقد دخل حيز التنفيذ ولا تراجع عنه حسبما قطعت وزارة المالية نفسها ، إذا هذه الزيادات أصبحت واقعا ولابد من التعامل معها بعقلانية ..!.
لا أدري إن كانت تمت المشاورات بين الهيئة وإتحاد غرف النقل أم لا ..! علي أي حال كان الأوفق أن تتم المشاورات في هذا الجانب لأن الأمر يتطلب التجانس والتوافق لأجل المصالح المشتركة بين الطرفين وليس التشاكس والتلويح بسلاح الإضراب حسبما لوح به الأمين العام لإتحاد غرف النقل من قبل أصحاب الشاحنات ، وبالطبع يقود ذلك لتكدس الشاحنات على الطرق لاسيما طريق (بورتسودان – الخرطوم) احتجاجًا على هذه الرسوم الجديدة لعبور الطرق القومية ..!.
صحيح أن واجب الحكومة تشييد الطرق والكباري وكافة مشروعات البني التحتية لتسهيل عمليات العبور ، وتقودني الذاكرة لمعاناة قاسية قبل تشيد طريق (الخرطوم – بورتسودان) ، وكان وقتها حمولات الشاحنات العاملة (فيات – قندرانات) لا تتجاوز (30) طن وبعض اللواري وغيرها ذات الحمولة والتي لا تتجاوز (15) طن وأن كثيرها تعرضت لمشاكل متعددة بسبب عدم وجود الطرق المسفلتة وحدث فيها ما حدث من تلف وتهلكة أخرجتها من الخدمة تماما قبل عمرها الإفتراضي ، ولذلك فإن هذه الطرق نعمة وتحافظ علي حالة السيارات ، وكان طريق بورتسودان من أعظم الإنجازات في ذلكم الوقت ولكنه تعرض بذاته لكثير من آثار الدمار والخراب بسبب الإستخدام الخاطئ وقد تم تأهيله وصيانته اكثر من مرة ليواكب المتطلبات والتطورات الكبيرة التي حدثت داخل غرف النقل .
الحكومة من جانبها إلتزمت بتشيد الطرق رغم أن تكلفتها المالية العالية وإذ تتجاوز أو تقل تكلفة الكيلو متر الواحد من الزلط (مليون) دولار في ظل ظروف إقتصادية معلومة لدي الجميع ..!، ولكنها تركت أمر الصيانة للهيئة القومية للطرق والجسور والتي لا تملك إيرادات غير رسوم عبور الطرق ولذلك لم يكن أمامها من خيار إلا زيادة الرسوم والتي جاءت كما ذكرنا آنفا .
من خلال متابعاتنا ووقوفنا ميدانيا علي العديد من الطرق ومنها طريق التحدي والنيل الغربي والصادرات الذي أصبح عرضة للفيضانات والسيول بسبب عدم تنفيذ السدود المقترحة ، والطريق البعاتي المتعثر في التشييد والطريق القومي (الأبيض – كوستي – الخرطوم) وطريق الدمازين والطريق القومي (مدني – بورتسودان) وغيرها ، لاحظنا الآثار الكبيرة والإنجرافات التي أحدثتها الأمطار والسيول والفيضانات التي أخرجت بعض هذه الطرق عن الخدمة .
فيما كشفت الزيارات أيضا عن تجاوزات كبيرة في الحمولات إذ تتجاوز حمولات بعض الشاحنات (100) طن تجاوزت السقف المحدد (56) طن ولذلك كان لابد من تفعيل الموازين لضبط هذه المخالفات التي تسببت في تصدع وإهلاك الطرق وبعضها أصبح سيئا يعوق حركة السيارات بسبب الحفر والإنجرافات ، فلا أدري كم إستهلكت هذه السيارات من ضراعات وإطارات وبلي ويايات أو شيالات وغيرها وهذا بالطبع غيض من فيض من المشاكل التي تواجه السيارات بسبب سوء الطرق .
علي كل إن تركت الهيئة هذه الطرق هكذا دون صيانة ستصبح سيئة وخارج الخدمة ، وبالتالي لن تجد غرف النقل طرقا وتتوقف الشاحنات تلقائيا ، ولن تجد الحكومة ناقلا وسترتفع الأسعار ولم يعد جيب المواطن قادرا لمقابلة إحتياجاته ،وبالتالي فإن المصلحة في الطرق مشتركة بين الهيئة وغرف النقل والمواطن ويتضرر بسببها الجميع .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى