ابراهيم عربي يكتب : (الصمغ العربي) … بشبابنا نطق هشابنا ..!

الخرطوم : الحاكم نيوز

تنازعتني الأفكار شططا في عالم الإفتراضيات وفقا للمعطيات والمتغيرات مابين الواقع والمأمول لمخرجات هذه الورشة المتخصصة للصمغ العربي والتي غلب عليها الشباب حضورا ومشاركة تحت شعار (بشبابنا نطق هشابنا ..!) ، فالمقاربة بعيدا جدا مابين هذا وذلكم المنظر الذي أصبح مألوفا للشباب المنتج وهم يتزاحمون يوميا بأعداد كبيرة أمام قنصليات وسفارات الدول بالخرطوم هربا للخارج وبعضهم قد ركب البحر وخاضها تجربة لعالم المجهول ، لا سيما عقب الثورة التي تم إختطافها وضاعت معها آمالهم وتطلعاتهم في وطن يحلمون به (حنبيهو البنحلم بيه يوماتي ..!) .
لبيت الدعوة حضورا لهذه الورشة المتخصصة للصمغ العربي لأهميتها تحت عنوان (إستدامة إنتاج الصمغ العربي وفقا للمتغيرات البيئية والإجتماعية والإقتصادية) ، نظمتها منظمة الهشاب للتنمية الريفية أمس الأربعاء الثالث من أغسطس 2022 بقاعة وزارة الإعلام بالخرطوم ، وقد حظيت الورشة بمشاركة فاعلة من قبل الشباب والمنتجين وأكاديمين وباحثين وخبراء ومختصين وناشطين في المجال ..!.
بالطبع لم تكن هذه الورشة الأولي للصمغ العربي ، فقد سبقتها عدة ورش ومؤتمرات وسنمارات  بالسودان خرجت بعدد كبير من التوصيات ولكنها مع الأسف ظلت كثيرها حبيسة الأدراج إلا قليل منها ، ولكن ما يميز هذه الورشة إنها جاءت أكثر خصوصية وأهمية من حيث موضوعاتها المنتقاة في (ثلاثة) أوراق جاءت تلامس متطلبات النهوض بالصمغ العربي الهبة الربانية وللسودان فيه ميزات تفضيلية وإذ يمتلك 85 % من إنتاج العالم ولكن بلا شك في النفس شيئ من حتي ..!.
جاءت الورقة الأولي تلامس الواقع تحت عنوان (التحديات والفرص في قطاع الصمغ العربي في السودان، من منظور المنتجيين والمجتمعات المحلية) ، تأتي أهمية هذه الورقة التي قدمها الدكتور حامد البشير بإعتباره (شاهد شاف كل حاجة ..!) فالرجل من أسرة تعمل في الرعي والزراعة ومنتجة للصمغ العربي وكان واليا لجنوب كردفان في حكومة الثورة وهو خبير في مجال التنمية والتخطيط الاقتصادي ، فالرجل خبير بالأمم المتحدة لأكثر من (20) عاما عمل في عدة دول وقد أهلته سيرته العطرة تلك لأن يصبح مرشحا قويا لرئاسة الحكومة الإنتقالية بالسودان والتي تباينت إتجاهاتها خلفا للدكتور عبد الله حمدوك .
علي كل شرحت الورقة الوضع الماثل في حزام الصمغ العربي من واقع تجربة معايشة وخبرة ودراسة وقالت أن 70% من سكان الحزام الممتد في (13) ولاية يعيشون تحت خط الفقر وعجز في التنمية والخدمات فيما تتصاعد فيها النزاعات والصراعات بسبب ذات قلة الموارد والتي نتجت عنها مزاعم التهميش السياسي ، لذلك طالبت الورقة بأن يكون للصمغ العربي هيئة مستقلة لرعايته وزراعة الهشاب بواقع (مائة) مليون شجرة سنويا بولايات السودان المختلفة وبورصة عالمية للتسويق وبنك متخصص للدعم والتمويل وصناعات تحويلية وإعتماد التعليم الأخضر ضمن المنهج الدراسي .
فيما جاءت الورقة الثانية والتي أعدها عدد من الخبراء والمختصين في الشأن بينهم مقدمها الدكتور طارق الشيخ محمود رئيس مجلس الصمغ العربي المستقبل والذي تقلب في إداراته المختلفة وهو أيضا خبير دولي وأستاذ جامعي ، جاءت الورقة تلبية لطلب حكومة الثورة تحت عنوان إضاءات على الأستراتيجية الوطنية للصمغ العربي والأصماغ الطبيعية (2020 – 2030) وما تتيحه من محفزات للمنتجيين ، إلا أن حكومة الثورة تنكرت لمخرجاتها التي أوصت بإعتماد تلكم الإستراجية للتنفيذ وكعادتها جعلتها حبيسة الأدراج وقالت (ليست ذات أولية الآن ..!) وعلي إثرها قدم الرجل إستقالته ، ولكن ربما جاءت بمطلوبات لتشريعات وقوانين لن تستطيعها إلا حكومة مالية قاشها وتملك قرارها لأجل مصالحها الوطنية ، وبالطبع ليس ذلك بعيد عن السيطرة العالمية علي الصمغ العربي الذي جعلته منتجا مستثني أمريكيا من العقوبات في ظل مقاطعة النظام السابق وتلك جعلت فرنسا التي لا تمتلك شجرة هشاب واحدة أكثر الدول بالعالم تسويقا وتصنيعا للصمغ العربي ولتلك حكايات وقصص ..!.
أما الورقة الثالثة جاءت تحت عنوان الأثر البيئي والإجتماعي لعمليات زراعة وإنتاج الصمغ العربي في مناطق الهشاشة تحت عنوان جانبي (المواطنة البيئية)  قدمتها الدكتورة آمنة الفضل وقد حفلت بمداخلات عديدة من قبل الشباب والنشطاء في المجال ولعلها جاءت تتسق مع متطلبات الواقع الداخلي في ظل ضعف الثقافة البيئية للمواطن التي جعلت البلاد تعج بالنفايات والمخلفات والقاذورات والملوثات البيئية المكتسبة من خلال تعامل الإنسان سلوكيا مع واقعه المحيط به لا سيما من تلوث وتدمير مشروعات التنمية والخدمات وإنجراف التربة وقطع جائر للأشجار ذات الفائدة وإنتشار أشجار المسكيت والدومس وغيرها والتي أثبتت التجارب أن مضارها أكثر من مكاسبها وقد طغت علي قطاع الصمغ العربي .
علي كل جاءت الأوراق الثلاثة مكان إهتمام ولعلها تعالج وتساعد الشباب ليتبوأ مقعده ودوره الطليعي المطلوب ، لا سيما الورقة الثالثة والتي جاءت مواكبة للتوجهات الدولية في ظل التغيرات المناخية التي أصبحت واقعا الآن يهدد الدول الأوربية وبل دول العالم أجمع ، وقد أوصي مؤتمر غلاسكو بذلك وبل فرض جعلا ماليا (مائة) مليون دولار سنويا علي الدول الصناعية الكبري لدعم المعالجات المناخية بالتخلص التدريجي من طاقة الفحم والوقود غير الفعال ، وبالتالي المطلوب منا جميعا التكيف مع عواقب الظواهر المناخية حتى نتمكن من حماية أنفسنا ومجتمعاتنا ، وبذل كل ما بوسعنا لخفض الإنبعاثات وإبطاء وتيرة الاحتباس الحراري .
قد تختلف تلكم التداعيات بين قارة وأخرى ودولة ورفيقتها وفي داخل الدولة الواحدة حسب المكان الذي تعيش فيه المجتمعات وحسب مكتسباتها الثقافية البيئية ، وبالتالي قد تكون هذه التداعيات حرائق أو فيضانات أو جفاف أو إرتفاع في درجة الحرارة أكثر من المعتاد أو إنخفاض في درجة البرودة أقل من المعتاد أو ارتفاع مستوى سطح البحر حسب الظروف المناخية .
طالبت المداخلات الإهتمام بالبيئة والأفراد خاصة بإتخاذ بعض الإجراءات البسيطة والأولية بزراعة الأشجار أو الحفاظ عليها حول المنزل للحفاظ على التوازن في درجات الحرارة والبرودة بداخل المنزل ، ولكن إعتقد يكون جيدا لو إعتمدت الأوراق زراعة شجرة الهشاب كمعالج لخصوبة التربة وخفض تأثيرات الزحف الصحراوي وحفظ المعالم والحدود للمزارعين لتجنب الخلافات بسبب التعديات وضياع المعالم .
وفي الختام أكد طه هارون الأمين العام لمنظمة الهشاب للتنمية الريفية ، رعاية المنظمة للتوصيات وتمليكها للجهات ذات الصلة والإختصاص القومية والإقليمية والدولية لتجد حظها من للتطبيق وقال أن جهودهم ستتواصل لأجل النهوض بالصمغ العربي والمنتج معا .
الرادار … الخميس الرابع من أغسطس 2022 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى