السماني عوض الله يكتب : تحليل سياسي ام دفاع عن موقف طرف؟!

ظللت اتابع القنوات الفضائية العربية منها والأجنبية لمشاهدة ومعرفة ما تخفيه الأحداث التي يشهدها السودان وما يمكن أن يخرج به الذين تتم استضافتهم في تلك القنوات والذين ياتون لهذه القنوات بكامل اناقتهم ورباط عنقهم.

اتابع من تتم استضافتهم تحت مسميات المحلل السياسي والخبير في كذا وكذا ولكن للأسف وجدت كل الذين ياتون للتحليل يحملون راية واحدة وفكرة واحد فقط يدافعون عن وجهة نظر طرف ضد الطرف الآخر وكأنه قيادي بارز في ذلك المكون وليس محللا سياسيا.

وحتي لا أكون ظالما لأي من مدافعي مواقف الأطراف المتباينة بحثت عن تعريفات ومضامين التحليل السياسي للتأكد من انه يتطابق مع ما درسناه في الجامعة والذي يتطلب الحيادية والوقوف في مساحة واحدة بين الأطراف… استوقفني ما اعده مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية وهو مركز عراقي يضم خبراء من مختلف التخصصات والذي عرف

التحليل السياسي بأنه هو عملية البحث في الاحتمالات الممكنة لمسارات التفاعلات بين القوى السياسية في المجتمع وتفسير علمي واضح لنوع العلاقات بين هذه القوى السياسية الداخلية والخارجية .

وهو ايضا الطريقة التي نحكم بها على الظواهر والأحداث السياسية محلياً وإقليمياً وعالمياً، ولذلك فهو يحتاج إلى فهم الواقع السياسي للبلد وعلاقة هذا الواقع السياسي بالسياسة الدولية

والتحليل السياسي ليس شرحا للأوضاع فقط، وإنما هو فهم وادراك لما يحدث ومعرفة الأسباب والدوافع لما حدث وسيحدث في المستقبل للوصول الى رأي يساعد في صنع قرار لحل مشكلة أو ظاهرة لها شأن سياسي في المجتمع.

ويقول المركز التحليل السياسي إن التحليل السياسي يتضمن شقان أساسيان، يجيب كل واحد منهما على سؤال رئيس لا يمكن تصور تحليل سياسي لا يجيب عنهما:

الشق الأول: هو الفهم الدقيق لمسار الأحداث، وهو يجيب على السؤال الأول, ماذا حدث؟

ونقصد بالفهم الدقيق هنا سبر أغوار الحدث السياسي وعدم الوقوف عند حد المعرفة السطحية، فقد يحتمل الحدث السياسي أكثر من معنى، وقد يكون ظاهره شيئا غير باطنه، وهكذا..

ومسار الحدث ليس المقصود به اللحظة الراهنة للحدث، أو صورته الأخيرة الظاهرة فقط، بل المقصود به المعرفة والإلمام بالجزء التاريخي، والوقائع الراهنة ذات الارتباط، بالإضافة إلى الإدراك بطبيعة الشخصيات والدول الفاعلة ذات الصلة بالحدث أو الظاهرة محل الدراسة أو التحليل.

الثاني: هو إدراك الأسباب الدافعة لهذا الحدث، ويجيب على السؤال الثاني، لماذا حدث؟

وهنا لا يقف المحلل عن مجرد الدوافع الظاهرة البادية فقط، بل يعتني بها بداية، ثم يذهب يبحث عن الأسباب الأخرى الخفية التي ربما لا يدركها غير المتخصصين والعارفين بأصول التحليل السياسي.

فالإدراك مرحلة تفوق مرحلة العلم والمعرفة، كون مرحلة الإدراك تفيد الإحاطة والشمول بكافة الأسباب والدوافع الممكنة والمحتملة وعدم الركون إلى بعضها فقط

في ما يتعلق بآليات التحليل السياسي، فقد قسمها العديد من المفكرين الى الاقسام والمراحل التالية:

1ـ تحديد القضية وتعريفها:

فلا تحليل من دون تحديد القضية، والقضية في التحليل السياسي يجب أن تكون واضحة مشخصة، وليست ضبابية هلامية.

2ـ تحصيل الأخبار السياسية المتعلقة بالقضية:

فالمحلل السياسي يهتم بالخبر السياسي أيّما اهتمام، يفتش عنه، ويتتبع مصادره، ويفكك عناصره الأساسية، ويستطلع المزيد في خصوصه، ويسبر دلالاته، ويدرك أن قيمة الخبر السياسي لا تعتمد على مدى الطول والقصر، بل بمقدار ما يحمل من معلومات.

3ـ توظيف المعلومات لخدمة التحليل:

وبعد حصول المحلل على معلومة ممحصة إلى حد يمكّن من الاعتماد عليها، تأتي مرحلة أدق وأعقد، وهي توظيف تلك المعلومات، وإحسان ربطها في منظومة تكون صورة قريبة من الواقع، بحيث تفسر الحدث ودوافعه، وتعطى الأدلة والبراهين العلمية والموضوعية على مصداقية هذه النتائج والمخرجات التي توصل إليها المحلل.

اما أدوات التحليل السياسي فتتضمن:

أولا: الخبرة التاريخية والمعلومات السابقة عن الموضوع المطروح للتحليل

ثانيا: المعلومات الحالية مثل أقوال المسئولين – المفكرين – صانعي الأحداث – الأخبار الموثقة المتداولة في وسائل الإعلام إذاعة – صحافة – تليفزيون – إنترنت … الخ

ثالثا: المصالح التي تربط القوى المتفاعلة ومدى تأثيرها في شكل العلاقة.

رابعا: المعلومات الخاصة التي يمكن أن يحصل عليها كاتب التحليل السياسي بحكم موقعة أو اتصالاته أو بحثه، وكذلك مدى عمق خبرته في المجال الذي يكتب فيه.

بعد هذا نتساءل كم سيكون معنا من المحللين والخبراء الاستراتيجيين في نشرات الاخبار والبرامج الحوارية؟

انصح كافة الذين يخوضون هذا المجال الاطلاع على هذا المقال كما ادعو القنوات الفضائية ان تستفيد منه أيضا قبل أن تكتب “تحت صورتي” او مباشر المحلل السياسي قبل التأكد من هل انا فعلا محللا سياسيا وفق ما هو معلوم من التحليل السياسي؟؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى