أجراس فجاج الأرض – عاصم البلال الطيب – من لفة جنوب بشمبات لقلب الخرطوم فشارع النيل

الخرطوم الحاكم نيوز

▪️الباسطة
سودانيون وافتخروا،توقفت ليلة أمسى بلفة شمبات جنوب ، محطة تصخب نهارا بالحياة والناس وانفاس الثائرة، وليلا تغص بمرتادى محالها المتناثرة كافيهات هوائية وأكشاك كشكولية وكافتيريهات شعبية أسعارها لازالت لقلة متناقصة مقدورة، تعرفة المأكولات باتت قوائمها مكشوطة وأحوالها متقلبة ومتبدلة، قبل أن نطلب ذات مرة من مطعم بعيد عن لفة جنوب، ألقينا تحسبا نظرة على الطلبات وقائمة الأسعار و لدهشتنا غير ممسوحة كما هى العادة فى عصر التقلب الإقتصادى، فظبتنا الطلبات وفقا للميزانيات وقمنا بالجمع وحددنا المبلغ المراد، وعند الحساب بادلنا الكاشير نظرات استغراب واستعجاب وقائمة الأسعار الإلكترونية المخفية طالها عن بعد تعديل من المالك بالزيادات وقد تنبه لدى طلبنا ببناء حسابتنا علي المدون ،فخيّرنا وهو مجرد مأمور بالدفع بالتعرفة قبل أوبعد التعديل مع إبداء إستعداده لدفع الفرق، فأخذتنا الهاشمية وسددنا بالسعر المعدل ونصحناه لتفادى الحرج بتمزيق القائمة المكتوبة وقذفها فى العراء المحتوم وفى غيابت الجب لجوار الجنية المظلوم، بلد تتبدل فيها الأسعار ولن تستقر مالم تهدأ حالة السباق المحموم واللهاث الملعون للسيطرة على الثروات بحيازة والسلام على السلطات ولو على الأجساد حية أو الاجداث، ولولا ظهر قوى وسنام كنيز بسلة قيم ومعانى لانكسر مرق البلد وتشتت أهلها وما يجرى فوق ظاهر أرضها ألعن وما فى باطنها لمن كد واجتهد أرحم.

▪️نعناعة
ومن سلال هذه المعانى نهلت من لفة شمبات جنوب، شاب يبيع حلويات الباسطة بأسعار معقولة لا كما يفعل اجانب بنا افاعيل ومن طحين لنا مدعوم، تقابل طبليته صيدلية صديقنا الوسيم د. محمد نعنانة من ضبطته غير مرة خلسة ولواذا يبيع الدواء حسب الموجود فى جيب صاحب الروشته، هذا فضلا عن أريحيته فى التعامل مع المرتادين طلبا للدواء دون استشارة طبيب بنصحهم بمراجعته وحال اصراراهم يبين لهم الانفع بفقه أخف الحالين وليس الضررين، تبدو أخلاق المتشاركين سبل كسب الرزق فى هذه اللفة الثائرة والناشدة للتغيير متشابهة دونما رابط واتفاق جامع بسحنات مزيج من كل الجهات والأرجاء وتباين المستويات والأكاديميات وللأمية نصيب غير مبلوم، بينما بائع الباسطة عاكف على تجهيز طلبيتى، خففت سريعا لكشك صغير مجاور عامر بمختلف الأغراض الضرورية وابتعت غرضى وعدت أدراجى لأخذ باسطتى لأتفاجأ بنقصان ما فى جيبى عن قيمة الكيلو الوحيد فما أسقط فى يدى بين ظهرانين،اذ تحسست وطلبت من الشاب انتظارى دافعا له بالموزون لاعود لاخذه بعد إتمام المبلغ وقد كان موازيا لما اشتريته من صاحب الكشك الملقب بالدكتور ومن بين اغراضه أدوات التجميل والتنظيف للجنسين، فاشار الشاب بادب وليس من معرفة سابقة بأخذ الباسطة والعودة متى ما تيسر بباقى المبلغ وابديت خشية من عدم التمكن من العودة والأقدار مجهولة فدرسنى مجددا مرددا العفو والعافية، حملت صندوقى مبسوطا وغادرت شاكرا وعازما على العودة سراعا فى ذات ليليتى وخير البر عاجله وتشجيعا لبائع الباسطة على حسن الظن وعدم رد من يماثل حالتى، وقطعت المغادرة بمعاودة صاحب الكشك لارجاع ما اشتريته وابتياعه صباحا والعيال فى انتطار الباسطة غير معنيين كمارى انطوانيت دلوعة الفرنسيين زمن ثورتهم سر نهضتهم وقد نادت الثائرة المحتجين على عدم وجود عيش الخبز باستبداله بالباسطة والدنيا غير باسطة،لست مؤرخا ظالما،فلذا غير متيقن من صحة المنسوب للدلوعة واللووعة لكن متيقن من قوة اخلاق السودانية وهذا مما يطمأننى بالعبور والإنتصار كما يشتهى حمدوك قائما علينا ومستقيلا عنا ومستريحا، وقفت أمام بائع الكشك وبذات الابتسامة وجدته وقبل أن أكمل روايتى ونقصان مالى لشراء الباسطة من شابها المحترم بقدر ما ابتعته منه، فاجأنى بادخال يده فى درجه ومد المبلغ المنقوص كاملا وبادلته بارجاع سلعته فردها مبتسما يازول شيل وتوكل على الله وعد متى تيسر وما انتظر تعبيرا عن مخاوفى بعدم العودة قدرا فدرسنى مجددا مرددا العفو والعافية وتذكرت اسماعين ودحسن ولولا عتبة العمر لأديت فاصل عرضة وغنيت ورديا وا آسفاى لو ماكنت سودانى وبائع الباسطة وصاحب الكشك ما أهلى وتلك الحاجة.

▪️الشابة
والحاجة يا احباب تتفيأ مع صنوات لها شيبات وشابات ظلال وزارة التعليم العالى وما حولها يبتعن للناس هناك من العاملين والمارة الشاى والقهوة وعصيدة الدخن التى تبرع فيها من زابنتها منهن أم جمعة، نسوة كرام يقدمن شهى الشراب والطعام بأسعار زهيدة وبجودة عالية واهتمام بنظافة كل شئ و حرم الوزارة وما حولها،أما الحاجة احتسيت منها شاياً وقهوةً بينما كنت منتظرا الحبيب عادل فى ظلال الوزارة لعونى فى إتمام معاملات أوراق طالبية ثبوتية للأبناء توطئة لهجرة بعيدة لعل الله كاتبها فييسرها، فنهضت بعد لقاء عادل مغادرا ناسيا دفع الحساب للحاجة وهى ترانى وقد كان طريق مغادرتى فى مرمى ناظريها ولم تنادينى حتى تنبهت وقفلت معاودها ووقفت امامها وجددت التحية اعجابا وسألتها يا حاجة لم أقم بمحاسبتك ناسيا فلم تندهينى؟ يا الله وهى ترد يا وليدى لن افعل هذا وقد رأيتك وقدرت انك نسيت، وعاجلتها لكن هذا دين فوق رقبتى فما انتظرت وهى تفرحنى بذات تلك الأريحية الشابة بلفة جنوب بشمبات مرددة يا وليدى أنا عافية لك ولو لم تتذكر وتعد او حتى مفتقرا. بالله عليكم ماذا ازيد غير أنى جلست ذات نهار قبالة شارع النيل متناولا كوب قهوة من بائعة شابة ولما هممت بالانصراف وقفت امامها ممازحا ولكن بجدية ليس بحوزتى مالا فألقمتنى عجبا بأن كل من يبلغ حياضها لاحتساء مشروباتها الساخن سيهنأ ولو لم يدفع فلساً واحدا!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى