ابراهيم عربي يكتب : لماذا هارون حبيسا ..؟! (2 – 2)

الخرطوم الحاكم نيوز

مواصلة للحلقة الماضية رفضت المحكمة الخاصة المنعقدة بمعهد تدريب العلوم القضائية باركويت بالخرطوم برئاسة القاضى زهير بابكر عبدالرازق ، رفضت ظهور محامي الشاكي في الحق الخاص والد الشهيد النذير عبد الباقي بعد إعتراض من قبل هيئة الدفاع ، قالت أن المحامي عفاف عثمان قد إنسحبت من أمام المحكمة في جلسة سابقة ، كما قررت المحكمة مخاطبة النائب العام بشأن غياب وكيل النيابة المباشر لإجراءات الدعوي الجنائية ممثلاً للإتهام عن الحق العام ، وغياب المحقق (وكيل النيابة) عبدالرحيم الخير رغم أن المحكمة أعلنتهم للجلسة ، وبل شددت المحكمة في ذلك وقالت أن ممثل الإتهام عن الحق العام لايمثل نفسه وإنما يمثل المجتمع ، كما إنه لا يتمتع بحصانة حتي يفعل ما يحلو له دون إذن من المحكمة ..!.
علي كل لازالت ملابسات حبس مولانا أحمد هارون تشكل غموضا ، فقد أعتقل الرجل منذ فجر 11 أبريل 2019 ، بموجب أمر إعتقال تحفظي وفقا لقانون الطوارئ ، وقد حكمت المحكمة الدستورية في 26 نوفمبر 2019 بعدم دستورية إستمرار إعتقاله ، ولذلك لجأ النائب العام الأسبق (الحبر) بضم أحمد هارون والبشير وآخرين لبلاغ نزاع قبلي قديم مفتوح بالجنينة منذ العام 2006 ولا صلة لأيا من المتهمين به ، مع العلم بإنه بلاغ كان (محفوظا بسجلات شرطة قسم الجنينة) لعدم توفر بينات تبرر إستمراره حتي تجاه الذين قيد البلاغ ضدهم وتم إطلاق سراح من تم قبضهم فيه ، ولكن يبدو أن المطلوب فقط إيجاد مبرر قانوني لإستمرار حبس أحمد هارون ..!.
وبالتالي لعدم جدية البلاغ نفسه ولإنتفاء أي روابط من قانون أو وقائع تبرر ضم هارون لذلك البلاغ لم يتم إستدعاء هارون للتحري في البلاغ رغم إنه مقبوض عليه علي ذمة ذلكم البلاغ لأكثر من عامين ..!! ، الأمر الذي دعا هارون لإصدار بيانه الشهير الذي نعي فيه العدالة ، وقال قولته الشهيرة والتي كانت بمثابة مفاجاة للجميع (أنه جاهز للمثول أمام الجنائية الدولية كخصم بدلا عن وكلاءها) ، وأضاف (عندما يقتضي شرف المعركة أن لامناص من خوضها ، فالأفضل منازلة الأسود بدلا عن الضباع الجرباء ..!) ، فكانت ضربة قاضية لعدالة يمكن أن تتحقق علي أيدي القائمين علي أمرها في ذلك الوقت الذين ضنوا علي هارون حتي بإتباع الإجراءات القانونية الصحيحة في تجديد حبسه ، فقد قضي هارون أكثر من نصف هذه المدة حتي من دون أوامر تجديد يعني (قاعد سمبلة في السجن بدون أي غطاء قانوني) وفي المرات القليلة التي تم فيها تجديد حبسه تم ذلك بطريقة مخالفة تماما للقانون ..!.
غير أن أحمد هارون تقدم بشكوي لرئيس القضاء طاعنا في ذلك الوضع ومطالبا بالتحقيق مع قضاة التجديد الذين كانوا يشرفون علي سجن كوبر وأحال رئيس القضاء الشكوي لأحد أميز قضاة المحكمة العليا وأقدمهم للتحري والتحقيق في ذلك ، وكان بالطبع أمر يحمد لرئيس القضاء ..!.
وبالتالي طلب قاضي المحكمة العليا المحقق أوراق البلاغ المقبوض علي ذمته هارون رهن الحبس من النيابة ، غير أن النيابة عمدت للمرواغة والتماطل وإذاء ضغط القاضي المحقق ، قامت النيابة العامة وبسرعة بإحالة أوراق البلاغ الذي يحاكم هارون وآخرين بموجبه الآن (فض الإعتصام) للمحكمة وإفادة القاضي المحقق بإن (المشكلة إنتهت ولم تعد للنيابة دعوي بها بإحالة الأوراق للقضاء) علما بأن هذا البلاغ ظل مفتوحا علي الورق (بلاغ إحتياطي يتم تحريكه عند الطلب فقط لعرقلة أي إجراءات قد تسفر عن إطلاق سراحه) علما بأنه لم يتم التحري مطلقا مع هارون في هذا البلاغ الذي ظل مفتوحا لمدة عامين ونصف (منذ مطلع ديسمبر 2019) بل ولم يتم القبض علي هارون فيه وهو الإجراء الذي صححته المحكمة وأمرت في أول جلسة بالقبض علي هارون ورفاقه علي ذمته ..!! .
مع الأسف لم تنقض عجائب النيابة عند ذلك الحد بل طالبت بكل جرأءة وفي أول جلسة لتلك المحاكمة بإعادة أوراق ذلك البلاغ للنيابة لإستكمال التحري ..!! والسؤال ماذا كانت تفعل النيابة طيلة الثلاث سنوات الماضية ..!؟ والأنكي أن النيابة لم تكتفي بذلك الطلب الغريب بل إنسحب ممثلها من الجلسة عندما رفضت المحكمة طلبه في سابقة غريبة لم تعهدها المحاكم السودانية من قبل وانسحب محامو الحق الخاص تضامنا معه (وهم مجموعة من المحامين الناشطين سياسيا والخاملين مهنيا ..!!) مع الأسف الشديد ، وهو مادعا المحكمة لرفض ظهورهم لاحقا ومن ضمنهم المحامية التي تم طردها من المحكمة كما ذكرنا في الحلقة الماضية ، وذلك ببساطة لأن الإحتجاج علي قرارات المحاكم يكون بإستئناف قراراتها وليس الإنسحاب من أمامها وهذه نقطة بديهية في ممارسة المهنة.
من الواضح أن النيابة لم يكن لديها ما تفعله تجاه (بلاغ الجنينة 2006) ولذلك ظلت تتحين فرص زيارات ممثلو المحكمة الجنائية لتقوم بإستدعاء المتهمين (هاورن وصحبه) علي نظام لا يعدو أن يكون (ياهو أنحنا شغالين ..!) ، ولم تجد من هارون سوي الصدود رفضا منه لما أسماه حسب بيانه (مسرحية النيابة البائسة ..!) ، ولذلك رفعت النيابة يدها عن إجراءات تجديد حبس هارون بتلك الطريقة البائسة التي ناهضها قانونا ، وبالتالي قامت المحكمة بحبسه وفقا للدعوي الموضوعة أمامها .
ويتواصل مسلسل العجائب ..! ، فقد زار السودان وفد من الجنائية الدولية ممثلا لهيئة الدفاع في قضية كوشيب وطلب الوفد مقابلة هارون ، فقامت النيابة بلا حياء بزيارة هارون في محبسه لإخطاره بذلك الطلب الغريب ..! علما بإنه سبق لذات النيابة أن مررت لهارون من قبل طلب الإدعاء في قضية كوشيب لمقابلة هارون والبشير وآخرين ، وكانت ردودهم إزاء كل تلك الطلبات في شكل أسئلة من ضمنها ماهي الصفة القانونية للنيابة العامة للتصرف بالوكالة عن الجنائية الدولية ..!؟ هل يعني ذلك رفع النيابة يدها وتسليم الملف للجنائية الدولية ..!؟ إذ أن مبدأ التكاملية بين القضاء الوطني والجنائية لا يفيد المشاركة في الإجراءات بأي حال من الأحوال ..! ، وهل تمثل النيابة في هذه الحالة مصلحتي الإتهام والدفاع في وقت واحد ..!؟ وبالطبع عندما يحتار وكلاء النيابة إزاء ذلك يذهبون ولايعودون مرة أخرى لتلقي الإجابة ..!.
علي كل من الواضح أن النيابة وتحديدا النائب العام الأسبق (الحبر) قصد بضم هارون لبلاغ الجنينة توفير مظلة قانونية لإستمرار حبس الرجل وصحبه فقط لأنهم مطلوبين لدي الجنائية ، ولكن بسبب أن السلطة في ذلك الوقت كانت تضم فرقاء متشاكسون بشأن التعامل مع الجنائية ، فهي تعلم أن بلاغها (بلاغ الجنينة للعام 2006 ليس فيه أساس قانوني يبرر إبتداء ضم هارون له دعك من تقديمه للمحاكمة بموجبه) ، ولذلك ظلت عاجزة عن القول إنها تحبسهم نتيجة طلب الجنائية لهم ،وبالتالي إزاء هذا الوضع المضطرب ، وفي ظل التسويف والمماطلة إلي متي يبقي هارون رهن الحبس ..!؟ ، وهذا هو جوهر وسبب حراك الكردافة ومن خلفهم أهل السودان لتدشين حملة (هارون حرا ..!) والتي ستنطلق غدا الواحدة ظهرا بقاعة المؤتمرات بجامعة مأمون حميده بالخرطوم ومن ثم تنداح بولايات كردفان الكبري ..!.
الرادار .. الأربعاء 20 يوليو 2022 .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى