ابراهيم عربي يكتب : (الشيخ أبو عزة) … حميدتي كمل جميلك ..!

بلاشك إنها مبادرة كريمة من النائب الأول لمجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع ، تجد منا التقدير والدعم والمساندة ، فقد تكفل حميدتي بعلاج الشيخ الورع التقي محمد أحمد (أبوعِزة) وقد تم نقله بتوجيه منه بطائرة خاصة من مستشفي أم روابة إلي مستشفي رويال كير بالخرطوم وسط دعوات أهله ومحبيه ومريديه ، في وقت فشلت فيه حكومة شمال كردفان لمجرد زيارته هناك ، ونسأل الله للشيخ العارف بالله الشفاء العاجل ونقول لحميدتي كتر خيرك وكمل جميلك ..!.
لم تكن تلك المبادرة الأولي لسعادة النائب الأول وليست الأخيرة فقد سبقتها كثر وقد تكفل حميدتي أيضا بعلاج الروائي والكاتب الصحفي عيسى الحلو وآخرين كثر ولن تتوقف المبادرات ، وقد كان حميدتي دائما سباقا لعمل الخير في السراء والضراء ونحن نعلم الكثير منها ظل يخفيها الرجل ويرفض أن تجد طريقها للوسائط في ظل تكتم إدارة الإعلام بالدعم السريع عليها ، علي كل إنها مبادرة طيبة نحض عليها الآخرين ليحذوا مثلها وليعضوا عليها بالنواجز (من لا يشكر الناس لا يشكر الله) .
والشكر يمتد لمجموعتي حميدتي مشروع وطن ومنظمة قدس الخيرية حيث وقفتا علي قمة قيادتيهما علي علاج الشيخ أبو عزة مواصلة لذات الرسالة ، وقد ظلتا تواصلان اهتمامهما والوقوف بجانبه لتذليل كافة الصعاب لأجل تكملة علاج الشيخ فيما يبذل تيم الأطباء بمستشفي رويال كير جهودا مقدرة في ذلك ، جعلها الله لهم جميعا في ميزان الحسنات .
يظل العارف بالله أبوعبد الله الشيخ محمد أحمد أبو الحسن عبدالله (أبوعزة ) من أعلام شيوخ الخلاوي بكردفان وشمالها خاصة والسودان عامة ، ولا يذكر تعليم القرآن وعلومه وإلا ذكر الشيخ أبو عزة (رجل أم عشرة) شمال الدفينة في وحدة ود عشانا الإدارية في محلية أم روابة بشمال كردفان ، حيث ولد فيها الشيخ عام ‏1925م تقريبا ، ويقول المقربون منه إنه تتلمذ عند الشيخ عبدالله  ود العباس بسنار فحفظ القرآن ودرس العلوم الشرعية عند الشيخ ود العباس ونهل من العلم كثيرا في مناطق شتي ، ثم عاد الي بلده وأسس خلاوى لتحفيظ القرأن والعلم في مسقط رأسه (أم عشرة) وقد تخرج على يده الآلاف من حفظة كتاب الله والعلماء من مختلف بقاع المعمورة .
يقف الزائر لخلاوي الشيخ أبو العزة مندهشا لتواضع الشيخ الجم وبساطته وزهده الدنيا وقد ظل لسانه رطبا بالقرآن والناس كذلك من حوله وقد زرت الشيخ (4) مرات مختلفة في قرية أم عشرة التي أصبحت منارة دينية يتوافد الناس إليها زرافات ووحدانا ، وكل مرة إكتشف فيها شيئا جديدا يدهش ويدعو للتعجب وصدق التوجه لله .
إذ يتجاوز تعداد الطلاب في خلاوي أبو عزة (8) آلاف طالب من مختلف بقاع السودان لا سيما أبناء كردفان ودارفور ،  والدول الأفريقية المحيطة جاءت بهم أسرهم هكذا لحفظ القرآن وعلومه ، وقد ظلت تتكفل بهم الخلوة من مأكل ومشرب وأحيانا الملبس والحاجيات الخاصة ولم يشتكي الشيخ شيئا وقد ظل يقول لمساعدية ومعاونيه لا تسألوا أي شخص شيئا فاسألوا الله ، وقد أنشأ الشيخ أبو عزة العديد من الخلاوي في ولايات السودان المختلفة لتؤدي ذات الرسالة . 
وجدت في أول زيارة لي لخلاوي الشيخ أبو عزة 1998 أن إدارة ديوان الزكاة قد سبقتني إلي هناك ،ولكنهم إندهشوا أمام الصاج الكبير لصنع العصيدة يسع (3) جوال دقيق في آن واحد والمشهد أمامهم بيان بالعمل بلغة الجيش كما يقول العسكريون ، فقال أحدهم للآخر (عمك دا يدوه كم جوال …؟ كب في الصاج دا ثلاثة جوالات دقيق!) فقلت لهم إنكربوا لعمل الخير ..!.
ذهبنا لزيارة الشيخ أبو عزة في العام 1999 ونحن مجموعة من منطقة الميعة ريفي شركيلا بمبادرة كريمة من مهدي محمد سعد حملنا معنا بعض المعينات ومن بينها شحنة لوري حطب وعندما وصلنا الخلوة وجدنا إستقبالا طيبا من قبل الشيخ وحيرانه أدمعت له عيوننا وازدادت أكثر عندما علمنا أنها كانت آخر ما تمتلك الخلوة من مؤونة غذاء وحطب كانت آخر ثلاثة أعواد من شجر العشر الذي تشتهر به المنطقة ومنها إشتقت إسمها ولكنها تصحرت وعدمت حتي العشر هذا ، وعندما عاتبنا الشيخ علي ذلك قال أنا عارفكم جايين …! ، إنها صدقية التوكل علي الله فقال تعالي ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ .
قصدنا الشيخ أبوعزة عام 2000 وألح علينا الشيخ ثلاث ليالي فاكتشفنا فيها أسرارا لأول مرة أن الشيخ لا يأكل وإلا مع طلبته في قدح واحد بعد أن يكتفي الضيوف ويقف بنفسه متابعا كل ذلك ، ويغفو قليلا من الليل فينهض متفقدا طلبته وكان الوقت شتاء وعادة الأطفال عندما يتملكه النوم ينوم في إي مكان ، فكان الشيخ ومعه بعض معاونيه يحملونه إلي سريره ومعه صحن زيت يمسح علي الطفل وعلمنا أنها عادة ظل يداوم عليها الشيخ مع طلابه .
آخر زيارة لي للشيخ أبو عزة 2014 مع وفد من حكومة شمال كردفان بقيادة واليها وقتها أحمد هارون وقد إصطف الطلاب أكثر من (8) آلاف طالب وهم يرددون عبارات الترحيب والأناشيد الدينية وعندما هم الوالي أحمد هارون بالشيخ من الرهق قال له كفاية يا شيخنا علي صحتك ، فرد عليه الشيخ أبو عزة بقوة قائلا (لو تعبت خليني انا بلف علي ناسي ..!) . 
فالشيخ أبو عزة رجل دين يشهد له الجميع ويأوي عدد كبير من الطلاب في ظل هذه الظروف ومنهم من جاءت به أسرته ولم تقم بواجبها تجاهه والظروف معلومة ولذلك نحن نهمس جهرا في أذن النائب الأول حميدتي رجل الخير والمروءة كمل جميلك ياحميدتي بتخصيص عدد من التراكتورات الزراعية متعددة الأغراض مع المؤونة لخلاوي أبو عزة وأهل أم عشرة الذين أصبحوا جزء من الخلوة للحاق بموسم الزراعة حتي يملكوا قوتهم أعزاء كرماء ، وياريت لو كملت جميلك بالمرة وحليت لهم مشكلة توفير نظام متكامل للطبخ من الغاز وليس ذلك بجديد فقد تبرع الرئيس الإرتري أسياس أفورقي بمثله لخلاوي همشكوريب ، كمل جميلك سعادة النائب ونحن علي ثقة وشفا الله الشيخ أبو عزة وجعلها لكم في الميزان .
الرادار .. الثلاثاء 29 يونيو 2021 .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى