ابراهيم عربي يكتب : المظاهرات والخيارات الثلاثة ..!

الخرطوم : الحاكم نيوز
من الواضح أن العلاقة ما بين الجيش والمدنيين قد إضطربت عقب قرارات البرهان التي أقصي بموجبها شركاءه في الحرية والتغيير (قحت) من المشهد ، وبالتالي أصبحت الأوضاع في وضع مآلات إما تداركية تتطلب حوارا وتنازلات أو خيارات صفرية تقود البلاد لأوضاع مأساوية ، علي العموم ليست بعيدة عن ما ذهب إليه الإمام الصادق (طيب الله ثراه) إما الفوضي الخلاقة (تشاغت) كما قالها مالك عقار عضو السيادي أو الإنقلاب كما قال فوكلر بيرتس رئيس بعثة يونيتامس أو الإنتخابات المبكرة كما دعا لها التوم هجو وآخرين . 
ولكن من الواضح أيضا أن الجيش قد أثبت إنه معادلة لا يمكن تجاوزها ، إذ إستقبلوا إخوانهم الثوار المتظاهرين بالأحضان أمس السبت عند مشارف القصر مرحبين بهم للمرة الثانية وربما الثالثة والرابعة وغيرها ، مثلما نقلتها قناة الجزيرة ، حيث يهتف أنصار الحلو وعبد الواحد نور وترفرف راياته (سقطت سقطت تب ..!) بينما يبتسم صاحبنا بوتشر من علي البعد منتشيا ..!، رغم أن الثوار كانوا يهتفون ضد الجيش ويطالبونهم بالعودة لثكناتهم (يابرهان ثكناتك أولي .. مافي مليشيا بتحكم دولة ..!) ولكن كان عند الجيش حسن الظن فاستقبلهم بالسلمية مثلما جاء التغيير 2019 وبالتالي فوت الفرصة علي الأعداء .
فالبرهان الذي كانوا يهتفون ضده هو ضابطا عسكريا بالجيش السوداني وهو القائد الأعلي وهو رئيس المجلس السيادي وبالطبع رئيس البلاد إلي حين .! ، أعتقد أن الجيش أصبح معادلة في المرحلة الإنتقالية شاء من شاء وأبى من أبى ، فقد إستطاع الجيش بحنكته وخبرته وتقديراته تفويت الفرصة علي المتربصين به من أعداء الوطن أصحاب الأجندات وتقاطعات المصالح .
علي العموم وصل الثوار إلي مشارف القصر في مليونية 25 ديسمبر الحاشدة المخطط لها وقد إستبق هؤلاء خطة الأجهزة النظامية بالإنتقال إلي داخل أحياء الخرطوم في بري والديم والصحافة وأركويت والخرطوم (2) والسجانة وغيرها جاءوها زرافات ووحدانا منتصف ليلة الجمعة قبل إغلاق الجسور من أم درمان والخرطوم بحري وغيرها من ولايات السودان ، لذلك كان الحشد كبيرا والإحتشاد المضاد أيضا كبيرا ، وكانت إستعدادات الأجهزة النظامية كذلك وقد إكملت جاهزيتها وبلغت ذروتها وربما في جعبتها المزيد .   
وصل الثوار مشارف القصر رغم إغلاق الجسور وقطع الإتصالات والإنترنت وإستخدام المياه الملونة والقنابل الصوتية والبمبان وهم يهتفون بصدور عارية (تقطع نت تقفل كبري .. يابرهان جاينك دغري ..!) وصلوا وسجلوا حضورا فعليا ولكن ثم ماذا بعد ؟ وماهو الهدف ولماذا الإستماتة في الوصول للقصر إذا ؟! ولماذا غاب أصحاب الدعوة ؟ .
وليس بعيدا فقد تسابقت قيادات حزب الأمة إلي منزل حمدوك وهو متوسطا المنصورة يمينا وبرمة شمالا في خطوة لها ما يعقبها بينما تسللت بقية قيادات مركزية (قحت) لوذا هنا وهناك متماهين ومتخفين ومخادعين أحيانا ، بينما  غاب دعاة الخيارات الصفرية أصحاب اللاءات الثلاثة التي رفعتها المليونية (لا تفاوض لا شراكة لا إعتراف) ، علي العموم وصل الثوار إلي مشارف القصر وسجلوا في دفتر الحضور (حضرنا ولم نجدكم) ..!
قالت الأجهزة الأمنية إنها تعاملت معاهم وفقا لتقديراتها والتي تباينت المواقف بشأنها حسب الزاوية التي يتكؤ عليها كل شخص ، قالت الشرطة السودانية في بيانها أن (32) من أفرادها وقسمي الشرطة الأوسط أم درمان  والصافية ببحري قد تعرضا لإعتداءات من قبل المتظاهرين فيما لعب ملوك الشغب لعبتهم المفضلة من أعمال تخريبية وتعديات عامة وخاصة ، قالت الشرطة إنها تعاملت معهم باستخدام الغاز المسيل للدموع فأصابت عدد واعتقلت (15) شخصاً منهم واتخذت بذلك  إجراءات قانونية فى مواجهتهم بحضور ممثلين من النيابة العامة (حسب بيانها) ، بينما قالت لجنة أطباء السودان المركزية خلافا لذلك أن مواكب 25 ديسمبر خلفت (178) إصابة بعضها بالرصاص الحي (وفقا لتقريرها) .
علي كل جاءت مظاهرات  25 ديسمبر خلافا لما توقعها البعض والحمد لله وصل الثوار الي أهاليهم ولكنهم بالطبع ليس جميعهم سالمين كما ذهبت التقديرات الأولية ، حيث حدث ماحدث من توقعات مقدرة وفق الإستعدادات الكبيرة ،ولكن من الواضح أن هنالك تخطيط متقدم مزدوج الهدف يقود البلاد لمستقبل مظلم محفوف بالمخاطر ، يبدو من ظاهره الرحمة ومن  باطنه العذاب ..!.
فلا أدري إلي أين تتجه الأوضاع في البلاد ؟! ، حتما تحتاج الحكومة لمنهاج جديد وخطة جديدة للتعامل مع هؤلاء الشباب الثائر الذين نراهم يواجهون القمع بكافة أشكاله والبومبان بمختلف تنوعه بصدور عارية بصورة غير طبيعية أذهلت الكثيرين وسط صيحات هسترية وزغاريد الكنداكات ، وبالطبع يتطلب ذلك من الحكومة بحثا عميقا لتشخيص هذه المستجدات ، مثلما قالها أحد قيادات النظام السابق وهو محتار في أمر هؤلاء الشباب الذين نجحوا في إنهاك حكومتهم لتحقق إختراقا تحالفيا مع بعض مكونات الحكومة من الداخل حتي إسقاطها .
فمن الواضح أن الأوضاع في البلاد لا تبشر خيرا بين تصريحات مالك عقار عضو المجلس السيادي وهو يرثي الوثيقة الدستورية ويؤكد أن الأوضاع في البلاد (تشاغت) وفي حاجة لإنقلاب آخر، وتصريحات صدقي كبلو عضو مركزية الشيوعي أن الدولة هي السلطة ويجب أن تتمتع بحق العنف ودعوتهم في الشيوعي لهيكلة الجيش وفق تقديراتهم وخطتهم الماكرة تلك ، فمابين هؤلاء وهؤلاء إما تنجح المبادرات لتجنب البلاد الخطر أو ان تصبح تحذيرات الإمام واقعا وبالتالي تدخل البلاد نفقا مظلما مابين الفوضي الخلاقة أو إنقلاب عسكري أوالإنتخابات المبكرة ..!.
الرادار .. الأحد 26 ديسمبر 2021 .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى