ابراهيم عربي يكتب : (أسواق السلام) … لا تقطعوا شعرة معاوية ..!

الخرطوم الحاكم نيوز
من الواضح أن كومرد الحلو ترك الحبل علي القارب لقواته التي أصبحت في جزر معزولة لتعيث في الأرض فسادا فأصبحت عبارة عن إقطاعيات وعصابات تنتهك الفظائع بلا رقيب وبلا حسيب ، وقد لفتنا إنتباه الحلو كثيرا من قبل لخطورة ومآلات تلكم الخروقات الأمنية من قبل قواته ..!.
وبل حذرناه من الخطورة بمكان أن تقود تلكم الإستفزازات لإنهيار السلام المجتمعي الذي تحقق والذي أصبح جوارا آمنا وأسواقا مجتمعية ، وبالتالي كنا نخشي أن تقود تلك لإنهيار وقف إطلاق النار ووقف العدائيات غير المكتوب بين قواته وقوات الحكومة منذ أكثر من (خمس) سنوات في ظل التملل وسط الجيش إزاء تلكم الإنتهاكات ..!.
مع الأسف الشديد حدث ما كنا نخشاه ..! ، فقد أعلنت السلطات الحكومية بولاية جنوب كردفان إغلاقها (أسواق السلام) المشتركة بين المواطنين في مناطق سيطرة الحكومة والحركة الشعبية (الحلو) حسبما أعلن قائد الفرقة (14) مشاه كادوقلي اللواء ركن محمد عبدالله الفكى أمس الأول أمام حشدٍ جماهيري بمناسبة تخريج دفعة جديدة من جنود القوات المسلحة بكادقلي ، وعزا الفكى الأسباب نتيجة للإنتهاكات التي إرتكبتها الحركة الشعبية أثناء سريان وقف إطلاق النار من بينها أسر الحركة لمجموعة من المواطنين وطاقم التطعيم في مارس من الماضي .
بلاشك أن الحرب في جبال النوبة / جنوب كردفان بين الحكومة والحركة الشعبية (الحلو) لها خصوصيتها ومآسيها وأوجاعها ، فقد جعلت الأسرة الواحدة تتقاتل في داخلها بسبب الإستقطاب الحاد ، ولذلك جاءت فكرة (أسواق السلام) بمبادرة مجتمعية لتصبح بمثابة نفاجا لمد جسور الود بين الطرفين ولتعزيز السلام المجتمعي الذي تحقق بين المواطنين في ظل تكم الحرب المتطاولة بين الحكومة والحركة الشعبية (الحلو) ، وبالتالي عززت هذه الاسواق جسور الثقة مجتمعيا للتواصل وتبادل المنافع فيما بينهم وتم تكوين لجنة مشتركة لذات الغرض وأصبحت أسواق (حجر الفول ، التيس ، كلولو، دري وغيرها) ، أصبحت أسواقا معترف بها ، فأصبحت ملتقيات للأسر ببعضها البعض .
وبالتالي اعتقد ما ذهب إليه قمر دلمان الذي سمي نفسه (جاتيقو أموقو دلمان) ، ليس صحيحا ، فإن أسواق السلام الأسبوعية هذه والتي وقفنا عليها ميدانيا أصبحت موردا إقتصاديا مهما للأسر بالطرفين وإذ يجد فيها المواطن مبتغاه من السلع وبعض الخدمات بأسعار فيها نوعا من التنافس ، وبل قضت تماما علي ظاهرة (أسواق السمبك) والتهريب وما تسببت فيه من دماء ، وإذ تتجاوز حجم الأموال المتداولة في هذه الأسواق (المليارات) من الجنيهات إسبوعيا .
هذه الأسواق تتبادل من خلالها الأسر المنافع من الماشية والدجاج وغيرها والمنتجات الزراعية بأنواعا وثمار الغابات والملابس والمصنوعات البلدية والمواد الإستهلاكية من الدقيق والسكر وملح الطعام والبصل والزيوت والصابون والشعيرية والعدس والأرز والعديد من البقوليات والمشروبات المعدنية والغازية والأدوية تأتي من مختلف المناطق من داخل الولاية وخارجها ،وبلا شك ساهمت جميعها في تعزيز السلام الاجتماعي وجسرت العلاقة بين المواطنين في مناطق الحركة الشعبية ومناطق الحكومة ..!.
وليس ذلك فحسب بل تطورت شكل العلاقة وتعززت الثقة فحققت إختراقا وسط بعض القيادات العسكرية والمجتمعية معا ، غير أن الحركة كانت الكاسب الأكبر فتمددت تمددا ناعما لم يتوفر لها طيلة سنوات الحرب فأصبحت كادقلي متنفسا إقتصاديا ورياضيا وثقافيا وإجتمعيا لقواتها تماما كما أصبحت كاودا متنفسا للعلاج ومكانا لملتقيات أهلية بمبادرة شخصية من قبل القائد الحلو ، فكسب الرجل الرهان وتحقق له ما أراد من سياسة خطته الإستراتيجية تلك ..!.
ولكن مع الأسف فقد تعددت الخروقات الأمنية من سرقات لآلاف الأبقار بعضها ذهبت كاودا مثلما ذهبت (الآلاف) من أبقار الحوازمة من بينهم أبقار أولاد غبوش و(المئات) منها ذهبت جلد منها أبقار الفرشاية (70) وأبقار المسيرية (80) وإغتيال (إثنين) وأسر (تسعة) آخرين تحت فرية أنهم مجندين بقوات حكومية نفاها الجيش ونفتها أسرهم من المسيرية أنفسهم ، ولازالت الحركة الشعبية (الحلو) توعد بإطلاق سراحهم وتخلف وعدها ،وآخرها قالت عبر وسيط لها قبل أكثر من إسبوع إنها ستعلن عن إجراءات لإطلاق سراحهم ولكنها لم تفعل حتي كتابة المقال ..!.
من الواضح أن القائد عبد العزيز الحلو فشل دون إطلاق سراح تيم التطعيم (ستة أشخاص) كانوا بطاسي تجاوز أسرهم (ثمانية) أشهر ومن قبلهم تيم الصيادين من شمال كردفان (8) كانوا أيضا بطاسي ومن ثم الرعاة المسيرية الذين كانوا بجلد وتجاوز أسرهم (43) يوما ، ورغم الوعود والتي أكدها جابر كمندان كومى (خشم) الحركة الشعبية (الحلو) بأن الحركة إتخذت قرارا بإطلاق سراح الأسرى وتسليمهم عبر جوبا وفقا لمبادرة ووساطة رئيس دولة جنوب السودان الفريق أول سلفا كير ميار ديت إلا أن الأمر لازال يراوح مكانه حتي كتابة المقال أيضا ..!.
علي كل تمادت قوات الحركة الشعبية كثيرا لتعتدي بصورة سافرة علي فريق أولاد غبوش بجبل أم درمان علي مقربة من قوات الجيش ،فجاءت جميعها بمثابة إستفزازات فشلت فيها كافة المناشدات والتوسلات والوساطات الداخلية والخارجية ، وتعتبر جميعها بمثابة أسباب أدت لإتجاه الجيش لإغلاق أسواق السلام والتي تعتبر بمثابة شعرة معاوية بين الطرفين فلا تقطعوها ..!.
الرادار .. الخميس 23 سبتمبر 2022 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى