أسفار الجمعة

أسفار الجمعة
مأمون على فرح

 

قيل اجتمع كعب وعبد الله بن سلام، فقال له كعب : ياابن سلام من أرباب العلم؟!
قال : الذين يعملون به..
قال : فما اذهب العلم عن عقول العلماء بعد أن علموه.
قال : الطمع وشره النفس وطلب الحوائج إلى الناس.
واجتمع الفضل وسفيان وبن كريمة اليربوعي، فتواصوا ثم افترقوا وهم مجمعون على أن أفضل الأعمال الحلم عند الغضب، والصبر عند الطمع.. وقيل لما خلق الله آدم عليه السلام عجن بطينته ثلاثة أشياء : الحرص، والطمع، والحسد فهي تجري في أولاده إلى يوم القيامة فالعاقل يخفيها والجاهل يبديها… ولابن القراطيسي في ذلك :
حسبي بعلمي أن نفع
ماالذل الا في الطمع
ماطار طير وارتفع
الا كما طار وقع

ولسابق البربري :
يخادع ريب الدهر عن نفسه الفتى..
سفاهآ وريب الدهر عنه يخادعه
ويطمع في سوف ويهلك دونها
وكم من حريص اهلكته مطامعه

وقيل لاشعب : مابلغ من طمعك؟!
قال : أرى دخان جاري فأفت خبزي، وقال أيضا : مارأيت رجلين يتساران في جنازة الا قدرت أن الميت أوصى لي بشيء من ماله، ومازفت عروس الا كنست بيتي رجاء أن يغلطوا فيدخلوا بها إلى.
وفي شهر الجود نقول والكرم : نحكي عجائب الإيثار ماحكاه أبومحمد الازدي انه قال : لما احترق المسجد بمرو ظن المسلمين أن النصارى احرقوه، فاحرقوا خاناتهم، فقبض السلطان على جماعة من الذين احرقوا الخانات وكتب رقاعا فيها القطع والجلد والقتل ونثرها عليهم فمن وقع عليه رقعة فعل به مافيها، فوقعت رقعة فيها القتل بيد رجل فقال : والله ما كنت أبالي لولا ام لي.. وكان بجنبه بعض الفتيان فقال له : في رقعتي الجلد وليس لي أم فخذ انت رقعتي واعطني رقعتك ففعل فقتل ذلك الفتى وتخلص الرجل.

وقيل لقيس بن سعد : هل رأيت اسخي منك؟!
قال : نعم، نزلت بالبادية على امرأة فجأء زوجها فقالت له : انه نزل بنا ضيفان.. فجاءنا بناقة فنحرها، وقال : شأنكم.. فلما كان الغد جاء باخرها فنحرها وقال : شأنكم، فقلنا : ما أكلنا من التي نحرت البارحة الا القليل، فقال : اني لا أطعم ضيفاني البائت.. فبقينا عنده أياما، والسماء تمطر وهو يفعل كذلك، فلما أردنا الرحيل وضعنا مائة دينار في بيته، وقلنا للمرأة : اعتذري لنا إليه ومضينا، فلما ارتفع النهار إذا برجل يصيح خلفنا قفوا أيها الركب اللئام، اعطيتمونا ثمن قرأنا ( اي ثمن ضيافتنا لكم ) ثم إنه لحقنا وقال : خذوه والا طعنتكم برمحي هذا. فاخذناها وانصرفنا..
وقال بعض الحكماء : اصل المحاسن كلها الكرم، واصل الكرم نزاهة النفس عن الحرام وسخاؤها بما تملك على العام والخاص وعن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال ( تجاوزوا عن ذنب السخي فإن الله آخذ بيده كلما عثر وفاتح له كلما افتقر ).
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : ماسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط فقال لا وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ( السخي قريب من الله قريب من الناس قريب من الجنة بعيد من النار والبخيل بعيد من الله بعيد من الناس بعيد من الجنة قريب من النار ولجاهل سخي احب الي الله من عابد بخيل).
وفي سخاء وجود معن بن زائدة يقول القائل :

يقولون معن لا زكاة لماله..
وكيف يزكي المال من هو باذله
إذا حال حول لم تجد في دياره
من المال إلا ذكره وجمائله..
تراه إذا ماجئته متهللا…
كأنك تعطيه الذي أنت نائله
تعود بسط الكف حتى لو انه
أراد انقباضا لم تطعه انامله
فلو لم يكن في كفه غير نفسه
لجاد بها فليتق الله سائله..

ومن قول معن :

دعيني انهب الأموال حتى
اعف الأكرمين عن اللئام

وفى يحيى بن خالد قيل :

سألت الندى والجود مالي اراكما
تبدلتما عزا بذل مؤبد..
وما بال ركن المجد امسي مهدما
فقال اصبنا بابن يحيى بن محمد
فقلت فهلا متما بعد موته..
وقد كنتما عبديه في كل مشهد
فقالا أقمنا كي نعزي بفقده…
مسافة يوم ثم نتلوه غداً..
وقال سيدنا علي رضي الله تعالى عنه وكرم وجهه لا تستح من عطاء القليل فالحرمان أقل منه..

نلتقي بحول الله….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى