عمار العركي يكتب : (الدال) على فعل الشًير

الخرطوم الحاكم نيوز

شاعر افريقيا والعروبة محمد مفتاح “الفيتوري” عليه رحمة الله قال فى مقدمة رائعته وياقوتة شعره ، والتى أحسبها – تنبؤ مستقبلي للفيتوري تحقق – :
دنيا لا يملكها من يملكها
أغنى أهليها سادتها الفقراء
الخاسر من لم يأخذ منها
ما تعطيه على استيحاء
والغافل من ظنّ الأشياء
هي الأشياء!

سبب هذه التقدمة ، هو ما تلقفته وتخطفته المواقع والمنصات الأخبارية الترويج والتسويق الذى قدمه رجل الأعمال السوداني المثير للجدل المالى والسياسى “أسامه عبداللطيف داؤود” وتبشيره بمستقبل اقتصادي واستثماري زاهى وواعد كعائد لصفقة تشييد ميناء جديد فى بورتسودان بتمويل من شركاؤه واصدقائه الإمارتيين.

صفة “الشراكة والصادقة” سبق وأن ذكرها صراحة وزير شئون مجلس الوزراء السابق المهندس خالد عمر في رده خلال مؤتمر صحفي على سؤال خاص بالمبادرة الإمارتية بخصوص الفشقة عن “صفة” اسامه و “دوره” فى المبادرة ووقوفه ضمن الوفد الاماراتي المستقبل لرئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان حين زار الامارت ؟! حيث أجاب خالد عمر بأن ( اسامه داؤود تربطه صداقة شخصية وشراكة اقتصادية باثيوبيا والامارات ، يعمل على “إستغلالها” في “تقريب وجهات النظر” ) ، حيث بلغت تلك.الشراكة والصداقة لدرجة جعلت الشريك والصديق اسامه يعبر ويتحدث بلسان إمارتي مبين حيث ذكر لرويترز بان ( الإمارات تريد سوداناً مستقراً حتى يتمكنوا من القيام بالمزيد والمزيد من هذه الاستثمارات، لكننا لا ننتظر أن يكون كل شيء على ما يرام).

أذكر حين كان اللغط والجدل مثاراٍ حول المبادرة الإمارتية ، سطرنا سلسلة من المقالات بعنوان “الفشقة التى قصمت ظهر التغيير” فى هذه المساحة وذكرنا بالنص فى خاتمة الحلقة الاخيرة بأن ( فشل مساعى الإمارات في الفشقة ليس نهاية الطموح الاماراتي فى السودان ، وقلنا.حينها بأن الإمارات ستنحنى مؤقتاً لعاصفة رفض المبادرة ، وستخرج من باب الفشقة وتعيد ترتيب طموحها وتعود من باب آخر ، وقد كان )

نعود لأسامه ونقول ، مثل هذا الجدل القدحى أو الذمى الذى يتعرض له اسامه لأمر طبيعي ومتعارف عليه ومنصوص عليه بالقانون ما لم يخالفه تجاه أى شخصية عامة ، فما بالك بشخصية أكثر عمومية وضخامة كأسامه داؤود المثير للجدل فى دنيا المال والأعمال ، وكُثر الجدل حوله حين إقتحامه عالم السياسية داخلياً وخارجياً من أوسع الأبواب ، وذلك حسب متطلبات علاقة المال بالسياسية والعكس ، والتى يجب ان تكون علافة طردية ومتوازية .

الجدل الكثيف هو “هوية” اسامه المالية والسياسية سيتواصل دون الوصول الى اجابات حاسمة وقاطعة ليس لضعف فى حيثيات عبء إثبات “المدح أو الذم ” ، لأن فى زماننا هذا من “يمتلك المال والنفوذ السياسي والسلطة”، فبمقدوره إختراق يقين أن “طبيعة الأشياء هي طبيعتها” فيتحول اليقين الى ظن، وبالتالى يمتلك الحجة “وقوة المنطق ومنطق القوة”.

عليه ، وبعيدا عن الجدل الفلسفى ونظريات الموامرة فى شخصية اسامه وشريكته الإمارات ، فالمتابع والمواكب لقضايا الأمن القومي الإستراتيجية والتى بلضرورة هى هم لكل مواطن سودانى ومسئول فى وظيفة حكومية ، يتحسس ويقلق ويرتاب لمجرد “الظن” او ” التحليل” الذى يفضي الى بروز فرضية المساس بقضايا الامن الامن القومي . فكان السؤال المحورى لماذا يتصدر رجل المال والاعمال السوداني والوطني اسامه داؤود لشراكات وصفقات مالية تتعلق بالامن القومي الاستراتيجي كالقمح والدقيق والفشقة والميناء …الخ ؟! لماذا يكون دائما في صف شريكه الأجنبي ويروج للصفقات لشراكة هذه كترويجه للصفقة الأخيرة، والتى تعدت نطاق الامن القومي الى نطاق الأمن الإقليمي للبحر الأحمر – ودي براها “شربكة ودحديرة اقليمية من أمها ” سيدخلها كل الشركاء المحتملون ( الحكومة السودانية ، ، الامارات ، اسامه).

وإثناء ترقبنا وإنتظارنا لردة فعل حكومية اوتصريح رسمى عن هذه الصفقة، يطل علينا اسامه ‘عبر نافذة وكالة رويترز” ، وللاسف احتفلت وتسابقت المواقع والمنصات الوطنية بهذا ‘النقل’ ، الذى كان من الأسلم والأوجب لأسامه أن يخص به المواطن السوداني،وحصرياً على المواقع الاخبارية السودانية ،، ولكن “للشراكات والبزنيس احكام”.

:فى راي اسامه ، رجل أعمال ناجح جدا ، بحكم عقليته التجارية الفذة التى تتحسس بذكاء مواطن الربح والكسب بتخطيط تجارى مهارى ،

وعلى النقيض تماما يظل أسامه داؤود سياسى متواضع جدا، لا يستفيد من أخطائه السياسية لفقدانه خط التوازي الطردي بين ماله وسياسته ، فصفقة الفشقة وقبلها الشركة الفلبينية خير دليل على ذلك.

الآن ، أسامه يكرر “طبظاته السياسية” ويسارع “كرجل اعمال لا سياسي” فى شرح وتفسير متون ونصوص صفقة مالية ذات آبعاد سياسية وأمنية واجتماعية ، وظروف إستثنائية يعيشها مجتمع الشرق ،والذى ناهض وعارض صفقة الشركة الفلبينية الاماراتية مما دفع حكومة البشير لإلغاء الصفقة وإعادة مبلغ “العربون” .

وقبل أن يغادر اسامه منصة “وكالة رويترز” جاءت ذات المواقع الخبرية بأخبار وأنباء عن رفض ومعارضة مجتمع الشرق لهذه الصفقة ، خاصة نقابة العاملين بالموانئ والتى لوحت بالإغلاق الكامل إحتحاجاٌ ، كذلك كيان البجا ، ليكتب اسامه السياسى بنفسه نهاية لصفقة اسامه المالى ، قبل أن تبتدئ .

وفى محاولة للشريك الإماراتى لإنقاذ الصفقة بسبب “طبظة الشريك الرويترزية” ، قالت موانئ أبوظبي إنها لم تبرم أي اتفاقيات بخصوص أي مشروع مشترك لبناء ميناء في السودان، إلا أن الشركة بصدد “مناقشات مبدئية” مع الجهات المعنية في السودان وذلك في ظل سعيها المستمر لدراسة وتقييم مشاريع جديدة، جاء ذلك توضيحاً حول الأخبار المنشورة في «رويترز» يوم 20 يونيو حول الدخول في مشروع لبناء ميناء في السودان.

خلاصة القول ، هنالك بصيص من ضؤ إطمئنان وحسم للجدال ، من خلال المرسوم الدستوري الأخير الذى نص على تعيين وزير الدفاع السوداني مسؤولاً عن تنفيذ قانون المناطق البحرية والجرف القاري، بدلاً عن المفوضية القومية للحدود، يعني أن أمر الساحل الشرقي على البحر الأحمر أصبح شأناً يهم الأمن القومي السوداني، ويؤثر من النواحي العسكرية والأمنية، وهذا ما وصينا به مقالنا السابق بأن يتم تحويل أمر الصفقة “لمجلس الأمن والدفاع” للنظر والتقرير بشأنها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى