فاطمة مصطفى الدود تكتب: التوافق ودس “المعاول السياسية”

ظللت منذ فترة ادعو القوى السياسية وحركات الكفاح المسلح في السودان، الي ضرورة التوافق الوطني” كخطوة أولية نحو توحيد القوى السياسية من أجل العبور بالمرحلة الانتقالية الي بر الأمان وتجنب البلاد من ويلات الإنزلاق في هوة التنافر والتشاكس وضياع كثير من الفرص على السودان
فمنذ فترة ليست بعيدة وقعتأكثر من 20 كيانًا سياسيًا وحزبيًا وحركة مسلحة، منشقة عن قوى الحرية والتغيير، على مياق تحالف جديد والذي يأتي في سياق التوتر الراهن بين المكونين المدني والعسكري في قيادة المرحلة الانتقالية، الأمر الذي حمل معه الكثير من البشريات ووضع نواة اعتبرها المراقبون خطوة مهمة لقيادة المرحلة الإنتقالية خاصة وان ، من أبرز المشاركين في هذا الكيان حركة تحرير السودان بزعامة مني أركو مناوي وحركة العدل والمساواة بزعامة جبريل إبراهيم وغيرهما من القوي السياسية وحركات الكفاح المسلح .

هذه الخطوة فتحت الباب على مصراعيه أمام كل التكهنات وسط تراشق متصاعد بين المكونين: المدني والعسكري، وزادت من حدة التوتر بين الحرية والتغيير( أ) و(ب).
وهذا التحرك يجسد بشكل واضح حالة الانقسام الكبيرة التي تخيم على الأجواء داخل تحالف الحرية والتغيير الذي يعاني من شروخات حادة خلال الآونة الأخيرة بسبب الانسحابات المتتالية للعديد من القوى المعترضة على ما أسماه “الارتماء في أحضان العسكر”، بجانب إستراتيجية الاستئثار بالسلطة والتفرد بالقرار، كما يتهمه المناوئون له.
هذا الانقسام الذي خرج للنور بتوقيع هذا الإعلان الجديد، رغم ما يثار بشأن أن الهدف منه توسيع الحاضنة السياسية للتحالف، لا شك أنه سيؤثر بصورة أو بأخرى على الخارطة السياسية السودانية ويفضي الي كثير من التشاكسات دون الوصول الي الفترة الانتقالية الي غاياتها المنشودة .
إنّ استمرار الوضع على ما هو عليه وفق تلك المتوالية السياسية المشتتة، ستقود البلاد حتمًا إلى حالة من السيولة السياسية الأقرب للفوضى، الأمر الذي ربما ينعكس على الفترة الانتقالية الحاليّة ويجعل مد أجلها أمرًا حتميًا يضع مستقبل البلاد على المحك في ظل الأزمات المتصاعدة بسبب طول تلك المرحلة.
وبدا واضحاً أن هناك تسابقًا كبيرًا بين العسكر والمدنيين على الظفر بدعم الشارع، التي تعتبر كلمة السر في تغليب أي من الكفتين، وهو ما يمكن قراءته في مساعي الطرفين لاستمالته قدر الإمكان، سواء عن طريق مغازلته ببعض القرارات أم تشويه الطرف الثاني بما يصب بالتبعية في صالح الطرف الآخر ، ولكن هذه الاستمالة ربما تؤثر بشكل او باخر على المشهد السياسي في السودان ، على الرغم من أن الشارع نفسه يعاني حالة من التشظي والتباعد والتباين ..

في عالم كرة القدم يقولون إن من يضيع الكثير من الفرص لا بد أن تستقبل شباكه الأهداف، والكرة الآن في ملعب المالقوي السياسية وحركات الكفاح المسلح ومنظمات المجتمع المدني ا ، إما المضي في طريق التوافق الوطني والإجماع على ارضية صلبة والعمل على معالجة الجروح والإصابات وأما ان يتحمل تبعات ذلك التشاكس الذي يضع السودان في منعطف خطير تقوده الي الهاوية وحينها لا ينفع العض على اصابع الندم !!
العقلاء من النخبة السودانية ظلوا يحذرون من استغلال حالة الاحتقان الشعبي ضد الأوضاع المعيشية المتدنية لإرباك المشهد السياسي، في ظل وجود الكثير من المتربصين والمستفيدين من تسخين الأجواء ولكن هؤلاء العقلاء أنفسهم يحتاجون الي تحريك ودفع من اجل المضي نحو بر الأمان قبل الاحتكام الي ضربات الجزاء الترجيحية التي تسمي في عالم كرة القدم بضربات اللعب على الأعصاب ..
يجب أبعاد أؤلئك الذين يشكلون خميرة عكننة ولا يفهمون شيئاً غير لغة المصلحة الشخصية والتآمر وحفر الحفر ويدسون المعاول من أجل تحقيق تلك المصالح ويقفون حائط صد امام اصحاب العقول الشابة التي يمكنها ان تبدع في مختلف المجالات ، لكن الإنانية وحبّ الذات أعمتهم ، فمتي يفقهون ويبصرون ؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى