السعودية في المويلح تستمع لتلاوة مباركة

صديق دلاي(المستقبل برس)

في نهار رمضاني غائظ , توجهنا بدعوة كريمة من الحاكم للخدمات الصحفية الى غرب أمدرمان , قليلا نحو الجنوب، وكثيرا نحو الهدوء, ستفكر معي بلا شك في تمدد العاصمة القومية أفقيا كأنه تمدد لا متناه , متشابه جدا ,.. صور وناس ومباني ونوع حياة ونشاطات ومظاهر , تنوع وكدح..
في مكان تشاهد نفس السودانيين في الطرقات، وحتي اللأفتات , أسماء الكافتريات المغالق , ستات الشاي , الصوالين والكوافير , الا ان الشيشة لم تأتي بعد الى هنا..
نعم… في نهار رمضاني غائظ , كان مشهد التلج في المحطة الرئيسة يسعد النفس التواقة للشراب عند مغيب الشمس مع أذان المغرب، والكل في هذه الساعات يبحث عن ملاذ من شمس إبريل.
وصلنا الي مجمع المويلح نفس المشهد الذي تكرر أمام عيوننا , في خلاوي أبو عزة، وهمشكوريب، وخلاوي أخري في خلاء الدمازين، ومدني، والقضارف، والفاشر , زرناها ذات يوم وشاهدنا أطفال اللوح والتقابات… , اليوم يبدأ فجرا وينتهي مبكرا مع بقية المظاهر التعبدية ومواعيد الصلاة محفوظة جدا.
اللامع في مجمع المويلح الإسلامي مساحته الرحيبة، ومبانيه ، بالإضافة للخلاوي الممتدة في شكل فصول للسكن أيضا , حيث يحتوي علي صالتين فخمتين، وجامع بمئذنة متعالية، والبهو الخاص بالتلاوة يملأ الفناء بصداح محبب للنفوس , وظهر تجار الابل محبين لأطفال التحفيظ، والشيخ مبجل من الجميع والتجهيزات تؤكد أن هؤلاء الناس فهموا المستقبل، و وضعوا أمالهم في الإتجاه الصحيح،.
واضح من الترتيب وشكل المباني أن جيوب هؤلاء الناس كانت سخية على هذا المكان المهم، وأنا في غمرة زحام أهل القرأن أستمع الجميع الي منصة مرتبة حيث لا مجال لرشا الرشيد او شذي عبد المتعال.
بدأ مقدم البرنامج بلحية كثة وقامة متوسطة , بدأ ثابتأ بلغة سليمة وحضور بدون أخطاء , وبدون تردد وتمتمة أعتدنا عليها في مثل هذه المنصات،
أستمعنا الي تلاوة مباركة من الحفظة ال25 بجلاليب مكوية وطواق جديدة، وملامح مبروكة بفضل هذه التقابة والتلاوة أناء الليل وأطراف النهار كانت وما زالت منطلقة من هنا الي كل الأفاق.
تم تكريم الحفظة وتحدث السفير السعودي عن جمال مشهد الحفظة، وأن المملكة العربية السعودية رائدة في هذا المجال، وأضاف حديثا رامزا الي مجمع الملك فهد في الاهتمام بتعليم وتحفيظ القرأن وترجمة مدلولاته الى لغات أخري تنفع المسلمين في أركان الدنيا كلها.
تحدث السيد مفرح وزير الأوقاف شاكرأ الله علي هذه النعمة جلابة الخير لهذا البلد. مؤكدا دعم الوزارة، وهو دورها في دعم ورعاية الخلاوي. وبالقرب منه شرد خيالي نحو بطولات الرجل، وهو يعيد للأوقاف ثرواتها المهدرة عقودا من الزمان , كما فعل في مؤسسة مستشفي الزيتونة , وقلت لنفسي: ماذا لو تم تخصيص هذا المال الذي كان مهدرا وضائعا أن يرحل الي كل خلاوي السودان لبعث الروح فيها. , وأختلط في خيالي صورة لخلاوي زرناها مع الأمين العام لديوان الزكاة الإتحادي في خلاء الدمازين. وقد حصلت أمام عيوننا مفاجأة حقيقية , حيث شاهدنا معهدا فنيا مكتملا , نفس قارئ القرأن يتعلم التكييف والسمكرة والكهرباء , وكان مشهدهم “بالابرول” له جمال ضاف بملامح رحيمة، وجلال القرأن يتجلي في محتويات العمل..
تذكرت كيف أستقبلونا وهم طلاب خلاوي بأناشيد الوطن بصوت محمد عثمان وردي، وتكرر المشهد بالمويلح حيث الجلكسي يصور كل تفاصيل الإحتفال من أطفال وتلاميذ الخلوة , فرحين بالتقانة في حضرة أرض القرأن،
بدأ مفرح وزير ثورة حقيقية , عادي جدا , تفرست في ملامحه , حيث لا تغيير بفضل الهواء الرطب كما تغير مسئولون كثر تحت راحات ذلك الكرسي. ولكن ظل مفرح بخشونة واضحة وكأنه عائد من السوق قبل لحظات، محتفظا بجلابية الأنصار، وجيله الذي يجيد الهروب من التقديس ومناقشة كل الناس بلغة واحدة.
بدأ لي (مفرح) وزير من فكرة (الحصة وطن)، بعد تأمل فضولي نحوه , ليس هناك ترف زائد، والرجل قد أنجز الكثير للأوقاف الدينية، ونجح في إرسال كل ما هو مناسب للغرب البعيد بأن التغيير حقيقي، والثورة جادة، والنظام البائد كان تاجرا في الدين…
كانت الثورة المضادة لعمل مفرح بالمرصاد، كانت تحاول تشويه صورته حينما كان مجتهدا , مبديأ التقارب المأمول مع الإخوة المسيحيين في كنائسهم وديرهم.
وفي المويلح كان هو ذاته الأنصاري من الجزيرة أبا حيث ليست هذه المشاهد غريبة عليه وهو ابن تلك البيئة.
كان لابد من كلمة للجنة المقاومة والخدمات، فقد تحدث أحد الشباب من ورقة فلسكاب، محددا طلبات المنطقة وموجها الحديث للسيد الهادي إدريس عضو مجلس السيادة , بأن منطقة المويلح خاصة في الفترة الأخيرة صارت مسرحا للإستدراج وقتل الأبرياء، وطلب توفير سيارتي إسعاف، وطرق قصيرة وبيارة مياه.
تحدث طيران (تاركو) للمويلح بعيدا عن الجو والسموات وقريبا من التلاميذ واللوح واعطت الفائزين جوائز مقدرة , وشاهد أهل المويلح سيارات الدفع الرباعي القوية والصارمة تغادر الخلاوي والمسيد تاركة لهم بقية المساء وذلك الليل الطويل…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى