شرف الدين احمد حمزة يكتب : الامن القومي السوداني وسيناريوهات الخداع الإستراتيجي

الخرطوم – الحاكم نيوز

*تعاني بلادنا اليوم اسوأ سيناريوهات الخداع الاستراتيجي وتتداخل هذه السيناريوهات بعضها مع البعض احيانا ، وتأتي احيانا اخري منفردة ومتتابعة ومتنوعة ومتلونة وتبتلعها مطابخ السياسة السودانية عندنا وما اكثر هذه المطابخ التي باتت متداخلة مع الاختصاصات والصلاحيات سيما وان هذه المطابخ السياسية بعضها رسمي والاخر صوري والثالث تشريفي وكلها تبتلع علي مدار الساعة سيناريوهات الخداع الاستراتيجي وتشرئب بعنقها لتقول هل من مزيد لتؤكد ان لها دورا وفاعلية وانها حاضرة علي مسرح وعالم السياسة السودانية بعد الثورة.

* الخداع الاستراتيجي علم مخابراتي إستعارته السياسة الدولية كقناع يواري سوءة النوايا الحقيقية للأهداف والبرامج التي تحملها حقائب الساسة الذين يتنقلون بين عواصم بلدان العالم لتسوية ملفاتهم الملغومه، وتستهدف لعبة ولعنة الخداع الاستراتيجي سياسة البلدان المستهدفة علي الاصعدة السياسيه والاقتصادية والعسكرية والامنية والثقافية والاستراتيجية وتبتلعها دوما البلدان الهشة التي تعاني الفوضي الخلاقة التي روجت لها قبلا كل من العجوز “مادلين اولبرايت” والشابة السمراء المخادعة “كونزاليزا رايس” وزيرتا خارجية الولايات المتحدة الامريكية في اطار انفاذ ترتيبات النظام الدولي الجديد الذي دشنه الرئيس الامريكي الاسبق “جورج بوش” الاب وهو يعلن علي العالم اجمع ذات مساء في العقد الاخير من القرن الماضي ان صواريخه وحممه وطائراته انطلقت لتقصف العراق باسم النظام الدولي الجديد في اطار تحالف دولي واقليمي عريض بما فيه غالبية الدول العربية التي وضعت مطاراتها وقواعدها الجوية والعسكرية تحت إمرة واوامر الجنرال ((نورمان شوارزكوف)) قائد قوات التحالف الاطلسي آن ذاك اتذكرونه ايها السادة ام اخني علي ذواكركم الذي اخني علي لبد؟!

* وطالما إستشهدنا بالعراق يجدر بنا هنا ان نقول ان العراق تحت قيادة المهيب ..صدام حسين.. كان نموذجا للقيادة التي ابتلعت اخطر كبسولات الخداع الاستراتيجي وبجرعات عالية من الفياجرا السياسية لتصدق وعد الرئاسة الامريكية علي لسان السفيرة الامريكية ببغداد في اللقاء العاجل الذي طلبته سعادة السفيرة الحاذقة لتلقي في آذن المهيب صدام حسين اولي الوصايا العشر الامريكية للمهيب صدام حسين لتطمأنه وهو يعطيها اذنه ويصيخ لها تماما بمشاعره وكلياته “لتوسوس” له بان امريكا لا يعنيها اطلاقا ان كان يريد غزو جارته دولة الكويت برا عبر الحدود والاستيلاء علي كامل الدولة فهي غير معنية بذلك وصدق الهيب ازيز الوسواس الخناس واقتحمت الياته ومجنزراته وفيالقة الحدود مع جارته دولة الكويت وصولا الي عاصمتها الجميله واعلن علي لسان ناطقه العسكري ان دولة الكويت ذات السيادة والعضو الكامل العضوية في حامعة الدول العربية ، ومنظمة الامم المتحدة لم تعد دولة وانما تحولت الي كونها احدي محافظات الجمهورية العراقية!!
لم يكن العراق بلدا هشا فهو يمتلك ثاني اكبر احتياطي نفطي عالميا، ولديه ثاني اقوي جيش عربي بعد الجيش المصري ، ولدية عشرات الاكاديميات العسكرية والاستخباراتية والعلوم العسكرية والامنية … ولكنه ايها الساده “الخبل السياسي” وغياب العقل الاستراتيجي ومنطق التفكير الاحادي تحت نظرية (عبادة البطل)

* والعزاء هنا انه لم يكن المهيب صدام حسين وحده الذي كان ضحية نظريات وحزم وبرامج الخداع الاسترانيجي فقد سبقه زعيم الامه العربية وقائد القومية العربية ورئيس اكبر دولة عربية تمتلك اقوي الجيوش العربيه والعتاد العسكري الروسي والتشيكي وصاروخي القاهر والظافر فقد صرح الرئيس جمال عبد الناصر في مؤتمره الصحفي بقاعدة ..ابوصوير.. العسكرية بمحافظة الاسماعيليه بالجمهورية العربية المتحده( انذاك) انه يتوقع العدوان الاسرائيلي علي مصر اما في ٣ او ٥ يونيو لكن الخداع الاستراتيجي المباشر ياتي ليلا بهيما والرئيس في نومة هادئه ليطلب سفير الاتحاد السوفياتي انذاك بالقاهرة ايقاظ الرئيس فورا وعاجلا لإبلاغه رسالة مهمة من الكرملن ويستيقظ الرئيس المرهق بمرض انخفاض السكر في دمة والام جلطه في ساقه ليستمع الي سعادة السفير الذي رصدت اقمار بلاده الاصطناعية ارتال الجيش المصري وهي تتدفق نحو سيناء ومدن قناة السويس في اتجاه الحدود المحادده لدولة الكيان العبري اسرائيل” وليعطي الرئيس عبد الناصر آذنه لسعادة السفير الذي يبلغه ان الكرملن ينصحك ويرجوك ويطلب اليك الا تكون انت ياسيادة الرئيس البادئ بالعدوان علي اسرائيل لتكسب تعاطف المجتمع الدولي معك ومجلس الامن والامم المتحدة وقبل هذا وذاك تعاطف الاتحاد السوفياتي الحليف الاستراتيجي لمصر.
وما ان اطل فجر الاثنين ٥ يونيو ١٩٦٧ وفي تمام التاسعة صباحا الا وكان الالوف .. اللواء.. مردخاي هود قائد سلاح الجو الاسرائيلي يتخذ مقعده داخل غرفة العمليات العسكرية الاسرائيلية بمكان ما داخل اسرائيل ومن حوله اللواء / اسحق رابين، رئيس هيئة اركان حرب الجيش الاسرائيلي واللواء / موشي ديان ، وزير الدفاع الاسرائيلي والبروفسير إيجال يادين ممثل رئيسة وزراء اسرائيل جولدا مائير والعميد/ عيزرا وايزمن ، رئيس شعبة العمليات العسكرية ومن ثم بدا الالوف /اللواء/ مردخاي هود ، قائد سلاح الجو الاسرائيلي يصدر بصوته الامر العسكري رقم ‘١’ لجميع طياري سلاح الجو الاسرائيلي بالبدء فورا وانفاذ الطلعات الجوية والاغارة وضرب جميع المطارات العسكرية في كل من مصر وسوريا والاردن والعراق ولبنان ، حيث جاء الامر العسكري بصوت اللواء مردخاي هود مصحوبا بتذكير قادة الاسراب الجوية الاسرائيلية بالامجاد التاريخية للمحاربين اليهود عبر التاريخ حيث قال ( … ان روح ابطال اسرائيل في كل الاجيال سترافقنا في القتال ، وان البطولة الفائقة لمحاربي يهشوع بن نون، وابطال داؤود الملك والمكابيني ستكون مصدرا لنا تستوحي منه القوة والمقدرات الروحية لنضرب العدو المصري الذي هدد امننا واستقلالنا ومستقبلنا ) وختم امره العسكري بالبركه الاخيرة لصلاة الخالق من اسفار التوراه ياجماعة فصل الدين عن الدوله.

* وما ان انتصف نهار الاثنين الحزين ٥ يونيو ١٩٦٧ اول يوم للعدوان الاسرائيلي الا وحطمت اسراب سلاح الجو الاسرائيلي ودكت ثلاثة ارباع المطارات العسكرية المصرية واساطيلها الجوية من الطائرات المقاتلة جاثمه علي مهابطها ومدرجاتها في الماظة، والهايسكتب، وسفاجة ، والعريش ، وجفجافه ، وسيناء ، وابو صوير، ومحطات رادار ” جبل لبني” بالعريش، بل وامتدت اليد الطولي للطيران الحربي الاسرائيلي لتضرب محطات الكهرباء والمحولات في الصعيد الجواني في قنا، وادفو، ونجع حمادي وغيرها

* عندها خرج الرئيس عبد الناصر منكسرا غائر العينين علي قنوات ومحطات التلفزيون العربي (المصري) كما كان يطلق عليه معلقا ان العدو قد خدعنا فقد كنا نتوقع مجيئه من الشرق ولكنه جاء من الغرب واعلن استقالته وتنحيه عن السلطه.. لكنة لم يذكر شيئا ولو قليلا عن الخدعة التي ابتلعها من سفير الاتحاد السوفياتي العظيم.

* واخيرا كان العقيد ” معمر ابو منيار القذافي” قد تناول قدرا لا بأس به من كبسولات الخداع الاستراتيجي الروسي ، وكذلك تناول ” الفياجرا” الفرنسية ماركة ‘ساركوزي’ شديدة التأثير فخرج علي شعبه وهو ينادي في غضب ويقول لهم ( من انتم.. من انتم) وتحت اشتداد واختلاط الحابل بالنابل من سجن ابو سليم ، والسجن الحربي ، ومعتقلات وزنازين جهاز المخابرات قام بالهروب برا والتقطته عدسات القمر الصناعي الفرنسي الذي اخبر الثوار عن مخبئه داخل مجري الصرف الصحي خارج العاصمه طرابلس فلحقوا به واعتقلوه واوسعوه ضربا وشتما وفعلوا به ما لايمكن كتابته ثم قتلوه علي الخازوق علي الطريقة الفرنسية التي قتل بها الاستعمار الفرنسي البطل السوري (سليمان الحلبي) الذي قتل القائد الفرنسي (( كليبر)) خليفة نابليون بونابرت اثناء الحمله الفرنسية علي مصر عام ١٨٧٩ بعد هروب بونابرت فقد كانت هذه هدية ” ساركوزي” الرئيس الفرنسي الاسبق للعقيد القذافي الذي دعم حملته الانتخابية بخمسة ملايين دولار وحوكم علي هذه الرشوة الشهر المنصرم بثلاث سنوات سجن .

* ومايزال مسلسل وسيناريوهات الخداع الاستراتيجي تتنزل وتحط علينا في السودان في محاوره العسكرية ، والاقتصادية ، والسياسية ، والثقافية ، والاجتماعية ، والاستراتيجية وحقائب اجنبية شتي تهبط ليلا و نهارا بمطار الخرطوم من حقائب رئيس الموساد الاسرائيلي طالع نازل ، واخونا توت قلواك ، ودونالدبوث ، ومدير برنامج الغذاء العالمي ، بالخرطوم وقبلهم مبعوث امريكي اخر بين الفينة والاخري، ورئيس بعثة اليونيتاب ، ورئيس اليونيميد مودعا يوميا لرؤوس ورموز الدولة ، وحملة الرسائل والوساطات الظبيانية ، ورئيس هيئة اركان الجيش المصري مرارا ، ورئيس المخابرات المصرية قبل كل بداية مباحثات حول سد النهضه ، ورئيس البنك الدولي للانشاء والتعمير اخيرا وليس اخرا وهلمجرا.

*قطار الخداع الاستراتيجي يمضي ويسرع خطاه بجميع لغات العالم في السودان وحقائب المستثمرين لميناء بورتسودان من بريطانيا وتركيا ، وامريكا وروسيا وتطبع اوراق دعم الاستثمار للمؤتمر الاقتصادي بباريس ، والفيضانات تكتسح قري ولاية النيل الابيض دون ايضاحات وافية وتشتد ازمات الخبز رغم وفرة الانتاج المحلي ، ويرتفع الدولار الجمركي ليرتفع سعر البنزين وترتفع فوضي وحمي اسعار المواصلات وتختفي المضادات الحيوية والمحاليل الوريدية ويصرخ وزير الصحة بانها فضيحة ، وترتفع الاسعار كل صباح وتلفزيون السودان ‘ يهدأ من روعنا ويعرض علينا مقابلات حملة حقائب الخداع الاستراتيجي وتصريحات الرئاسات تحكي مقابلات الرئاسات المتعددة لحكومة مثل التنين الصيني برؤوس متعددة ومطابخ سياسية تمثل طرائق قددا من الاتجاهات السياسية ولكن المثل السوداني يقول ( ان الفي القدر بطلعه المغراف)وعلي رأي اخوتنا في مصر ( ياخبر بفلوس النهارده بكرة يبقي ببلاش) ودقي يا مزيكة.

هاتف
0114541743

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى