محمد إدريس يكتب : منح (محنة الهوسا)..!!

 

*يقولون للمحن منح (ونبلونكم بالشر والخير فتنة والينا ترجعون)،ومنح أزمة إقليم النيل الأزرق كثيرة أعلاه التضامن الإنساني والتعاطف اللامحدود من العالم المتحضر مع شعب الهوسا وكل الشعوب والقوميات الواقعة تحت نير الاضطهاد والإقصاء والتنمر،وادناها قرع جرس الإنذار لمالات خطاب الكراهية الذي بات يزحم الآفاق، آخرها قرارات لجنة الأمن والدفاع بخصوص الوسائط الاجتماعية وإعادة ضبط قطاع الاتصالات..!

 

*وكذلك من منح الأزمة إعادة إكتشاف ذلك الشعب المسالم الذي ساهم في صياغة الوجدان السوداني برموزه الإبداعية التي غنت (يجو عايدين ياالله بالمدرع والمكسيم)،(يوم لبسو الكمامة)،
وهي تلهب حماس السودانيين في الحرب العالمية الثانية،حتى حاذت على لقب( أم كلثوم السودان) وخلفها قائمة طويلة من المبدعين الذين لولا الأزمة ماكان أحدا يكترث ليصنفهم إلا في قائمة المبدعين السودانيين، أمثال شرحبيل أحمد وموسى ابا وعبدالعزيز محمد داوود وإبراهيم حسين،ثم يأتي في آخر زمان العقل الرعوي والعشائري في عهد الإنتقال الفوضوي من يريد أن يسحب الهوية السودانية عن الهوسا،هل باستطاعته أن يسحب ويمسح كل تلك المساهمات الفنية و الأغنيات الخالدة والذكريات الشجية،هل باستطاعته أن يلغي (الاقاشي /القدوقدو)من المائدة السودانية.. هل يستطيع أن يلج الجمل في سم الخياط.. ذلك تماماً لمن أراد يخرج الهوسا من الوجدان السوداني..!

 

*ومن المنح أيضآ محاولة فهم مخطط إستهداف القوميات والقبائل في الشرق والغرب والنيل الأزرق على نحو عملي، بأنه إعادة لتدوير مخطط قديم هو تقسيم السودان(وليس مناوشات محدودة) تنقشع بالقلد أو المصالحات /بدأ قبل عشرة أعوام في جنوب السودان والحبل على الجرار على باقي الأقاليم ،مادامت حكومة المركز جالسة على اريكة الفرجة تضع الحبل على القارب لمروجي خطاب الكراهية وتستاهل مع من يعبثون بالأمن القومي،وتغض الطرف عن امراء الحرب وتجار القبائل،وقد كانت الشرارة الأولى شرقاً قبل ثلاثة أعوام وكانت قابلة للاطفاء في مهدها وجعلها عبرة لمن يعتبر، غير أن السلطة لشئ في نفسها تراخت(عملت رايحة).. وهذا ربما يعزز الزعم الدائر على نطاق واسع بأنها أزمات مصنوعة..!

 

*ومن المنح أيضآ أن المحنة كشفت قدرات الولاة.. الضعف والفشل في النيل الأزرق وكسلا .. الحكمة والحنكة في القضارف والخرطوم.. بينما غابت حكومة الإقليم عند الساعات الأولى للمحنة عملت حكومة القضارف بخطة أمنية رصدت وتعاملت مع ارتدادات الحدث من زوايا اجتماعية حيث خف الوالي للجلوس إليهم في مكانهم لتخرج المواكب بسلمية متحضرة بل تضامن المزارعين والتجار والعمال بأسواق المحاصيل بروح المودة التي تجمعهم في السراء والضراء مع أهلهم الذين ظلموا فكانت القضارف شعبا وحكومة (الولاية الأولى) في التعامل مع الأزمة بل تفوج اليوم قافلة دعم للنازحين من المواد الغذائية، وصارت على نهجها ولاية الخرطوم في التعامل مع موكب الساحة الخضراء..!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى