محمد إدريس يكتب : التعويم والبنوك.. داويني بالتي هي الداء..!!

الخرطوم الحاكم نيوز

هذه الأيام الأنظار تتجه إلى الجهاز المصرفي،مشحونة بالمخاوف والآمال في آن، حيث تطبيق سياسة تعويم الجنيه لتوحيد سعر الصرف بين السعر الرسمي والسوق الموازي،هل ياترى يكون الجهاز المصرفي على قدر الرهان والتحدي؟!

والرهان هنا ليس توفير حفنة آلاف من الدولارات لاتفي بتكلفة إقامة فندقية ليوم واحد في دبي أو مبلغ علاج لمريض اورسوم طالب جامعي تقطعت به السبل ، إنما الرهان المقصود استقطاب تحويلات السودانيين من الخارج واستقبال تدفقات الاستثمار الأجنبي وتطبيع العلاقات مع المؤسسات التمويلية الإقليمية والدولية والاندماج عمليا مع الأنظمة المصرفية العالمية، للإستفادة العملية من سياسات رفع الحظر و رفع الدعم وتعويم الجنيه!

ستبقى كل تلك السياسات حبرا على ورق، وشعارات سياسية لاتسمن ولاتغني من جوع مالم يندمج جهازنا المصرفي مع المنظومة المصرفية العالمية، وذلك باستيفاء معايير جودة الخدمات المصرفيةوادارة العلاقة مع العملاء وقياس مداها وتوفر أنظمة الرقابة والشفافية.. مالم يتحقق ذلك تظل كل القرارات في خانة( السياسي) وليس (المصرفي) وستحرث الحكومة في البحر وسيبقى الحال على ماهو عليه مصارف قابعة في المحلية،وغير قادرة على جذب الاستثمارات بل طاردة حتى للعملاء المحليين برعونة تعاملاتها التي تفتقر إلى الإبداع والمرونة..!!

ان كنا ننتظر اصلاحا اقتصاديا، من منظومة سلحفائية خاملة.. لاتتقن غير إهتبال قروض السكن وشراء السيارات الفارهة من أموال المودعين والتنافس على كشوفات المؤتمرات ليس بغرض تطوير التجارب بل بشهوة النثريات الدولارية فإن الرماد كال حماد..!

ان كنا نراهن على أن هذه المصارف التي تمعن في تشريد العملاء ولاتنجز المعاملات والتمويلات إلا بوجود زول قريبك في المطبخ ، وللأسف اغلب التعيينات قريبي وقريبك.. وممايحكي عن طرائف ذلك البنك الكبير أنه عند وفاة والدة المدير العام كان كل الموظفون في سرادق العزاء فهي بمثابة الخالة والعمة والحبوبةلاغلبهم، وأن المدير العام عمل بقاعدة تقول (وظف عشيرتك الاقربين) ..!!

سنكون حالمون وواهمون أن كنا نتوقع من هذا القطاع البيروقراطي غير المتعاون الذي هو جزء رئيسي من أزمة اقتصاد بلادنا بدخوله في عمليات شوهت الإقتصاد واحالت ريع صادراته وبتروله إلى أعمدة اسمنتية شاهقة في نواحي كافوري والمنشية وليست مشاريع منتجة في نواحي القضارف وكادقلي ودنقلا/ طبعاً نقصد بعض المصارف وليس على العموم..!

ان كنا نتوقع أن تقوم المصارف،
باستقبال العملاء والابتسامات لاتفارق وجوههم وبهمة يوفرون لنا احتياجات الصرف دولاراً كان أو جنيها من الفئات الكبيرة.. موضوعا على أكياس أنيقة فإننا واهمون وربما نشاهد في مقطع من مسلسل درامي اواعلان دعائي على شاشة تلفازية وليس واقعاً..!!

قبل تطبيق سياسة التعويم كان الأجدر إصلاح القطاع المصرفي، بحيث يكون جسم معافى قادر على العمل بكفاءة بحيث يكون العمود الفقري للإصلاح الاقتصادي، والحال كذلك فإننا نأمل في الإصلاح من قطاع هو نفسه (معتل) وكان سبباً في الافشال والتدمير الاقتصادي الناعم مزينا ببدل فل سوت فاخرة وكرفتات من أشهر البيوتات الفرنسية..!!

السوق الموازي قام في مساحة عجز المصارف والصرافات وصار هو البديل النشط والفوري لأصحاب الحاجات الذين ضاقت بهم الإجراءات العقيمة.. فمتى مابقيت هذه المافيا التي تعطل القنوات الرسمية فاعلة ومؤثرة.. سيظل الحال على ماهو عليه وإن مكث مجلس الوزراء في الأكاديمية الأمنية شهورا..!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى