
رغم سيطرة اليسار علي مقاليد السلطة وشيطنته للتيار الإسلامي (الجوع ولا الكيزان) وتهديده وتوعده (أي كوز ندوسوا دوس) ، إلا أن الكيزان نجحوا في إستخدام سياسة النفس الطويل ، وبل سياسة الثعلب بامتياز (سهر الجداد ولا نومو) ، وأعتقد لذلك نجحوا في تعرية مكونات الحرية والتغيير (قحت) وهزيمة اليسار بالنقاط قبل الضربة القاضيه التي جاءت مع إفطارات ليلة بدر الكبرى أمس الأول الإثنين تحت لافتة (التيار الإسلامي العريض) والتي عمت المركز والولايات وخارج السودان ، فقد كان ظهورا قويا وعلنيا مروعا يسر الأصدقاء ويغيظ الأعداء من بني علمان ولكن ثم ماذا بعد أيها الكيزان ..؟!.
الشاهد أن هذا الظهور لم يكن الأول للكيزان ، فقد ظهروا من قبل في عدة مبادرات منها الزحف الأخضر بالمركز والولايات وعدد من وقفات النصرة والمناصرة والمؤازرة والإحتجاجات وغيرها ، إذ لم ترهبهم أدوات وأساليب القمع وضربات البومبان ولا الإعتقالات المستمرة ومصادرة ممتلكاتهم ومن ثم جاءت مبادرة (كلنا عطاء) لتخفيف وطأة الفقر وتذليل سبل المعيشة علي الأسر وعدة مبادرات فردية وجماعية رغم صلف وعنجهية وغلو الحرية والتغيير (قحت) وغرور لجنة التمكين لا سيما شراذم السيار الذين يعلمون ويخافون ويتهيبون قوة التيار الإسلامي .
إلا أن التاريخ يعيد نفسه لذات الحشد في أبريل من العام الماضي 2021 إحتفاء بذات المناسبة ليلة بدر الكبرى وفي ذات المكان حيث إعتدت حينها الشرطة علي الكيزان رجال ونساء وهم ركع سجود صائمون يؤدون صلاتهم فامطروهم بوابل من البومبان الذي غطي دخانه المكان ولكنهم صمدوا ولم تنقطع صلتهم بالله والإمام يتلو (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ …) ، وآخرون يهتفون الله أكبر ..! والبمبان يخنقهم ، إنهم ذات شباب هذا التيار الإسلامي العريض ..!، منظر إستنكره الجميع وكان ذلك بدفع من لجنة التمكين المغبورة التي سقطت في المثل والأخلاق .
غير أن حشد أمس الأول كان الأقوى ويؤكد أن التيار الإسلامي العريض قد تجاوز الصدمة عاد مكشرا عن أنيابه مقدما درسا بليغا لخصومه من قوي اليسار مثلت قاصمة ظهر للذين سرجوا الثورة فسرقوها وأحبطوا أحلام الشباب بالتغيير ، بل كانت رسالة عميقة الجذور للناس كافة ، تؤكد أن الإسلام حركة مجتمع لا يمكن إقصاءه أو تجاوزه هكذا بجرة قلم ، وبالطبع ليس مجرد عملا سياسيا معزولا ينتهي بسقوط نظامهم (البايت) الذي سقط عبر خيانة (داخلية) ساعدتها مؤامرة خارجية سرقت ثورة ديسمبر 2019 التي منحت (قحت) الفرصة شيكا علي بياض ، فسيطرت مكونات الحرية والتغيير (قحت) وغيرها من مكونات اليسار علي الأوضاع حين غفلة من الزمان فدانت لها السيادة كاملا (ثلاثة) سنوات ولكنها لم تحصد إلا الفشل وبل الفشل الذريع .
بلا شك أن التيار الإسلامي العريض قدم بالأمس لوحة تضامنية زاهية ظل يبحث عنها طويلا ولم يجدها بسبب بعض التفاصيل الداخلية التي صبر عليها ، منطلقا من مقاصد ورمزية معركة بدر الكبرى التي جاءت نصرا مؤزرا عقب إبتلاءات صبر عليها رسولنا الكريم صلي الله عليه ، قطعا إنه ظهور أرهب الأعداء وأرجف المنافقين الذين في قلوب مرض المذبذبين من أصحاب المصالح وتقاطع الأجندات .
أعتقد أن إفطارات التيار الإسلامي العريض أمس الأول تؤكد أن الكيزان قد تجاوزوا مرحلة الصدمة التي أسقطت حكمهم وسلبت ممتلكاتهم الخاصة والعامة وجردتهم من حقوقهم وآدميتهم ، بل تجاوزوا مرحلة التشفي والكيد السياسي ، فكان ظهورهم مشرفا علق نفر من خصومهم ساخرين (بأن الكيزان جاءوا بصور للوقوف بعرفة ..) ، حقا كان حشدا كبيرا في غاية الترتيب والتنظيم والنظامة والتأمين والوطنية شهد له الأعداء قبل الأصدقاء (الرسالة وصلت ..!.) .
علي كل (ثلاثة) سنوات من الفشل كانت كافية جدا ليظهر الإسلاميون علنا ينتشرون في كل الطرقات والساحات ولكن ثم ماذا بعد ..!، أعتقد لابد من مبادرات مجتمعية يمحو بها الكيزان الصورة الذهنية السيئة التي ألصقها اليسار بهم فانطبعت سالبا في مخيلة الثوار، مع ضرورة التمسك بقيم الدين الإسلامي والقيم السودانية الأصيلة التي تعرضت إلى انتكاسة وهزات وتشويه اليسار خلال الفترة الماضية ، ولابد من تنفيذ مبادرات مجتمعية ملموسة مثلا حملة نظافة بالمركز والولايات لإزالة النفايات المكدسة بالتعاون والتنسيق مع السلطات المختصة أو حملات لتسوية الحفر والبرك والمستنقعات بالطرق والميادين العامة أو حملات لفتح المجاري والمصارف لاسيما وأن الخريف علي الأبواب وجميعها تصب في فقه شعب الإيمان في إطار إماطة الأذي عن الطريق وبالتالي هو إحياء لغرس من القيم والسلوكيات الدينية الحميدة وسط المجتمع .
وليس ذلك فحسب بل يمكن للكيزان تنشيط الكتائب الإستراتيجية وهي كتائب خدمية لسد النقص في التعليم وسد نقص الأطباء والكوادر الطبية والصحية بالمستشفيات والمؤسسات العلاجية والمياه والكهرباء وغيرها من المبادرات المجتمعية التي تعيد للكيزان حقهم المسلوب من الإنجازات والمبادرات التي إندثرت .
الرادار .. الأربعاء 20 أبريل 2022 .