عمار العركي يكتب : مؤتمر سلام الصين للقرن الافريقي ، الدلالات والتأثير

الخرطوم الحاكم نيوز

أوردت وكالة – سونا السودانية – بأن الخارجية السودانية، تلقت دعوة من الحكومة الصينية عبر سفيرها لدى الخرطوم “شين مين” للمشاركة في مؤتمر السلام في القرن الأفريقي المزمع عقده خلال الفترة من 20-21 يونيو الجاري بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.

أوضح السفير الصيني أن المؤتمر يجيء كمبادرة من بلاده لتعزيز الاستقرار والتنمية والحكم الراشد بالإقليم ، أكد أن حكومة الصين ترى فى مشاركة السودان ضمان لنجاح المؤتمر ، كما أشار إلى أن الدعوة وجهت كذلك لعدد من دول الإقليم للمشاركة في المؤتمر، إضافة إلى مفوض الإتحاد الإفريقي والسكرتير التنفيذي لمجموعة الإيقاد .

فيما صرح المبعوث الصينى الخاص للقرن الأفريقى “شيويه بينغ” لوكالة “فانا” الاثيوبية ، عن انعقاد أول مؤتمر لسلام الصين فى إطار الجهود المبذولة للتغلب على التحديات الأمنية في القرن الإفريقي وإقرار الأمن والسلام والإستقرار لكل دول الإقليم .

وفي حديث له في مؤتمر صحفي في نيروبي خلال زيارته لكينيا ، قال السفير “شيويه” إن الاجتماع سيوفر منبرًا لدول المنطقة لتسوية خلافاتهم من خلال المفاوضات، هذا وقد سبق أن قام المبعوث الصينى “شيويه” بزيارات لكل من إريتريا وإثيوبيا وجيبوتي والصومال وكينيا ، والسودان ويوغندا ، لهذا الغرض.

هذا الحراك والخطوات الصينية الجارية الآن،والتي يقودها المبعوث الصيني ، سبق وأن اشار اليها وزير خارجية الصين خلال جولته الإفريقية في مارس الماضي قائلا بان ( مبعوث بلاده سيقود جهود واتصالات بدول المنطقة بشأن عقد محادثات مناقشات بين كل دول المنطقة وصولا لتسويات وسلام دائم فى يونيو القادم)
وها هو يونيو قد أقبل،
وهو يحمل العديد من المؤشرات والدلالات على أن “الصين” على وشك تحقيق أكبر ثاني إختراق صيني في افريقيا بعد قيام ونجاح اول قمة صينية إفريقية.

الإعداد الصيني لهذا المؤتمر ، تزامن مع اخفاق وفشل امريكي متتابع في سياستها بالمنطقة بسبب انقسامات وخلافات داخل الخارجية الامريكية حيال القرن الافريقي ، مما ادى الى إستقالة وإقالة ثلاث مبعوثين فى ظرف عام ونصف ، مقابل استقرار وتقدم التنين الصينى، فما انجزه المبعوث الصيني المعين لاول مرة في يناير من هذا العام – لم يكمل ستة أشهر – يتفوق على مجهودات ثلاث مبعوثيين أمريكين خلال عام ونصف العام.

كذلك أثبتت الدبلوماسية الصينية نجاعتها وعلو كعبها وحُسن إستغلالها لعثرات وهفوات الدبلوماسية الأمريكية المتكررة، ففي حقب انشغال الادارات الأمريكية المتعاقبة عن إفريقيا ، تسللت الصين وملأت كل الفراغات

فمنذ تسعينات القرن الماضي ، إنشغلت أمريكا بمحاربة الإرهاب ، ففأجتها الصين بأول قمة صينية افريقية في العام 2000م والتي كانت بمثابة تدشين والاعلان الرسمي وجودها في افريقيا ومنافستها لأمريكا، تبعه تمدد إقتصادي صيني ، وانحسار إقتصادى امريكى جراء تداعيات وتطورات العلاقات الامريكية الأفريقية إثر أحداث سبتمبر 2003م.

ثم جآءت حقبة “ترمب” ، فإستغلت “الصين”إهماله وعجرفته نحو إفريقيا، وخطأؤه القاتل فى إلغاء “قانون الفرصة والنمو الإستراتيجي”، والمعمول به منذ عهد “بيل كلنتون” ، مطلع التسعينات، حيث منح ذاك القانون الفرصة لإفريقيا الإستفادة الإقتصادية ولأمريكا الإستفادة السياسية والسيطرة ، فما كان من الصين الا وأن ملأت هذا الفراغ بالنفوذ وبالسيطرة عبر سياسة الديون والقروض طويلة الأجل ، والمنح والدعومات في إطار ما يعرف “بالشراكة والصداقة الصينية”.
ولم تصحو ادارة “ترمب” من غفوتها الا بعد أن رأت بأم “أعينها” طريق الحرير الصيني ينطلق من الصين وهو يلتف ويتلوي حول افريقيا قبل أن يعود الي بكين مرة أخري.

وها هو “بايدن” إنشغل بتغيير سياسات خصمه “ترمب” باندفاع وتسرع مستخدما “عصا العقوبات” التى إشتهر بها حزب المحافظين رغم فشلها وعدم جدواها ، وتاتي الحرب في اثيوبيا والتغيير السياسى في السودان فانشغل “بايدن” عن باقى إفريقيا، فإستغنى عن خدمات بعض حلفاء أمريكا، وأصدقاء “ترمب” الإقليميين الفاعلين، وذلك بتعيين مبعوث خاص للمنطقة عموماٌ،وللسودان وأثيوبيا بوجه خاص ، والذى فشل هو وخلفه بسبب خلافات و إنقسامات داخل الخارجية الأمريكية، وفيما بعد كان الإنشغال كليةً بالحرب الرُوسية والأُوكرانية ، قبل أن يصحو “ترمب” على مشهد السلام الصينى لكل دول القرن الافريقي،والتي تحمست وتجاوبت مع الخطوة ، بما فيهم السودان واثيوبيا ،

فبالتالى، نجاح “الصين” فى إقامة المؤتمر ، والوصول لتسوية الأوضاع او – بالحد الأدنى تهدئتها وتسكينها – تكون الصين قد دخلت من بوابة شرق افريقيا وأغلقت الباب خلفتها وألقت بالمفتاح في “البحر الاحمر” المحمى “بقواعدها العسكرية” الحالية،وتلك اللاحقة والمتوقع إقامتها بعدد من دول المنطقة، فى أعقاب مؤتمر السلام المقام خلال يونيو الجارى في اثيوبيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى