من أعلى المنصة – ياسر الفادني – هل يصلح العطار ما أفسده الدهر ؟

قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر ما اتبعها من إجراءات أو الوضع الانقلابي كما يسمونه الذين ازحيوا من الحكم ، أنا لا اسميه انقلابا ولا أطلق الصفة علي عواهنها لأن قلمي مسؤول عن ذلك بل اسميه التغيير الذي حدث في شكل الحكم في البلاد ، الانقلاب يعني سقوط دولة مدنية كاملة الدسم أتت عبر مستحق سياسي معروف وهو حكومة منتخبة ، يمكن أن نسمي البشير انقلابي لأنه انقلب علي نظام أتى بانتخابات مباشرة ، الانقلاب العسكري يعني أن العسكر يمتلكون تماما مفاصل الدولة فالمعروف أن العسكري حينما يقلب الحكم يعين مجلس عسكري كامل الدسم ويعين حكام ولايات عسكرين وربما يعين مدنيين في بعض الوزارات لكن هذا يسمي انقلاب عسكري ….

التغيير الذي حدث بعد الخامس والعشرين اعتقد أن فيه إيجابيات وسلبيات في جميع المناحي التي تسير الوضع في البلاد ، سياسيا يمكن أن نقول أنه ازاح حقبة سياسية كانت غير جديرة بالحكم وفشلت في إدارة الدولة وهذا باعتراف الجميع واعتراف حمدوك نفسه الذي كرر عبارة الفشل كم مرة في خطاباته التي تحسب علي أصابع اليد الواحدة

يبدو أن تغيير الصورة المشوهة لشكل وفواصل الحكم السابق تسير بطريقة بطيئة جدا ، لا زال رموز الحقبة السابقة يديرون الشأن الإداري في بعض المؤسسات ويظهرون العداء المستحكم لشكل الحكم الحالي سرا وعلانية وبالذات بعض مدراء الجامعات ، الاحلال والابدال الذي تم غير معالم طريقة الحكم إلي الأفضل نوعا ما وبالذات في بعض الولايات التي بداءت تتعافي من خبط العشواء واللامبالاة التي رايناها في منهج الولاة السابقين ، لم يستطيع البرهان حتي الآن أن يعيين رئيس وزراء من التكنوقراط كما وعد ولعل هذه الخطوة تأخرت كثيرا ولا زالت عقبة كؤودة في تصحيح شكل الحكم المدني

الشأن الاقتصادي لم يتغير شكله الي الأفضل لكنه سار إلي الأسوأ لا انفراج اقتصادي لمسناه وزير المالية كل يوم يطل علينا بقررات غريبة لاينظر فيها للمواطن الذي ذاق الأمرين سابقا …ظلم الحكام وتضييق الساسة أصحاب الكراسي والعربات الفارهة ، لا زال التضخم لم تنخفض درجته ولازال الاقتصاد ينبطح مريضا لا يستطيع القيام ، ماحدث للوضع الاقتصادي من تدهور ظل يحدث للوضع التعليمي والوضع الصحي وكذلك الوضع الخدمي ، لا جديد يذكر في هذه الحقوق… بل ماض يعاد و وظل يكرر

مستحقات اتفاقية جوبا اهم مافيها بند الترتيبات الأمنية الذي يسير كما يمشي( أبو القدح) لا جديد فيه إلا القليل ، (رتب) كل يوم تسمع بها عندما تراهم يركبون العربات ذات الدفع الرباعي ويقال لك هذا الفريق فلان يتبع للحركة الفلانية وهذا اللواء فلان والقاب ورتب يوصفون بها…. من أعطاهم اياها لا ندري؟ لا زالت هنالك حركات موقعة لسلام جوبا وغير موقعة تتسبب في انفلاتات أمنية وبالذات في دارفور كل هذا الأشياء لا تعالج إلا إذا أخذ بند الترتيبات الأمنية حيز التنفيذ

العلاقات الخارجية اعتقد ان درجتها فوق المتوسط ، هنالك شييء من الرضاء علي الوضع الحالي برغم من الرياح العاتية التي تهب من رموز حقبة حمدوك ضد شكل الحكم الحالي لكن يبدو أنها لم تؤثر ، زيارات تتم لبعض الدول في إطار تطوير العلاقات وفتح نوافذ علاقات اقتصادية كما الزيارة التي قام بها نائب رئيس المجلس السيادي إلي روسيا ، لم يتبق إلا التدخلات الأجنبية التي صنعها حمدوك بجلبه لفولكر وهذا الرجل الان أصبح في خانة الكلمة الشاذة لابد أن تزال وتمسح

هنالك ملفات لم يلتفت لها حتي الآن من ضمنها ملف الانتخابات وطريقتها هل هي انتخابات رئاسة؟ ام انتخابات برلمانية؟ وهل بعد سنة وعدد قليل من الأشهر كما حددها البرهان ام يزاد في عمر الفترة الإنتقالية؟ ، فلنفترض جدلا أنها انتخابات برلمانية وسوف تكون في وقتها المحدد هل الحكومة ماليا جاهزة ؟هل الدولة جاهزة لترتيب ماقبل الانتخابات وهو الإحصاء السكاني وترتيب الدوائر بشكل جديد أو الابقاء علي القديم مع التعديل ؟ هل الأحزاب جاهزة لخوض المعركة كل هذه أسئلة إن لم تجاوب لاتكون هنالك انتخابات وسيصبح شكل الحكم (كحلة السليقة) !! كلما نقص حساؤها (غرفا للاكلين) غمرت بالماء !

أعتقد أن هنالك نقلة نوعية ظهرت في الإطار القضائي والقانوني المحاكم صارت تعمل بصورة ممتازة في إحقاق العدل وهذا المنوال كنا نفتقده في عهد حمدوك ، رجوع المظالم الي أهلها بارجاع المفصولين تعسفيا ومحاكم رموز النظام السابق والقبض علي من فسدوا في حقبة حمدوك ، كل هذه الإجراءات تشير الي دليل عافية عدلية

يحب علي الحكومة الحالية معالجة السلبيات التي شابت شكل الحكم ومعظمها ورثت من الحقبة السابقة ، يجب علي حكومة البرهان أن يكون معاش الناس اولي اولياتها ونشل الوضع التعليمي والصحي والخدمي من وهدة التدهور ، في الممارسة السياسية لابد من بسط أرضية التوافق الشامل لكل الاتجاهات السياسية دون إقصاء لجهة ما …..فهل يصلح العطار ما افسده الدهر ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى