
ساعات تفصل بين اهم زيارتين قام بهما القائد العام للقوات المسلحة الفريق البرهان في اطار انهاء الحرب بما يحفظ كرامة الشعب ويحافظ على الدولة السودانية .
في مقالي امس بعد لقاء البرهان – بن سلمان بالرياض اشرت إلى ان التنسيق في المرحلة القادمة سيكون أمريكي سعودي مصري . اذ ان المملكة رمت بثقلها لانهاء الحرب في السودان بما يتجاوز شروط الرباعية المرفوضة من الدولة السودانية .
البند الخامس من بيان الرئاسة المصرية عقب لقاء قائد الجيش رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالقاهرة اليوم اكد على حق مصر الكامل في اتخاذ كافة التدابير والإجراءات اللازمة التي يكفلها القانون الدولي واتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين الشقيقين لضمان عدم المساس بالخطوط الحمراء او تجاوزها .. والخطوط الحمراء التي تمس بمباشرة بامنها القومي حددتها مصر بكل ما يرتبط بالامن القومي السوداني كوحدة أراضيه ورفض التقسيم وعدم العبث بمقدرات الشعب السوداني .
الخطوط الحمراء التي ذكرها بيان الرئاسة المصرية تتحول إلى برنامج واضح عبر احياء اتفاقية الدفاع المشترك بعد ثلاث سنوات من اندلاع الحرب والتي اصبحت تمثل خطرا وجوديا للدولة المصرية مع استفحال العدوان الإماراتي وتمدد الجنجويد في دارفور ومساحات واسعة من كردفان .
تعد الإشارة إلى اتفاقية الدفاع المشترك في البيان المصري اليوم تحولاً استراتيجياً بارزاً في الموقف المصري تجاه الأزمة السودانية.
جاءت الخطوط الحمراء” صريحة وواضحة
لأول مرة منذ اندلاع الحرب حيث استخدمت مصر لغة تقترب من “التدخل الشرعي” لحماية السودان، حيث حدد البيان خطوطاً حمراء لا يمكن تجاوزها ولأول مرة تدخل مصر حماية المدنيين كواحد منها بل وتلوح بالتدخل في حال استمرار المذابح والانتهاكات الصارخة كما حدث في الفاشر ومناطق أخرى. كذلك عدم الاعتراف باي حكومة موازية من ضمن الخطوط الحمراء لمصر .
تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك (الموقعة أصلاً في السبعينيات والمحدثة في 2021) يعطي لمصر الغطاء القانوني والدولي للقيام بتقديم الدعم العسكري المباشر والانتقال من الدعم اللوجستي والسياسي إلى تقديم مساعدات عسكرية مباشرة أو حتى تنفيذ عمليات نوعية إذا تعرضت “الخطوط الحمراء” للخطر.
كذلك شرعية التدخل للقوات المسلحة بموجب القانون الدولي، فالمعلوم ان استدعاء دولة لاتفاقية دفاع مشترك مع دولة أخرى يمنح الأخيرة حق “الدفاع الشرعي الجماعي” عن سيادة الدولة الحليفة.
بموجب اتفاقية الدفاع المشترك التي تم الاتفاق على استئناف العمل بها يمكن لمصر التدخل المباشر لحماية الحدود والأمن القومي وذلك على اساس أن أمن السودان جزء لا يتجزأ من أمن مصر، مما يبرر أي تحرك مصري لحماية العمق الاستراتيجي الجنوبي.
الرسائل السياسية من وراء التلويح بهذا البيان القوي له دلالات عميقة بانه ليس مجرد إعلان عسكري، بل هو رسالة سياسية متعددة الاتجاهات .. للأطراف السودانية يشير إلى تأكيد أن القاهرة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام محاولات تفكيك الدولة السودانية أو إنهاء دور الجيش الوطني كعمود فقري للدولة.
للقوى الإقليمية والدولية يؤكد ان مصر طرف أصيل ومباشر في المعادلة، وليست مجرد وسيط، وأنها ترفض أي ترتيبات سياسية تهمش مؤسسات الدولة الشرعية .
التداعيات المحتملة على ميدان القتال بالتلويح بالدفاع المشترك يقلل من التصعيد وردع مليشيا الدعم السريع في الإقدام على خطوات تقود لتقسيم البلاد فعلياً خوفاً من رد فعل مصري مباشر.
هذه الخطوة الجريئة من مصر تقود إلى تعزيز موقف الجيش السوداني .. زيارة الثلاث ساعات والبيان المصري يمنحان الجيش السوداني زخماً سياسياً ودولياً كبيراً باعتباره المؤسسة الوحيدة المعترف بها لإدارة شؤون الدفاع.



