حاتم السر سكينجو المحامى يكتب: التحذيرات الملكية من السياسة الايرانية

ألقى الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود خادم الحرمين الشريفين الخطاب الملكى السنوى أمام مجلس الشورى السعودى وبشهادة الجميع كان خطابا مفصلا وشاملا أجاب على الاسئلة الدائرة واشتمل على خارطة طريق للمستقبل ووجه رسائل متعددة أبرزها وأهمها الرسالة الملكية التحذيرية الموجهة للقيادة الايرانية والتى خصصنا هذا المقال لتناولها.
جرت العادة أن يوجه الملك خطابا ملكيا سنويا أمام مجلس الشورى يتناول فيه سياسة المملكة الداخلية والخارجية ومواقفها تجاه أهم القضايا الاقليمية والدولية . واكتسب خطاب هذا العام أهمية قصوى تنبع من أهمية صاحب الخطاب وموضوعه ومكانه وزمانه. وتزداد هذه الاهمية بما تملكه المملكة من تاثير كبير جعل منها دولة محورية فى المحيطين الاقليمى والدولى. كما أنه إكتسب أهمية إضافية كونه أتى بعد فترة قصيرة من قمة الرياض لقادة دول مجلس التعاون الخليجى التى نجحت بمجهود ولى العهد السعودى فى تعزيز وحدة دول الخليج العربى وإعادت الانسجام والتعاون فيما بينها على الوجه الأكمل.
لقد جاء الخطاب الملكى السنوى فى وقت مهم يشهد فيه العالم متغيرات عديدة وتحولات شاملة وتشهد فيه المنطقة أزمات وتحديات ينبغى مواجهتها.ولذلك لم يغفل الخطاب الملف الايراني وما يمثله من تهديد فاشتمل على معالجة ملكية واعية وذكية للقضية الايرانية إذ خاطب خادم الحرمين الشريفين العقل الايرانى بالطريقة الصحيحة مقدما درسا فى الدبلوماسية حيث قال (إن إيران دولة جارة للمملكة، نأمل في أن تغير من سياستها وسلوكها السلبي في المنطقة، وأن تتجه نحو الحوار والتعاون). هكذا استهل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز خطابه الملكى السنوى أمام مجلس الشورى السعودى محذراً القيادة الملالية بوضع النقاط الخليجية على الحروف الايرانية،وفي نفس الوقت لم ينس مسؤولياته التاريخية ولم يتخل عن تحملها. واستشعارا للخطر الايرانى قال فى خطابه: (ونتابع بقلق بالغ سياسة النظام الإيراني المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة بما في ذلك إنشاء ودعم الميليشيات الطائفية والمسلحة والنشر الممنهج لقدراته العسكرية في دول المنطقة، وعدم تعاونه مع المجتمع الدولي فيما يخص البرنامج النووي وتطويره برامج الصواريخ الباليستية. كما نتابع دعم النظام الإيراني لميليشيا الحوثي الإرهابية الذي يطيل أمد الحرب في اليمن ويفاقم الأزمة الإنسانية فيها، ويهدد أمن المملكة والمنطقة).وخلاصة الرسالة الملكية السعودية للحكومة الايرانية مفادها : لقد بدأ صبرنا عليكم فى النفاذ، ولم يعد الوقت فى صالحكم، عليكم ان تكفوا شروركم عنا، وتوقفوا تدخلاتكم فى شؤون دولنا الداخلية. والا فعليكم تحمل مسؤولية أفعالكم وما يترتب عليها. وفى إشارة تجسد ما يمثله الملف الايرانى من أهميه قصوى فى السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية وتأكيدا على أنه يأتى على رأس أولوياتها جاء تناوله فى الخطاب الملكى السنوى فى صدارة الملفات الاقليمية سابقا فى الترتيب للملف اليمنى وملف سوريا وليبيا ولبنان والعراق والسودان وافغانستان رغم أهمية كل هذه الملفات بالنسبة للمملكة العربية السعودية.
ونظراً لتزامن الخطاب الملكى السنوى مع ما يعيشه العالم من جدل حول ملف ايران النووى أشار الملك سلمان إلى أنه لما لأسلحة الدمار الشامل من أضرار واسعة على البشرية فإن المملكة تؤكد موقفها الثابت تجاه ضرورة جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، وتدعم التعاون لحظرها ومنع انتشارها، وإدانة استخدامها، وتجدد المملكة تأكيدها على أهمية حفظ السلم والأمن الدوليين، وتبذل مساعيها الحميدة لحل النزاعات الإقليمية، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.وبلا شك فان هذه الرسالة موجهة بالدرجة الاولى لبريد نظام الملالى الايرانية قبل الاسرة الدولية.
مطلوب تحويل مضامين الخطاب الملكى السنوى وبالذات ما يخص الملف الايرانى الى خطة وبرنامج عمل تفصيلى قابل للتنفيذ تسترشد به السلطتان التنفيذية والتشريعية في عمل مجلس الوزراء ومجلس الشورى. يفضى الى كبح جماح السياسات الايرانية العدوانية ووقف التمدد الاقليمي دون الاستهانة بنظام الملالى الايرانى ودون إعطائه وزنا أكبر من حجمه، لاسيما وأن الحالة البائسة للاقتصاد الإيراني والفساد الذى استشرى فى انحاء ايران قد وفّر ظروفاً مناسبة لتفجير مشاعر المعارضة لدولة الملالى الايرانية واشعلت فتيل الاضطرابات وزادت وتيرة الاحتجاجات والمظاهرات فى المدن والقرى مطالبة بالاطاحة بنظام حكم الملالى وعودة الديمقراطية والحرية لايران. وقد استخدم النظام مختلف الوسائل لقمع هذه التحركات، لكن من دون جدوى. وقد دلّ حجم المظاهرات على أن الطبقات الاجتماعية نفسها التي كانت تُعتبر من أكبر الداعمين للنظام الايرانى غيرت ولائها الى معسكر المعارضة والمقاومة. وأصبح لا خيار أمام ملالى إيران سوى إعادة النظر فى سياساتهم الاقليمية وإعادة توظيف الموارد الايرانية بعيداً عن وكلائهم الإقليميين الذين إتستنزفوا الكثير من الثروة الوطنية على حساب المواطن الايرانى الذى يعانى من الفقر والقمع والمرض.كما ان التذبذب غير المتوقع في أسواق الغاز والنفط، بما يحمله من مضاعفات سلبية على الخزانة الإيرانية، بالاضافة للتململ الداخلي والاحتجاجات المحلية من إهدار الموارد الايرانية المالية لدعم الحلفاء الاقليميين على حساب المواطنين كل ذلك سيلعب دوراً مهماً فيما سيحدث لاحقا فى الساحة الايرانية من متغيرات قريبة حسب الدلائل والمؤشرات الراهنة.
· خبير قانونى ووزير سودانى سابق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى