الطاهر ساتي يكتب : الإقصائيون الجُدُد

:: ‏ليس الفُلول وحدهم، بل هُناك قِوى سِياسيّة أُخرى، بقِوى الحُرية والتّغيير، غير سعيدة بسلام السُّودان المُتّفق عليه بين الحكومة والجبهة الثورية بجنوب السُّودان، ولولا الحياء لرفضوه بالبيانات.. وعليه، نفهم أن ترفض قِوى المُعارضة، بما فيها الحزب المحلول، مثل هذا الحدث الذي يُساهم في استقرار السُّودان.. ولكن لا تفسير لموقف بعض قِوى الحَاضنة السِّياسيَّة للحكومة – الرافضة منها للاتفاقية والمُتوجِّسَة – غير الطَمع والجَشع..!!

:: القادمون من خُطُوط النار، للمُشاركة في صناعة حاضر ومُستقبل البلاد هم الأصدق في النضال ضد ظُلم النظام المخلوع وبطشه وديكتاتوريته.. لقد حاربوا في سبيل هذه الحُرية التي ينعم بها الجميع، ولقد حاربوا في سبيل العدالة التي ينتظرها الجميع، ولقد حاربوا في سبيل المدنية التي يهتف بها الجميع، ولا يُمكن لأيِّ حزبٍ – بتحالف قِوى الحرية والتغيير – أن يزايد على مُحارب في سبيل الحُرية والسّلام والعَدالة..!!

:: وقبل أن ترسل الحكومة وفدها المُفاوض إلى جنوب السودان، وبمُجرّد نجاح الثورة وسقوط ذاك النظام، وضع كل ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ أسلحتهم، ومضوا ﻋﻠﻰ ﺧُﻄﻰ الثورة وأهدافها (ﺍﻟﺴّﻼﻡ ﻭﺍﻟﺤُﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌَﺪﺍﻟﺔ)، وأرسلوا وفودهم إلى الخرطوم، ليحتفلوا مع الثُّوّار في ميدان الاعتصام، ثم هيّأوا أنفسهم وقواعدهم ﻟﺒﻨﺎﺀ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻤُﺆﺳّﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﻭﺍﻷﻋﺮﺍﻕ ﻭﺍﻷﺣﺰﺍﺏ..!!

:: هذا السلام، وكذلك المُرتقب مع عبد العزيز الحلو وعبد الواحد محمد نور، من أهداف المرحلة التي جَسّدَها أحد أهم شعارات الثورة (حُرية.. سَلام وعَدالة).. وليس في الأمر عجب، فإنّ الثورة السُّودانية كانت (سَلميّة).. ورغم أنّ نهج النظام المخلوع كَانَ يُوزّع ثقافة العُنف في الطرقات، وأنّ المناخ العام كان يُغري من يشاء بفعل ما يشاء، ورغم أنّ خُطى البلاد كانت قَابَ قَوسين من (الغابة وقانونها)، رغم كل ذلك، فإنّ ثورة الشعب كانت (ثورة سَلميّة)..!!

:: ولا تزال شُعُوب العالم تُبدِي إعجابها بالثُّوّار وهم ينتقلون بشعبهم وبلادهم إلى (بَرّ الأمان).. فالشّاهد أنّ ثورات العالم الثالث دائماً ما تُسقِط أنظمة الحكم والدول (معاً)، ثم تُؤسِّس على أنقاضهما (دولة الغابة) أو (دولة مُستعمرة).. ولكن الثورة السُّودانية – بوعي الشعب ويقظة المُؤسّسات العسكرية – لم تسقط النظام والدولة معاً، أو كما فعلت ثورة الربيع العربي بسوريا وليبيا واليمن، ولكنها أسقطت نظام الحُكم صريعاً، لتأسيس دولة الحُرية والسّلام والعَدالة..!!

:: فما الذي يُغضب بعض سلاطين المرحلة من سلام بمثابة قيمة مُضافة لسلمية الثورة؟، ولماذا كل هذا التوجُّس من القادمين لتشكيل حاضر ومُستقبل السُّودان بالفكر والرأي، وليس بالبنادق والمَدَافِع..؟ للأسف، لا شئ يُغضب هؤلاء السلاطين غير الطمع وروح الإقصاء التي شَبُّوا عليها وَشَابُوا.. بالأمس غَدَرُوا برفاقهم وقسّموا كراسي السُّلطة فيما بينهم بمُنتهى (المُحاصصة)، ومع ذلك – بلا حَيَاءٍ – يصفون اتفاقية الحكومة مع الرفاق بالمُحاصَصَة..!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى