
بيني وبينكم ..لا احب عيد الام ..يفتح في قلبي جراحا كثيرة ..اعمقها جرح فقدان امي الحاجة منيرة محمد عدنان التي رحلت قبل سبعة اعوام ولاتزال عيناي تدمع كلما اتى طيفها على ذاكرتي وما اكثر ما يحدث ذلك…
لكن الكتابة عن حواء غير ..جارتي التي تسكن البناية غير المكتملة ..تحرسها حتى تكتمل ..حتى يأتي صاحبها ليسكنها لتقوم هي بالبحث عن مكان آخر تحرسه ..
هكذا تعيش حياتها من بيت الى بيت ..لها من الأطفال خمسة ..أربعة أولاد وبنت ..تعمل نهارها كله في مساعدة ربات البيوت ..وتجني القليل لكي تنفقه على الأبناء الصغار ..تضحك دائما في وجهك رغم متاعبها ولا ترفض تقديم المساعدة مهما كان تعبها او انشغالها ..والمهم في الامر اتقانها لعملها ..ممما جعلها محبوبة الشارع…لا تسألوني عن زوجها ..فهو لأياتي الا كل فترة ..ليأخذ ماجنته هي (يلمها النمل ويطأها الفيل ) ..ومن ثم يغادر فيعلو صوتها (قطر عجيب ) ونقول نحن (امين ).
مازحتها صباح اليوم (حواء ..كل سنة وانتي طيبة ) ..توقفت عن كنس مدخل البيت الذي تعمل فيه ..ورفعت رأسها مفكرة ..ومن ثم قالت بعد تردد (رمضان قرب ولا شنو ؟) ..ضحكت وقلت لها (رمضان انت مالك ومالو؟ حتصومي معانا ولا شنو ؟ انا قصدي عيد الام ) ..اطلقت ضحكة صافية ..(بالله في عيد بتاع ام ؟ ..طيب باقي سنة بتاع منو؟)
باقي سنة بتاعك انت وكل الامهات اللاتي على شاكلتك ..وحيدات الخلية ..اللاتي (تحزمن وتلزمن وشالن الشيلة ) لوحدهن ..العاملات.. الصابرات ..الكادحات ..
باقي السنة لك ولكل من هن على شاكلتك
في ذلك اليوم البارد جدا ..كان السعال يكاد يشق صدرك ..سألتك (انتي بتتغطي بي شنو ما عندك بطانية ؟) ..ضحكت وقلت لي (بطانية واحد كبير نغطي بيهو الشفع ..انا و ولدي الصغير نتغطى بملاية ) ..
باقي السنة لك ولكل من هن على شاكلتك
في ذلك اليوم وجدتك تهرعين من بيت الى بيت ..مالك ؟ قلت لي ان ابنك وهو يلعب اصاب بالحجرزجاج الصيدلية ..صاحبها تنازل عن البلاغ ..وتفهم موقفها ..ورضي بأن تدفع ثلث تكلفة الزجاج ..لكن الثلث كثير ..فهي تعمل في أكثر من منزل لكي تغطي المبلغ
باقي السنة لك ولكل من هن على شاكلتك
الأمهات قصص وحكايات ..كل منهن تصلح لكي تكون رواية لوحدها ..ذلك الذي قال ان المرأة ( كان بقت فاس ما بتكسر الرأس)؟ صدق ..فالمرأة لا تكسر ..انما تبني وتنشئ وتربي وتقطع من لحمها وتدي ..
في عيد الام ..التحية للامهات الصابرات ..اما باقي السنة فهي لحواء ومن هن على شاكلتها مع التحية وخالص المحبة
#ملحوظة هامة
الاسم مستعار. رمزت لها بحواء امنا.. لكن الشخصية حقيقية
الصورة مقتبسة من صفحة الرائعة رندا عطية