إبراهيم عربي يكتب : عينكم للفيل وتطعنوا في ضلو … !

أعتقد المثل الشعبي (عينكم للفيل وتطعنوا في ضلو ..!) ينطبق تماما علي طرق البحث عن من قتل المتظاهرين ..؟! لا سيما في حالة نيابة الخرطوم شمال والتي وجهت الخميس 20 يناير 2022 إتهاما للرئيس المعزول عمر البشير ونائبه الأسبق علي عثمان محمد طه ، وأحمد هارون نائب الرئيس لشؤون الحزب ، والفاتح عزالدين رئيس البرلمان الأسبق ، وجهت لهم تهما بقتل المتظاهرين إبان ثورة ديسمبر 2019 ، عقب ثلاثة سنوات من إعتقالهم ولازالوا بالسجن ، وقالت النيابة إنها تهما تتعلق بالجرائم ضد الإنسانية والتحريض علي الإرهاب ..!. 
أعتقد إنها قضية لا تنفك فصولها عن مماحكات محاكمات رموز الإنقاذ والتي كتبنا عنها من قبل حلقات متسلسلة لم تكتمل بعد تحت عنوان (مطاردة الساحرات ..!) ، بالطبع لسنا هنا مكان دفاع عن أي من هؤلاء المتهمين ولهم هيئات قانونية قادرة علي تفنيد تلكم الإدعاءات ومتوقع أن تشهد بموجبها ساحات القضاء معارك قانونية حامية الوطيس وياليت لو أتيحت للمجتمع فرصة لمتابعتها عبر شاشات القنوات الفضائية حتي يكونوا علي بينة من أمرهم ليتعرفوا من خلالها علي من قتل أبناءهم ..؟! والطبع سيتبينوا حكاية المثل الشعبي (عينكم للفيل وتطعنوا في ضلو ..؟!) . 
بلا شك أن قضايا مقتل المتظاهرين شائكة ومعقدة وليست جديدة وقد قالت فيها بعض اللجان كلمتها ولم تكن مقنعة أو مرضية لتلكم الأسر التي فقدت فلذات أكبادها ، فيما فشلت فيها عدة لجان من بينها لجنة نبيل أديب والتي فشلت دون وضع حد لنهاية تحرياتها بشأن جريمة فض إعتصام القيادة العامة البشعة أبريل 2019 ، فيما فقدت الأسر السودانية مؤخرا أكثر من (70) من فلذات أكبادها بصورة إستفزازية لازالت التحريات تتواصل بشانها.
علي كل فقدت البلاد المئات من الأنفس من الشباب وعشرات المئات من الجرحي والمفقودين ، ولازالت المظاهرات مستمرة وربما تحصد المزيد من الارواح ، قال القيادي بالشيوعي صديق يوسف في تصريحات مثيرة (أن من تم قتلهم عقب الثورة أكثر من الذين قتلوا في عهد الانقاذ منذ 2013) ، وبالتالي أعتقد لابد من البحث عن الحقيقة من خلال تلكم الخيوط المتشابكة للكشف عن القاتل الحقيقي والوصول للفيل وليس ضلو..!.
ولكن كيف ولماذا وجهت النيابة لكل من البشير وعلي عثمان وهارون والفاتح عز الدين تهما دون غيرهم بشأن مقتل المتظاهرين ..؟! ، وهل تلك حقائق أم مجرد محاولات للي عنق الحقيقة وللتطويل مأرب وشأن فيه ، علي كل لازالت جميعها مجرد إدعاءات سماعية سيفصل فيها القضاء وحتي حينها (سمح القول في خشيم سيدو ..!).
فالبشير كان رئيسا للدولة ويقال أنه أفتي في لقاء مع قيادات الشرطة عقب تفجر المظاهرات 2018 بالفتوي (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) وقال الرئيس المستقيل عوض بن عوف رئيس اللجنة الأمنية أن البشير أفتي لهم بان (المالكية جوزوا قتل ثلث الأمة في مثل هذه الحالات لسلامة الثلثين ..!) رغم إنها واقعة نفاها البشير بشدة في إفادات له من قبل ، وقال أن البعض يحاول إستغلالها لأغراض خاصة به ..! ، 
أما بشأن علي عثمان وقد شاهد جميعنا إفاداته تلك في اللقاء التلفزيوني عبر (سودانية 24) مع الزميل الطاهر حسن التوم بشأن كتائب الظل لسد الفرقة والتي قال عنها لاحقا إنها تعني كتائب إستراتيجية مدنية إشتهر بها النظام السابق لسد عجز الخدمة المدنية مثلما حدث في سد فجوة إضراب المعلمين والأطباء وغيرهم ، ويقال أن علي عثمان رفض إستجوابه في ذلك إلا بحضور مستشاره القانوني ولم يحدث گحتي الآن ، ولكن كيف وصل هذا البلاغ مرحلة النيابة ولم تكتمل بشأنه التحريات ؟! علي العموم هذه فقرات قانونية وبالطبع نتركها لأهل القانون والقضاء ليقولوا فيها كلمتهم .. !. 
أما بشأن الفاتح عز الدين يقال إنه صرح من خلال القنوات الفضائية محذرا الأمهات بأن يلموا أبناءهم عليهم ، قالوا إنها إشارة تعني قتل المتظاهرين ..!. 
بينما أصبح هارون متهم بشأن تصريحاته والتي قال فيها عقب إجتماعات للمكتب القيادي للمؤتمر الوطني (علي المعارضة أن لا تختبر صبرنا ..!) اعتبروها تهديدات وبل تحريضا مباشرا للقوات النظامية بقتل المتظاهرين ، غير أن الاتهامات في شأنه جاءت تترى وقالوا أنه جاء بقوات من الهجانة وأحيانا أخرى يقولون إنها كتائب مسلحة من كردفان جاء بها الخرطوم لقتل المتظاهرين ، ويقال أن المعتصمين قبضوا عليهم جميعا ، رفض أحمد هارون الإدلاء بأي إفادات بشأن تلكم الإتهامات إلا في حضور مستشاره القانوني ، إلا أن التحريات قد شقت طريقها لتصبح مكان الدعوى ..!
غير أن أحمد هارون قال في إفادات وقتها أن الوفود التي جاءت من كردفان فأصبحت مكان إتهام هم عدد من عضوية حزبه تم إستنفارهم مع آخرين لمسيرة كان مخطط لها أن تتم 11 أبريل 2019 قبل إلغائها رسميا عبر مؤسسات الحزب عقب توصية من اللجنة الأمنية للرئيس البشير وهو رئيس الحزب وعقب إجتماع لقيادة المؤتمر الوطني أجازت فيه إلغاء المسيرة والتي وافقت عليها الآلية المشتركة المعنية من أحزاب الحوار الوطني المشاركة في الحكومة .
بلا شك إنها ستظل بينات إدعاء ليقول فيها القضاء كلمته ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل لأحمد هارون السلطة والمقدرة التي تجعله بأن يأتي بقوات من الهجانة كما في الإتهام ، وإن كان ذلك ممكنا فلماذا سقط النظام وهو رئيسا مكلفا للحزب الحاكم ؟!، وكيف فض الرجل إعتصام القيادة العامة وهو بالسجن معتقلا قبل الحادثة بثلاثة أشهر ؟! .
وليس ذلك فحسب بل إن كان لهؤلاء المتهمين الأربعة المقدرة في فض إعتصام القيادة العامة وقتل المتظاهرين ولهم السيادة علي القوات النظامية لماذا لازالوا معتقلين بالسجن ؟! وإن كانت تلك مجرد إتهامات لمحاولات إذا من فض الإعتصام وحدث ماحدث ..؟! بالطبع كل ذلك يدحض فرضية إتهام هؤلاء بقتل المتظاهرين (المتهم بريئ حتي تثبت إدانته) ولكن الأفضل أن تبحثوا عن الفيل الذي قتل المتظاهرين وليس ضلو ..!.
الرادار … السبت 22 يناير 2022 .

Exit mobile version