تحليل سياسي : محمد لطيف – شراكة المواطن .. الدولة أم الحكومة ؟!

الخرطوم : الحاكم نيوز
تعمدت إستخدام كلمة الدولة .. عوضا عن الحكومة .. لأن الدولة بكامل أجهزتها مسئولة عن المواطن .. وأمام المواطن .. الدولة بكل أجهزتها السيادية والتنفيذية والأمنية .. و هذه رسالة .. ايضا .. للذين إعتادوا على نقد حمدوك وحكومته فقط دون مكونات السلطة الإنتقالية الأخرى .. ولأننى ظللت ولسنوات طويلة أطالب المواطن بتحمل مسئوليته في إصلاح شأن البلاد عموما .. والإقتصاد خصوصا .. ولأن الدولة ماضية في سياسات ترى أنها تصلح من شأن الإقتصاد .. فالعدالة وقبلها الأمانة تقتضي أن نطالب الدولة هي الأخرى أن تتحمل مسئوليتها كذلك .. وإذا أخذنا إجراءات رفع الدعم نموذجا .. فالخطاب السياسي المقروء مع هذه الإجراءات الإقتصادية يقول بلسان الدولة .. على المواطن أن يتحمل معنا عبء هذه الإجراءات ..! والحال كذلك .. فالمنطق يقول .. أن على الدولة أن تثبت لهذا المواطن .. وقبل أن تطالبه .. أنها تتقدمه في تحمل عبء هذه الإجراءات .. أما أن يزداد الإنفاق العام على الدولة ..وتتراجع قدرة المواطن في الإنفاق على نفسه .. فهذا ليس عدلا و لا حلا لأزمات الإقتصاد .. بل هو نكوص .. إن لم يكن إنقلاب على كل الشعارات المرفوعة الآن ..!
ولنأخذ أمر المحروقات نموذجا فقط .. فقد اعلنت الدولة في إجراءاتها الإقتصادية الأخيرة .. أنها قررت تحرير الأسعار .. وفقا للسوق العالمي .. ولكن .. هل إلتزمت الدولة بما أعلنت ..؟ وهل تركت السعر المحلي محكوما بالسعر العالمي فقط .. ؟ الواقع يقول غير ذلك .. فالرسوم الحكومية المفروضة على لتر الوقود تكاد توازي سعره العالمي .. إن لم تفقه .. فعن أي تحرير تتحدث الدولة ..؟ إن خفض الرسوم الحكومية .. إن لم يكن إلغاءها بالكامل .. هو مسئولية الدولة الأخلاقية والساسية الآن .. قبل أن تحدث المواطن عن أي إصلاح .. ثم تتحدث الدولة عن أن سعر المحروقات في السودان هو الأرخص مقارنة بعدة دول .. أيا كان تصنيفها .. ولكن ذات الدولة تتجاهل الحديث عن مستوى المعيشة وعن دخل الفرد وعن القوة الشرائية .. مقارنة بين مواطنها ومواطني تلك الدول .. !
وتراجع مستوى دخل الفرد وقدرته على الإنفاق على نفسه وعلى أسرته .. يقودنا مباشرة الى تزايد الإنفاق الحكومى .. أو إنفاق الدولة على نفسها .. لدرجة تفوق الوصف .. وتتجاوز أسوأ التوقعات في مخيلة المواطن .. الذى كان ينتظر التغيير .. فقد تضخم جهاز الدولة السياسي بما تجاوز كل السقوفات .. ولا يزال الحبل على الجرار .. وفي المقابل تراجع الأداء التنفيذى .. وعلى كل المستويات .. بما يتجاوز .. أيضا .. أدنى التوقعات ..وهذا يعنى ببساطة أن خدمة الجهاز السياسي فى الدولة تقدمت على خدمة المواطن .. ولعل أسوأ ما يسحق المواطن الآن .. من بين أشياء أخرى عديدة .. أن يرى خدمات تأمين الجهاز السياسي تتوفر لها كل الإمكانات .. من سيارات ومصفحات ووقود وأفراد .. وكل هذا على حسابه ..أي المواطن .. بينما أمنه الشخصي تتهدده الكثير من المظاهر السالبة .. هل تفكر الدولة في مراجعة كل ذلك .. ؟ قبل أن تدعو المواطن لمشاركتها في تحمل تبعات رفع الدعم ..؟
شخصيا لست متفائلا .. فالتفكير الرسمي ما يزال بعيدا عن الإحساس بالمواطن .. ولا تزال الحلول المطروحة لا تتجاوز أرنبة أنف المسئولين هنا وهناك .. صديق فى مؤسسة سيادية قدم لي .. ولمرتين .. عرضا للتزود بالوقود من محطة خاصة .. مجانا بالطبع .. وصديق آخر في مؤسسة أمنية عرض على هو الآخر .. تزويدى بالوقود من أي محطة خدمة .. في أي وقت ومجانا ايضا .. رفضت العرضين .. ببساطة لأنها منحة من لا يملك لمن لا يستحق .. ليبقى السؤال .. كم مسئول يمارس ذات السلوك ..؟ وكم ممن لا يستحقون يحصلون على تلك المنح ..؟ وكل هذا خصما على حقوق المواطن و.. عبئا على الإنفاق العام ..؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى