أخر الأخبار

علي بلدو : أنا (فاقد حنان) ﻷسباب تتحمّلها الحكومة والمجتمع

د. علي بلدو لـ(السوداني): السودان مُحتاج إلى طبيب (نفساني) ومُعالِج سُلوكي…!!

حُكّام اﻹنقاذ مهما كانت عيوبهم فهُم أفضل بكثير مِمن عقبوهم..

الشعب يُعاني من (جفاف عاطفي) و(تصحُّر شعوري) ومن يُمارس (الرومانسية) يُوصف بـ(العَوارة)!!!

لهذا السبب هنالك (عروستين) من بين كل عشر يُعانين من اضطرابات شهر العسل
***********
حوار: ياســـر الكُردي

قال استشاري اﻷمراض النفسية والعصبية (الشهير) دكتور علي بلدو إنَّ حاجة السودان الماسة، اﻵن إلى طبيب (نفساني) ومُعالِج سلوكي، ليس إلى سياسيين، مدنيين كانوا أو عسكريين، مؤكداً بأن الساسة السودانيين بأسهم بينهم شديد ولا يوجد بينهم (راشد).* *واعترف بلدو بأنه (فاقد حنان) ﻷسباب يتحمّلها النظام الحاكم وليس هو.* *مشيراً إلى أن الشعب السوداني ظل لفترةٍ طويلة يعاني من حالة (جفاف عاطفي) و(تصحُّر شعوري) جعلت من يحاول ممارسة (الرومانسية) يوصف بـ(العَوارة).

لو طلبنا منك دراسة تحليلية (سيكلوجية) مقتضبة للحالة السودانية (اﻵنية)، ماذا تقول؟
السودان الان في حاجة ماسة إلى طبيب نفساني ومُعالج سلوكي، أكثر منه حاجةً إلى سياسيين من المدنيين والعسكر، ذلك لأن مشاكل البلد تكمن في حل وتفكيك الشخصية السودانية للتحرر من القيود والانغلاق وخلق الفارق، لإحداث المصالحة بين مكونات المجتمع المختلفة وحلحلة ما في النفوس من ضغائن وتوجُّس نحو اﻵخرين وهذا يمثل تأهيلاً نفسياً واجتماعياً للمواطنين والقادة على حدٍّ سواء، من أجل خلق سودان جديد ينعم بالحرية والديمقراطية والسلام والعادلة كواقع مُعاش وليس كشعار يُتاجر به اللصوص و(المشعوذاتية).
برأيك أين تكمُن المشكلة في المواطن السوداني و(سلوكه) أم في المسئول و(تركيبته النفسية)؟
اﻹثنان معاً، فالمُتلازمة السودانية أصبحت عبارة عن داء عُضال أصاب البلاد في كل شئ نتيجة للصراعات وعدم الاستقرار على كافة اﻷصعدة، ما جعل الدولة تعاني من الاضطرابات المختلفة.. وبالتالي أصبحت بلادنا عبارة عن دولة فاشلة ومُكتئبة وذات أفق مسدود ومستقبل مظلم.. واﻵن يمكننا القول أن السودان على وشك الانتحار تماماً.
منذ (رفع العلم) عام ٥٦ ظلت المشاكل في السودان تتناسل حتى يوم الناس هذا، برأيك مشكلتنا سياسية أم (سايكولوجية) أم ماذا*؟*
جذور الأزمة السودانية ليست في الجوانب السياسية والأمنية، بل إن مربط الفرس وكلمة السر تكمن في الأزمة النفسية والاجتماعية والتي لم تُعالج حتى اﻵن، فالساسة السودانيون بأسهم بينهم شديد، بدليل انه حتى هذه اللحظة لا يوجد سياسي سوداني راشد .. ومن يطرحون أنفسهم اﻵن في الساحة السياسية يفتقدون للكاريزما والمهارة، ولذا نجد أن المواطن السوداني اﻵن أصبح ضحية لمسئولين أتوا في غفلةٍ من الزمان. عليه فإن فقدان القيادة الرشيدة والقائد المُلهَم سيظل لُغز سودانياً عصياً على الحل.
في تصريح شهير لك وصفت الشعب السوداني بأنه (فاقد حنان).. ما هو دليلك
دون شك إننا نعيش منذ زمن طويل في حالة (جفاف عاطفي)، و(تصحُّر شعوري) وفقدان للرومانسية، كما نعاني من ضحالة في التعبير وفشل في عرض ما يجيش بالدواخل من وجدان سليم وشعور راقي، وبالطبع يعود ذلك لخلل في الشخصية السودانية، ما جعل البعض يهرب للفضاء الإسفيري ومتابعة القنوات والمسلسلات اﻷجنبية… صحيح أننا نجيد التعامل في اﻷشياء المادية، لكننا في ذات الوقت نفشل في تقديم الكلمات الجميلة والإبتسامة اللطيفة والرومانسية… ليس ذلك فحسب بل إن من يتسم بهذه الصفات سيكون مصدراً للتندُّر والسخرية من اﻵخرين، وهنا تكمُن المأساة التي تجعل (الفقد الحناني) يتفشّى.. ولذا كل من يحاول ممارسة الرومانسية سوف يُوصم بـ(العوارة).
دكتور بلدو هل داخل في زُمرة (فاقدي الحنان)؟
أعترف لك بأنني أشعر كثيراً بـ(فقد الحنان) نتيجة لما أُلاحظه يومياً لفقد اﻵخرين من الجنسين له في مختلف ضروب الحياة.. فما يحدث في بلادنا من مشاكل وصراعات تجعل الشخص في حالة من الحزن وعدم الارتياح النفسي نتيجة لشعوره بمعاناة اﻵخرين في معسكرات النزوح واللجؤ والنزاعات القبلية والاضطرابات اﻷمنية، وانتشار اﻷطفال فاقدي السند، وافرازات السنوات الماضية من قتل واختفاء قسري، كل ذلك يجعل أي سوداني يعاني من هذه الناحية بصورة أو أخرى وكل ذلك ﻷسباب تتحمّلها الحكومة بالدرجة اﻷولى ومن ثم المجتمع.
*من الأقوال المنسوبة لك أن الأموال المُهدرة في (حبوب التسمين) كفيلة بحلِّ مشاكل اقتصاد الدولة.. على ماذا استندت في قولك؟*
حبوب التسمين، وحقن التفتيح وما شاكلهما، علاوةً على ما تسببه من مشاكل صحية كتفسُّخ الجلد والفشل الكلوي والاضطرابات النفسية وغيرها… هذا يجعل التكلفة عالية جدا في الاستعمال وثم المضاعفات والعلاج… وحسبما ما ذكرت جمعية حماية المستهلك، الجمارك ومكافحة التهريب فإن ما يتم اهداره من أموال فيها يكفي لحلحلة كل مشاكل السودان الاقتصادية… والمؤسف أن هذه (المصيبة) آخذة في الاستفحال، ما جعلها تُؤرِّق اﻷطباء وكل العاملين في الحقل.. ويكفي أن هنالك (عروستين) من كل عشر يُعانين من اضطرابات شهر العسل نتيجة لاستخدام حبوب التسمين وما يندرج تحتها من مواد تجميل محظورة وغير مُصرّح بها.
*بحسب دكتور بلدو فإنّ أغلب الشعب السوداني يعاني من الإكتئاب.. من أين لك هذا*؟*
نعم، هنالك (٢٢) مليون سوداني يعانون من الاكتئاب وهذا يمثل حوالى (٥٠ – ٥٥%) من عدد السكان، وهذه نسبة عالمية موجودة.
أما محلياً فقد تم نشر دراسة بهذا المعنى عام ٢٠١٧م من قبل الوزارة الولائية المختصة بالخرطوم وقد أوضحت أن أكثر من (٦٧%) من المواطنين والمواطنات الذين يترددون على أطباء الباطنية والجراحة وغيرهما من التخصصات، هُم في الواقع يعانون من الاكتئاب والقلق والتوتر وهذا يؤدي إلى إهدار الموارد الاقتصادية والطبية والضغط على المرافق الصحية، وهذا يتسبب في استنزاف الموارد في فحوصات وأدوية غير ضرورية، ما يؤدي إلى انهيار المنظومة الصحية، وهذا ما حدث فعلاً اﻵن.
*من خلالك تخصُّصك، ما الفرق بين المسئولين في (عهد البشير) والمسئولين اﻵن*؟*
حُكّام العهد السابق رغم ما يُقال عنهم، وما تم اثباته ضدهم، إلا أنهم أفضل بكثير جدا ممن رأيناهم خلال الثلاثة أعوام الاخيرة، حيث أثبتوا تماما انهم ضعاف الشخصية.. مصابون بالتوجس وعدم قبول اﻵخر ولا يملكون أي رؤية حل المشاكل، وإذا استمر هؤلاء في سُدّة الحكم ستنهار البلاد ويصبح السودان نسياً منسياً..
*هل سبق وأن طلب منك مسئول كبير ارشاده ونصحه في كيفية إدارة الدولة.. (في ما يلي تخصُّصك طبعاً)*؟*
لم يحدث أن طلب مني مسئول كبيرا كان أو صغيرا استشارة في كيفية إدارة ملف معين وهذا يبرز المشكلة الذهنية لدى المتنفّذين فهم دوما أصحاب نظرة ضيقة ولديهم رغبة في تحقيق المصالح الشخصية، ولذا تجدهم يعانون من إرتياب وشكوك نحو اﻵخرين وذلك هو مكمن الخطر في هذه المتلازمة السودانية.. وبالتأكيد لو طلبوا تلك الاستشارات لما (حدث ما حدث) وأخشى أن أقول (فات اﻵوان).
*البعض يقول إنَّ دكتور بلدو ذاته في حاجة مسيسة لعرض نفسه على (طبيب نفساني).. ما ردّكم*؟*
نعم، أشعر كثيراً بـ(فقد الحنان) نتيجة لما أُلاحظه يومياً لفقد اﻵخرين من الجنسين له في مختلف ضروب الحياة.. فما يحدث في بلادنا من مشاكل وصراعات تجعل الشخص في حالة من الحزن وعدم الارتياح النفسي نتيجة لشعوره بمعاناة اﻵخرين في معسكرات النزوح واللجؤ والنزاعات القبلية والاضطرابات اﻷمنية، وانتشار اﻷطفال فاقدي السند، وافرازات السنوات الماضية من قتل واختفاء قسري، كل ذلك يجعل أي سوداني يعاني من هذه الماحية بصورة أوز أخرى.
*ما هو السؤال الذي توقّعته ولم يرد ذكره*؟ *وما ردك عليه؟*
السؤال الذي كنت أتوقعه هو: متى يتوقّف البروفيسور علي بلدو عن إثارة الجدل واطلاق التصريحات المثيرة للنقاش?
واﻹجابة هي: (انتو لسه ما شفتو حاجة.. دي المناظر فقط.. الفيلم ما بدأ لحدي اﻵن انتظروني بس).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى