بقلم : إبراهيم عربي
عندما كتبنا من قبل بأن عودة المهندس جعفر حسن للهيئة تعني عودة الحياة للطرق كنا نقصد مانقول تماما ..! فإن الحياة قد بدأت فعلا تعود للطرق بعد عامين من الشلل التام ، لا قديم أعيد ترميمه ولا جديد يذكر تم تشييده ، فقد تكلست الحياة هكذا ، حتي عاد إليها جعفر وجاءها الوزير الشاب النشط عبد الله يحي من الأحراش خالعا لامة الحرب (أرضا سلاح) ، ممتطيا سنام إتفاقية السلام بجوبا بحقها وهو يمتلك المقومات والكفاءة لتمتزج مع الخبرة وقوة الإرادة لأجل التنمية والخدمات وتعتبر الطرق أساسها .
المتابع يجد أن هنالك ثنائية قد تشكلت حالا بين الرجلين ، إذ لم يغرقا في شبر موية كحال مكونات الإنتقال ، فقد إنعقدت الإجتماعات وتجاوز الرجلين كافة التفاصيل الطويلة المملة والخلافات والتباينات التي لازمت مؤسسات الحكومة الإنتقالية بشأن تقديم الخدمة للمواطن ، فأعلنا عن (نفرة لخطة إسعافية) لصيانة الطرق التي أصبح حالها علي كل لسان ، نفرة أطلقوا عليها (زيرو حفر) فاتجها معا إلي الميدان يحملان معول البناء والتشييد فكانت ضربة البداية من طريق الصادرات (أم درمان – جبرا – بارا) لترميم ماجرفته السيول (15) كيلو قبل أكثر من عام .
ولكن لم تتوقف عند هذا الحد ، بل لازمت أعمال الصيانة بذاتها أخطاء في تنفيذ المعالجات نفسها التي وضعها المهندس جعفر قبل مغادرته الموقع كيدا وحسدا وتشفيا ، وبالطبع تلك ظاهرة للعيان من خلال الخلل في المزلقانات التي تم تنفيذها دون مواصفات ، وهنا تكمن أهمية المهنية والكفاءة والأهلية التي إفتقدتها الطرق كحال بقية المشروعات التنموية والخدمية تحت مزاعم وإفتراءات لجنة إزالة التمكين تشفيا وكيدا سياسيا .
شملت النفرة صيانة كافة الطرق القومية بالسودان للوصول إلي (زيرو حفر) ، شملت طريق (الجيلي – شندي – عطبرة) وإفتتاح ميزان الدامر لتحديد الحمولات والتي قيدت بألا تتجاوز (60) طن حسب مواصفات الطرق بالسودان (56) طن ، وكذلك شملت الخطة ضربة البداية لصيانة الطريق الحيوي المهم ، ومن ثم شملت الوقوف ميدانيا علي أنظمة وإجراءات السلامة بطريق (دنقلا – إشكيت) وذلك بتفعيل الموازين بكل من إشكيت ودنقلا لمقابلة الحمولات الزائدة للجرارات المصرية خاصة والتي تجاوزت حمولتها (100) طن ، وبالطبع كان لها آثارها المباشرة علي الطرق ، وتم كل ذلك بحضور ومشاركة أصحاب العمل وشركاء الطرق الآخرين .
بلا شك أن صناعة الطرق مكلفة جدا لا سيما وأن تكلفة الكيومتر الواحد (500) ألف دولار تقريبا وقد بلغت جملة أطوال الطرق التي تم تشييدها بالبلاد بما فيها الطرق الداخلية حوالي (20) ألف كيلو متر تجاوزت تكلفتها الكلية (6) مليار دولار، وأن معظمها الآن يجب أن تشملها النفرة بدرجات ومواقيت متفاوتة ، وكشف المهندس جعفر حسن آدم عن إتفاق بين الهيئة وإتحاد أصحاب العمل على زيادة الرسوم على الشاحنات في محطات التحصيل وإستغلال هذه الرسوم في عملية الصيانة ، وكذلك تم الإتفاق مبدئيا علي تفعيل الإنزارات ومضاعفة الغرامات كضوابط في المرحلة الأولي وستعقبها إجراءات قاسية لا حقا بمعبر إشكيت خاصة بالحدود مع مصر .
غير أن نفرة الصيانة قد شملت أيضا طريق (عطبرة – هيا – بورتسودان) ، وكذلك شريان الشمال طريق (أم درمان – دنقلا) كما ستشمل طريق الإنقاذ الغربي (الأبيض – الخوي – النهود) عقب عطلة العيد مباشرة ، وبلا شك تعتبرهذه الطرق إنجازا كبيرا ، حيث كانت تمثل حلما لأهل تلكم المناطق لأكثر من (سبعين) عاما من المعاناة .
ولكن حقا يمثل طريق (أم درمان – دنقلا) شريانا يضخ الدماء لشمال السودان تهدده الرياح والكثبان الرملية والحمولات الزائدة جراء الحركة التجارية الكبيرة بين (السودان ومصر) ولذلك تاني أهميته ، تماما كما تأتي أهمية طريق (أم درمان – جبرا – بارا) المعروف بطريق الصادرات والذي كان حلم وأشواق وتطلعات لأهالي كردفان والغرب كافة منذ العام 1948 فأصبح واقعا بعد أكثر من (سبعين) عاما ، ولكنه لايزال تهدده السيول المتدفقة في موسم الأمطار والتي في حاجة حسب الخطة لتنفيذ (ثلاثة) سدود لحصاد المياه في كل من وديان (أبكوع وأبجراد والمخنزر) ، وأعتقد مالم يتم تنفيذها ستظل المشكلة قائمة .
وليس ذلك فحسب بل هنالك عدد من الطرق التي تمثل أشواقا وأحلاما لاهلها ولكنها توقفت مع الثورة كطريق (الغبشة – شركيلا) وغيرها دون أدني مبررات مقنعة نراها غير عدم أهلية الشركة المنفذة وعدم المتابعة وبالتالي سيكون الحال أسوأ مما كان بسبب ردمية الطريق المتهالكة التي جرفتها السيول ولا أعتقد تفوت علي إدارة المهندس جعفر ولا يتجاوز طول الطريق (24) كيلو متر.
إلا أن الجولة الميدانية قد كشفت الكثير عن واقع الطرق القومية والتي غطت الرمال بعضها وجرفت السيول بعضها أيضا وأخري تأثرت بالحمولات الزائدة وتسببت جميعها فى إعاقة حركة المركبات وكوارث وحوادث مرورية ، أكد المدير العام للهيئة القومية للطرق ، أن عمليات الصيانة ستشمل إزالة الكثبان الرملية وردم الحفر بتلكم الطرق وعمل مصدات للرياح وزراعة الأشجار للحد من الكثبان الرملية .
غير أن المهندس جعفر حسن كشف عن تحديات قال إنها تواجه عمليات الصيانة لكنه أكد قدرة الهيئة في التغلب عليها والتعامل معها خاصة شح الوقود والتمويل من وزارة المالية ، فيما تعهد الوزير بتنفيذ مشروع (نفرة زيرو حفر) وذلك بتوفير الأموال اللازمة لعملية التأهيل بالتعاون والتنسيق مع وزارة المالية وتجاوز كافة العقبات بما فيها قضية الوقود .
الرادار .. الثلاثاء … الحادي عشر من مايو 2021 .
ابراهيم عربي يكتب : (الطرق القومية) … نفرة زيرو حفر …!
