وداعا (باب شريف) بقلم : السفير عبد المحمود عبد الحليم

..لايزال يذكر تلك الليلة المسهدة التى لم يذق فيها طعم النوم وكادت طائرة الفجر ان تغادر بدونه …طاف تفكيره بجارهم سائق شركة الألبان بمدينة جده الذى أوصله المطار مع النداء الأخير لطائرة الخرطوم فافلح ..
بصعوبة اخذ بطاقة الصعود للطائرة بعد أن تمكن من لملمة احذية وعطور وهدايا تناثرت فوق طاولة تفتيش الأمتعة.. كلما جالت ذكرى ذلك اليوم بخاطره امعن في شكر صديقه السائق الذى لولاه لماسار برنامج زواجه وعقد القرآن فى تاريخه المحدد بتلك القرية البعيدة..كان كلما اشتجر مع زوجته يداعبها بسب
عربة شركة الألبان التى عدها سبب تعاسته ووصوله وزواجه بها…على انه ظل يعيد على مسامعها كلما خرجا سويا للمشاركة فى افراح القرية كيف ان اختيار الثوب الجميل الذى ترتديه اخذ جل وقته فى تلك الامسية…
دارت بالأيام دورتها وعاد ل(جدة) معتمرا ولم يفت عليه الذهاب لشراء الهدايا في ذلك السوق الذى أصبحت زيارته وكانها بعض اركان العمرة……شاب يفاوض صاحب المتجر..وذاك قد فرغ من (تستيف) زمبيل كبير ، واحتشاد أمام متجر للعمائم والشالات بينما شوهدت سيدة متوسطة العمر وهى تنتقى عطورا وحاجيات اخرى بدقة متناهية…
فى رحلة العودة كان المطار يعج بالأسر وصرخات الاطفال بينما تشاهد شنطا متضخمة لعل جوفها يئن من وطأة ماتحمله بينما استقرت فى وجدان اصحابها اشجان
ذكريات وآمال وانكسارات…
سيتم طمر ذلك المكان لتحل مكانه أرصفة وحدائق ومزارات سياحة لكنها لن تطمر قصصه وتذكاراته….

وداعا باب شريف……

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى