شرف الدين أحمد حمزة يكتب : ..العائدون من الجنوب والمأساة المنسية!!

*******
بقلم/ 0114541743

●لم تكن حقبة الإنقاذ الوطني موفقة في إسناد رئاسة الوفد المفاوض للحركة الشعبية إلي علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية آنذاك لإعتبارات متعددة على رأسها تدني كفاءة علي عثمان محمد طه في مجال التفاوض مع الحركة المتمردة التي يمثلها في تلك المفاوضات زعيم الحركة المتمردة العقيد”جون قرنق دي مابيور”المسنود بسيناريوهات متعددة للمراوغة والإبتزاز وأساليب الخداع الإستراتيجي المدفوعة إليه من خبراء متخصصون بمراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية وعلوم المستقبليات الأمريكية والألمانية والإسرائيلية والبريطانية،حيث مركز دراسات السلام بواشنطن الذي قام بصياغة وإعداد الإتفاقية النهائية(إتفاقية السلام)الموقعة عام 2005والذي كان المواطن الجنوبي الإنجيلي د.فرانسيسي دينق على رأس الخبراء بهذا المركز والذي وضع شعارا كذوبا مخادعا عنوانا لهذه الإتفاقية المأساة تحت لافتة(الوحدة الجاذبة)حيث إستبان للجميع أنها الوحدة الكاذبة التي قسمت البلاد إلي دولتين منتصرة للإستراتيجية الدولية الصليبية،وأطاحت بالإقتصاد السوداني بخروج قطاع البترول وطرد حوالي أربعة ملايين من المواطنين الشماليين طردا مهينا من مزارعهم وبساتينهم ومتاجرهم ووظائفهم حيث تولت عصابات أولاد قرنق هذه العمليات المهينة منذ لحظة ظهور نتائج الإستفتاء الذي إقتصر فقط على أصوات الجنوبيين دون أن تتضمن هذه الإتفاقية المسخرة أية حقوق لهؤلاء الشماليين الذين طردوا شر طردة وتدفقوا في مشاهد مآساوية محزنة إلي الحدود مع الشمال دون أن يجدوا تمثيلا حكوميا إنقاذيا في إستقبالهم وترتيب أوضاعهم بالرغم من كونهم يمثلون ثلث الشعب السوداني المغلوب على أمره.

●لم تتضمن مباحثات علي عثمان محمد طه رغم تطاول سني التفاوض أية جداول لحصر ممتلكات أهل الشمال من التجار والمزارعين وأصحاب الأعمال الذين قامت على أكتافهم وبتمويلاتهم الذاتية أعمال التنمية والخدمات مثل بناء المساجد والمدارس والوحدات الصحية ومراكز التدريب والتنمية البشرية بل والحركة التجارية والإقتصادية في الجنوب لأكثر من نصف قرن من الزمان وتحملوا فاتورة التنمية الإجتماعية والثقافية والدعوية بكاملها ولكنهم خرجوا من الجنوب بمقتضى إتفاقية علي عثمان قرنق صفر اليدين وبملابسهم التي عليهم فقط_وحال عودتهم بهذه الصورة المهينة وحتى يداري علي عثمان سوءة فعلته التي فعل وجه الأجهزة المختصة برفض تسجيل إسم أي منظمة بإسم هؤلاء العائدون من الجنوب بهذه الصورة المهينة حيث هم من كرام المواطنين والذين لاقوا جزاء سنمار من علي عثمان طه وحكومة وأجهزة ومؤسسات حقبة الإنقاذ الوطني،حيث هؤلاء الكرام يهيمون على وجوههم في فلوات الحدود مع الجنوب في ولاية النيل الأبيض والخرطوم يسكنون الأماكن المهجورة والمباني تحت التشييد الأدهى والأمر أنهم يعانون الأمرين في الحصول على الرقم الوطني لأسباب ما تزال غير معلومة وهذا يعني فقدان أبناء كرام المواطنيين من فرص التعليم فلنا أن نتخيل ملايين التلاميذ من هؤلاء الأبناء هم فاقد تربوي الآن ويفقد آباؤهم فرص الحصول على الدعم الإجتماعي وحقوقهم في الخطط الإسكانية وفرص التعليم مثلهم مثل أهالي قطاع غزة المحتل بل إن سكان قطاع غزة أوفر حظا منهم تحت رعاية الدعم الأمريكي ودعم منظمة “الانروا”التي ترعى شئون خدمات تعليم أبناء قطاع غزة والخدمات الصحية والغذائية وغيرها من تلك الرعاية وأوجه الخدمات الأخرى،وإن شئت فقل أن هؤلاء قد أصبحوا أسوأ حالا من جماعة “البدون”بالكويت.

●قد نجد بعض العذر لعلى عثمان طه في إغفاله لجداول ممتلكات ومستحقات العائدون من الجنوب فقد كان الرجل يعاني من الطعنات الخلفية لجهوده أثناء التفاوض مع حركة التمرد على النحو الذي أوضحته وزيرة التعاون الدولي الدنماركية في كتابها الشهير باللغة الإنجليزية المترجم إلي العربية بعنوان”شن السلام في السودان” ومن إسمه نتبين أن سلام جوبا كان معسكر الصليبية الدولية يقوده ويوجهه بإعتباره حربا من وراء الكواليس حيث فوجئ علي عثمان بأن المطلوب منه أولا توقيع ما يعرف”ببرتكول أبيي”وهو الذي جعل منطقة “أبيي” اليوم في منزلة بين المنزلتين لاهي تابعة للسودان الشمالي أو هي منطقة معزولة عن الوطن حتى إشعار آخر لإعتبارات تخص الولايات المتحدة الأمريكية وحدها،وعندما توجس علي عثمان خيفة من توقيع البرتكول الخطير والذي لم تفوضه الحكومة الإنقاذية لبحثه والتوقيع عليه بمعزل عن ملف السلام الشامل حينها إلتقاه زعيم المتمردين “جون قرنق” وهدده بأن المعسكر الدولي المساند للمتمردين في مفاوضات السلام بجوبا قرر في حالة إمتناعه عن التوقيع برتكول أبيي فسوف يتم إعتقاله وإرساله إلي”جونتانامو”بذات الطريقة التم تم بها إعتقال الزعيم الكردي العمالي”عبدالله أوجلان”من ذات غابات قرية (نيفاشا)بكينيا ومنها أرسل سجن مرمرة بتركيا_فما كان من علي عثمان طه إلا وأن قام صباح الغد بالتوقيع على خاذوق “برتكول أبيي”وكأنه يقول سجن سجن غرامة غرامة كما المثل السوقي.
كانت رسائل الفريق البشير الهاتفية وكذلك المحادثات بين بكري حسن صالح وزير الدفاع آنذاك تنصح وتحذر قائد التمرد “جون قرنق” من إقتياد علي عثمان للتوقيع على مثل هذا البرتكول الخطير وكذلك برتكول الترتيبات الأمنية الأمر الذي أشعر زعيم التمرد بأن هناك عدم إتفاق وتلاشي الإنسجام بين الحركة الإسلامية التي أوفدت علي عثمان لقيادة وفد التفاوض والجناح العسكري تحت قيادة الرئيس البشير مما سهل على قائد التمرد رئيس الوفد المفاوض تمرير الأجندة الصليبية ضمن بنود وبرتكولات إتفاقية السلام النهائية التي تمت صياغتها بمركز أبحاث السلام بواشنطن تحت إشراف” د. فرانسيسي دينق”ولم يكن للرئيس البشير ونائبه سوى البصم عليها دون أن تنتبه مستشارياتهم المتعددة النرجسية للألغام التي إنبنت عليها بنود الإتفاقية الكاذبة وليست الجاذبة ومن أراد المزيد عليه الرجوع إلي “هيلدا جونسون” وزيرة التعاون الدولي الدنماركية في كتابها (شن السلام في السودان).

●هذا التداعي يجب أن لا ينسينا أن موضوع هذا المقال هو العائدون من الجنوب أين تعويضاتهم وحقوقهم التي أغفلتها إتفاقية علي عثمان/قرنق وما هو المطلوب الآن من الحكومة الإنتقالية لرد إعتبار هؤلاء المواطنين أولا بمنحهم الرقم الوطني وإعادة التفاوض مع حكومة السيد/سلفاكير ميارديت رئيس جمهورية جنوب السودان والسيد/توت قلواك مسهل عمليات السلام الجارية الآن في إطار إتفاقية جوبا للسلام الجديدة خاصة وأن جميع مواطني جنوب السودان الآن آمنون بالخرطوم وتعترف حكوماتنا بممتلكاتهم في السكن والمنشآت والمؤسسات التجارية التي يديرونها فنحن نريد المعاملة بالمثل يا هؤلاء فهؤلاء أربعة مليون مواطن سوداني خرجوا قسرا من الجنوب يا مولاي كما خلقتني كما يقول المثل المصري الشعبي،وأنه يتوجب كذلك مساءلة السجين علي عثمان طه أين حقوق هؤلاء فهذه من القضايا التي يجب مساءلته عنها قبل أن يسأله الله تعالى في يوم لا ينفع فيه إلا من أتى الله بقلب سليم.

♧لا يفوتني هنا أن أشكر الإعلامي المتميز الأستاذ/عارف محمد أحمد حمدان وهو يستضيف رئيس منظمة العائدون من الجنوب والحقائق المؤلمة التي عكستها حلقته الإذاعية المتميزة بإذاعة الفرقان” ببرنامج يا حليل رمضان وياحليل رمضان يا عارف”♧

شرف الدين أحمد حمزة
0114541743

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى