قرص الشمس : وردي الوطن

قرص الشمس
مأمون على فرح
وردي الوطن

 

وردي مهما امتدت السنوات ستظل ذلك الشامخ ملك متوج في قلوب الملايين فنانا للعالم وللسلام ولغة الحب والحنين والشوق والطرب الأصيل… وردي ايه الهرم الشامخ التليد الباذخ في زمن انحدار الفن وانحرافه تطل باغانيك الخالدة لتؤكد أن الجمال يبقا رونقا نضرا لا يتغير ( الحلو مابيكملش).. وردي يا زهرة السودان الناضرة فنا والقا يبقا لا يصدأ ذهب من عيار مختلف كلما ضاق بالانسان صدره واستمع إليك فإن الحنين والعذوبة تخرجه بجميل الحانك إلى فضاءات واسعة يحلق فيها بروح مختلفة وكأنه ولد اليوم يحدوه الأمل والفخر انك قامة ما تزال بيننا كيف لا ووردي وطن ممتد ومدرسة متفردة متغيرة متجددة تواكب إزمان وأزمان مدرسة لايمكن أن تخبو،،، مدرسة غير مكررة متفردة مبدعة اخاذة عوالم من دهشة وإبداع متواصل وردي الوطن وردي النضال و الثورة والحب والحنين والشجن والأمل.
يظل الفنان العملاق مهما امتدت السنوات حاضراً بيننا بفنه الأصيل والجميل فقد قدم وردي العديد من الأعمال المتميزة التي شكلت في مجملها معالم وطريق الغناء السوداني الحديث فكان وردي صاحب لونية عالمية ومدرسة لا يمكن أن تأتي ولو بعد قرون فمدرسة الراحل العملاق مدرسة مختلفة قدمت نماذج غيرت معالم الغناء في السودان فقدم مزيج من الكلمات والالحان تختلف كلن منها عن الأخرى بشكل تام فشكلت لوحة في مجملها تحكي مقدرة هذا الفنان المبدع على خلق الإبداع بالحان مختلفة ومدارس شعرية متجددة ولونية خاصة فقدم وردي أعمالا راسخة شكلت وجدان المستمع السوداني لعشرات السنين :

إن جيت تطلبنا بضي العين
مابنقدر نحن نقول لا لا
العين مابتعلا على الحاجب
وعزيز الروح مابتعالا
لو نحن بكينا على الصورة
سامح دمعتنا المعذورة
ما نحن بطبعنا ناس طيبين
غلطاتك عندنا مغفورة
الكلمة الحلوة الفي قلبك
وحياتك ماتعاند قولا
خلينا نصابح بيها العيد
نرحل لعوالم مجهولة
لو نحن مقامك ماقدرو
أعذارك عندنا مقبولة
ياروعة سحر الأسطورة
يا سمحتنا الما بنطولا
لو نحن مقامك ماقدرو
أعذارك عندنا مقبولة
بنحبك نحن وما قادرين
أبدا عن حبك نتخلا
نتخلا عن الوجه البشبه
ضي القمرة الناعس طلا
كل الآمال الله يخليك
ويحرسك من عين الناس الله

ووردي متغير لايقف على طريق واحد ومن هنا اكتسب هذا الجمال والتفرد الذي عبر به إلى قلوب الناس في وطن كله يحب وردي ويردد أغانيه :

الليهن قلوبنا والفيهن صفاتنا
الكامنات بروحنا والعايشات في ذاتنا
في حلفا البداية أحلامي وهنايَ
أنا عايش لحبّي المخضر برايَ
النّافرة الأليفة ست روحي وهنايَ
أنا ليْ في كريمي شايقيي بشلوخها
نعتز بي صفاتها ما نجهل تاريخها
وما ها المابية ريدتي مو ياها المسيخة
في شندي العظيمة تلقى بنات جعل
واحدات في المتمّة زي لون العسل
النايرات خدودِن زي فجراً أطلْ
في سنكات بنعشق في السّمراء وأبيّة
ترتاح في الضّريرة خُصلاتها الغنيّة
عاشت في شعورى أحلَى هدندويّة
الوارثات جدودن في الجّود والشّجاعة
البظهر جمالن من زمن الرّضاعة
سودانيّة ميّة الميّة في ذوقها وطباعها
ياناس أرحموني انا قلبي في رفاعة
لوزة القطن اليانعة السّمحة ونضيرة
تِتّنَّىَ الحليوة في مشية أميرة
أجمل حب عندي في قلب الجزيرة
ليْ في الغرب أغْيَدْ في دار حَمَر والبقّارة
نحميها بسيوفنا تفّاحة ونُضارة
تسكرنا الليالي وتطربنا النُقّارة
ليْ في جوبا ساحر تسلم ليْ خدودُه
يمرح في غاباتُه ويسرح في ورودُه
حبّي الغالي ليهُ ما بعرف حدودُه

 

ومن ابو آمنة حامد إلى إسماعيل حسن إلى ذلك المبدع القدير ابو قطاطي إلى الحلنقي إلى التجاني سعيد كانت مدرسة التفرد والحصرية :

يا راجياني وما ناسياني
ياما الغربة بتتحداني
وانا بتحدى الزمن الجاير
لو في بعدك
يتحداني
لمّ سحابة تلاقي سحابة
وتنزل منها دمعة عشاني
تمشي وتسألي عن عنواني
وانا عنواني عيونك انتي
وأي مكان تمشيهو مكاني
ياالفرهدتي فرح جواية
أنا جملتك بألواني
أنا علمتك تاخدي المعنى
من إحساسي وتدي معاني
أنا سافرت عشانك انتي
وسبت البلد الما ناسياني
كم حاولت أصارحك ياما
إلا العزة بقت مانعاني..

*والحلنقي والبقية كانو في قمة الإبداع مع وردي* وكأنما زائر الشعر كثف من إبداعه خصيصًا لهذا الجبل الشامخ فكان الحلتقي لا يتوقف عن الإبداع :

يا أعز الناس حبايبك نحن
زدنا قليل حنان
دا العمر زادت غلاوتو معاك
وصالحني الزمان
يا أحن الناس حنان
كنت من قبلك
بشيل الليل دموع
واطويه هم
انا كنت بخشى
على الأماني الطفلة
يفنيها العدم
وجيت لقيتك بين قلبي دموع
وغنيتك نغم…

واحدة من أهم عوامل نجاح مدرسة وردي انها مدرسة قدمت كوكتيل من الأعمال لعدد كبير من المدارس الشعرية كل مدرسة تختلف عن الأخرى فكانت مكتبة وردي متنوعة في شكل الأغنية ومختلفة في لحنها فقدمت لنا هذا السهل الممتع من اغاني وردي :

قلت أرحل
اسوق خطواتي من زولاً نسى الإلفة
أهون ليل
أساهر ليل
أتوه من مرفى لي مرفى
ابدل ريد بعد ريدك
عشان يمكن يكون اوفي
في بعدك لقيت
كل الأرض منفى
عيونك زي سحاب الصيف تجافي بلاد وتسقي بلاد
وزي فرحاً يشيل مني الشقا ويزداد
وزي كلمات بتتأوّه.. تتوه لمن يجي الميعاد
وزي عيدا غشاني وفات عاد عمّ البلد أعياد
وزي فرح البعيد العاد.

يقول وجيه ندى في مقال عن وردي :

المطرب محمد وردي يغني منذ منتصف الخمسينيات وتعود شهرته إلى بداياته من إذاعة ركن السودان التي كانت تبث برامجها من مصر وهي التي تغير اسمها إلى إذاعة وادي النيل، وبجانب انطلاقه من إذاعة ركن السودان ينطلق صوته أيضا من إذاعة أم درمان في السودان بل ومن أكثر من إذاعة أخري في شرق أفريقيا كإذاعات مقديشيو وهرجيا وجيبوتي وأسمره حيث اللسان العربي والوجدان العربي في الصومال وجيبوتي وإرتيريا الأمر الذي جعل للألحان التي يقدمها والأغاني التي يؤديها مردود الانتشار والصدي ليس في السودان وحدها ولكن أيضا في جنوب ليبيا وفي تشاد والنيجر ومثلها في الصومال وأثيوبيا وإريتريا بل وحتى أوغندا في جنوب السودان وعند منابع نهر النيل.
وغناء محمد وردي في صورته العامة يعتمد في عزفه وأدائه على السلم الأفريقي الخماسي الذي يختلف عن السلم السباعي المعروف في الموسيقى العربية والشرقية وحيث حروف السلم الموسيقى سبعة تتصاعد حرفا بعد حرف بينما أنغام الموسيقى السودانية والنوبية تقوم على الأنغام المنتظمة التي تغيب فيها انتقالات التلوين ويبدو فيها الاستعراض والمط والتطويل اللحني حتى وإن بدت أنغام هذه الموسيقى وهي في حالات القفز من مقام إلى آخر عبر الإيقاع الأفريقي الذي يقوم على خماسي الصوت وحيث اعتاد الناس في هذه البقاع العربية من منطقة الجوار العربي الأفريقي ومن خلال خط التماس بين الأجناس العربية والأفريقية على تبني هذا اللون من الغناء الذي صحب نشأة الموسيقى وفنون الغناء في تلك البقاع من الأرض العربية والذى ارتبط قيام الموسيقى والغناء فيها مع التعبير عن المناسبات والأعياد التقليدية حيث الميلاد والزواج والحصاد والزراعة والرعي والقنص والهجرة وكان هذا الغناء يجري بصحبته بعض الآلات الموسيقية وثيقة الصلة بالبيئة وكانت في البداية آلات النفخ والدفوف والطبول ثم دخلت عليها الآلات الوترية القريبة من العود والربابة… *وعن صوته يقول* : . وصوت محمد وردي يحمل مقومات وعناصر تكوينه الصوتي وحيث تأثر محمد وردي بالغناء الشعبي وغناء القبائل الرحل في وطنه السودان، كما تأثر بألحان الأجيال العربية التي سبقت احترافه وفي الصدارة منها أسماء مثل محمد عبد الوهاب وفريد الأطراش ومحمد فوزي ومحمد الشريف وغيرهم وحيث تعرف على التصوير اللحني ووضع المقدمات الموسيقية للأعمال الغنائية التي تصدي لتلحينها وبعد تعرفه على أصول الغناء الشعبي وحيث كان الغناء القبائلي يعتمد على الأصوات البشرية وعلى صحبة بعض الآلات لهذا الغناء وهذه الآلات لم تكن تزيد عن مكونات الطبول والدفوف والعود في بعض الأحيان وبعض آلات النفخ وهي من فصيلة الناي وبعض الصاجات ثم الآلة التي تشبه الطبلة ويتم الضرب عليها من الجانبين، وقد تجاوز غناء محمد وردي هذه الأشكال الشعبية عندما بدأ في تقديم غنائياته في منتصف الخمسينيات من خلال إذاعة ركن السودان ومن خلال أساليب التسجيل الحديثة والاداء الموسيقى الجديد الذي أعانه على طرق مجالات الجديد ليس فقط في الصحبة الموسيقية ولكن أيضاً في صياغته للألحان التي يؤديها والتى تضم مقدمة موسيقية وتصويرات لحنية عرف من خلالها قدرته التي استمدها من خبرته بأساليب الغناء وبراعته في التأثر برواد وأساتذة النغم والتلحين في عالم الموسيقى العربية
بين القوة والرقة والى صوت اخر و عالم الطرب بحار كل الفنون وجيه ندى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى