أجراس فحاج الارض – عاصم البلال الطيب – مالك عقار وحبوبة المدنى – أخطر الإفادات والتحذيرات من القلبنة

من القلبنة

*البيئة الملوثة*
الكومندار مالك عقار بكل صفاته ومسمياته ووجوده الفاعل منذ عشرات السنين فى الساحات العامة حربا وسلاما، يضع منذ مدة كما أرقبه المبضع مكمن الجرح السودانى القديم المتجدد تقيحا ويعمل على المداواة بالناجعات لا المسكنات، غير مهتم بما يسببه ذلك من صراخ وأوجاع تزول ولا تدوم بصحة الدواء وتزيل الداء، حاوره لفضائية الهلال و بطريقته السهل الممتنع صديقى وقريبى بكرى المدنى المدهش صورة وكتابة وصوتاً، لايتكلف فيفتح شهية المُحاوٓر للإندياح بلا توقف وتحفظ، يطرح أسئلة قصيرة لإجابات طويلة، لايقاطع ويتداخل فى الميقات كما لو الإحرام، حواره مع الكومندار مالك عقار حوارا غير قابل للإستنساخ، يساعده على ذلك طبيعة وشخصية مالك عقار غير المخفية عدوانيتها ولا حميميتها و لا الآبهة قناعة بردود الفعل مع إحترامها والمعنية بقيام دولة المواطنة المؤسسة على سوق السلام والحرية والعدالة، لم يدع عقار وسيلة إلا واتخذها مطية ووسيلة لغاية يقاتل دونها بكل الأسلحة، تمرد على الإنقاذ وحاربها ولما حانت فرصة لمحاورتها لأجل السلام والاها ثم نفض يده عنها مقدرا عدم تمام إستجابتها لما أوعدت به فقفل للغابة راجعا وآيبا مرة أخرى إنتقاليا باتفاقية جوبا المنبئ واقعها الراهن مع تبدل وتغير المعطيات بانهيارها، تنبوء باتفاق كل أطرافها وليت بعد الإقرار به وفشل خيار المسارات، يكون التداعى الأعجل مجددا لإصحاح بيئة السلام الملوثة بالاتفاقية قبل فوات الآوان ودون ذلك تمرد عقار والحرب الشاملة و َدوران عقارب الساعة السامة خبط عشواء، تدارك هذا المصير لو لم يتم على يدى أمثال القائد مالك عقار ممثلا لمن ينبرى باسمهم متحدثا ومنافحا، تستمر ساقية العبث وجهل قاتل اليوم وغدا لم قَتل والمقتول فيما قُتل! وتذكرنى شخصية وصراحة عقار المحاربة لخطاب الكراهية والعنصرية بأدبيات الراحل الدكتور عوض دكام ريحانة المدينة عمراً بحاله وجيلاً باكمله،يشيع دكام البهجة علاجا لأدواء مجتمعية بخفة دمه ومناهضا عنصرية اللون بايماءات ذكية وعبارات باتت ولا زالت من أدبيات المدينة تسير بها ركبانها وقوافلها وصاحبها رقم كبير وتاثيره أكبر والغناء بسيرته لم ينقطع، لما أُجبر دكام على دخول معسكرات الدفاع الشعبى، يحكى بانه وزميل لاذا بهروب مؤقت لأحد بيوتات حلال الجوار، فطرقا باب أحد المنازل متزيين بلباس الدمورية ينيفورم التدريب أشعثين اغبرين لاخذ قسط من مدنية الحياة، فطفق دكام معرفا صاحب البيت و تبريرا على ما هما عليه بلقبيهما وبدأ بنفسه بينما هو العلم لكن فاتح الباب لم يستوعب ولم يجد سببا لوجود صاحب الإسم والدكتور الشهير فى حلته الطرفية وفى حلة غير معتادة وطارقا مستغيثا بباب بيته المتواضع، فلم يتردد كما يروى الدكتور دكام فى إنتهارهما وطالبا مغادرتهما موجها خطابه لمحدثه دكام آمره بالإنصراف وعدم المبالغة وخاتم قوله بعبارة عنصرية يقبلها من باب محاربة لينة هذا الرائع تقديرا للعقلية المؤطرة التى يقع تحت تاثيرها كل من تمت تغذيته بها بعقل فردى وليس جمعى وعمل على تغييرها بفكاهية ودرامية محاربة للخطاب العنصرى ولقد أصاب نجاحا كبيرا وبرحيله نفقد دعامة مهمة لبناء خطاب مزيل لتشوهات فردية تمثل واحدة من الأسباب للفرقة والشتات وتوالد أحاسيس البغضاء كما الناموس، الكومندار مالك عقار وبما يبدو عليه من تصالح مع ذم لما يتمناه ماضيا فى حواره مع بكرى المدنى، يرسى لقواعد إنهاء كل المظاهر السالبة الموروثة أحد اهم مهددات وأسباب تقويض بنيان المجتمع ومن ثم أركان الدولة التى لايتنبأ بخير لها ويؤكد بأنها موعودة بقلبنة غير مسبوقة! يا لطيف الطف.

*حبوبة بكري*
والحوار يدور فى حدود المألوف، فاجأ عقار المدنى بما لم يرد على باله وتعامل معه ببروده المهنى، اذ قال مخاطبه لو ذهبت معك الآن لأهلك وقابلت أحد حبوباتك لسألتك من يكون هذا العب! قالها الكومندار مالك عقار دونما تنمر وانفعال مبررا لحبوبة المدنى وأقرانها عنصريتها باعتبار للعقلية التى أحاطت وتأثرت به فى أوقات مضت من هنا أو هناك ولهذا لن يغضب منها ويأخذها على حسب ما عنى على قدر عقلها، ثم وبصرامة مميزة لقسمات الرجل،خاطب المدني بانه لن يقبل هذه العقلية منه ولا غيره من الأجيال المفترض لديه مجافاتها ومنافاتها لعقلية الحبوبة تلك،قضية جوهرية يخاطبها الكومندار عقار ويخرجها للهواء الطلق القاتل لجرثومات خطاب الكراهية والعنصرية وكوفيدها التاسع عشر بدلا عن حبسها فى الصدور والمحاولات لنفى تفشى روح يفترض الرجل تأصيلها فى نفوس حبوبات وأجداد ومن يعوم على عومهم من اللاحقين الذين يستهدفهم بالدعوة للترجل عن ظهر دابة العنصرية قبل أن تقضى على يبس منسأة السودان وقد قضت على جل خضرته إلا متبقٍ صالح حال تعهده بالرعاية والسقيا للنمو مجددا على سيقان قوية ومتينة حتى تقف الشجرة سوية خالية من كل طفيل متغذٍ خلسة على تيراب نعمائها وخيراتها،لا يقف مالك عقار عند هذا ولا تحد صراحته حدود غير مبالٍ بردود الفعل لما يشير بحيثيات منها المحافظة علي روح السلام دعما لما قبل وبعد قرارات الخامس والعشرين من إكتوبر مسمها بلا تلفت وتردد بالإنقلاب مؤكدا بأنه لن يكون الأخير حال إصرار كل طرف صغر أوكبر على مُضى الامور على ذات المنوال دون مراعاة للمطلوبات الحيوية ليبقى السودان دولة يرشحها عقار مالم يرعوى الجميع للإنهيار وتمام القلبنة بالقبلنة وغيرها من أوجه الكراهية والعنصرية البغيضة والكالحة، الرجل تتفق مع مفاهيمه واتهامه لاهل بكرى وأمثالهم بالعنصرية وغيرها وتبرئة من هم دونهم،يفتح حوارا غير مسبوق ربما يريده مصارحة فمصالحة لتتعايش الأجيال المعاصرة بسلام وتغادر هذه المحطات البائسة والفقيرة لمغذيات الأرواح وقبل الأجساد وبقاء السودان بين الأوطان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى