بعد و مسافة – مصطفى أبو العزائم – شكراً “عيال زايد” لقد فتحتم الباب

مع بدايات إرتفاع منسوب النيل ، وخروجه عن مجراه الذي ألفه وألفناه وألفه أجدادنا ، ومع زحف المياه نحو الضِّفاف ، وتشرُّبِ الأرض وما عليها بالماء الذي روى الأرض والبيوت حتى تصدّعت وذاب أكثرها مؤكداً قول الشّاعر الأندلسي : (لا أركب البحر خوفاً على منه المعاطب .. طين أنا وهو ماء .. والطين في الماء ذائب) وهي قصيدة معلومة للشاعر إبن “حمديس” ، صاحب ديوان شعر مشهور عاش نحو ثمانين عاما وتوفي بجزيرة (مايوركا) وقد فقد بصره أواخر أيامه ، ومخطوطة ديوانه النادر موجودة حتى الآن في مكتبة الفاتيكان ، وكان يعتبر من الحكماء وقد ولد عا1056م في صقلية بإيطاليا وتوفي في عام 1133م بجزيرة (مايوركا) الإسبانية،
إستحضرت أبيات قصيدة إبن “حمديس” المعروفة ، وبيوت الطين تذوب جرّاء الفيضان ، وقد تجاوز عدد البيوت الذائبة المائة وسبعة وعشرين ألف بيت في كل البلاد ، مع فقدان بلادنا لأرواح أكثر من مائة شهيد بينهم الشيوخ والنساء والأطفال ، وكان الأمر مفجعاً ، خاصةً وإن إرتفاع المنسوب تجاوز ما كان عليه عام 1988م الذي تجاوز آنذاك فيضان 1948م ، مع ضعف ظاهر الآن في إمكانيات البلاد ، وظروف إقتصادية ظاهرة وقاهرة .
تحرّك المجتمع وتنادي الناس للنفير ، وكل في قرارة نفسه يقول : “الجود بالموجود” وظهر الأشقاء الخُلّص ، عندما أعلن (عيال زايد) في دولة الإمارات العربية المتحدة عن تضامنهم مع أشقائهم في السُودان ، حتى قبل أن تطلق الحكومة نداءات الإستغاثة للعالم ، فكانت المبادرة الأولى من القيادات الإماراتية ، وكان أن وصلت طائرات الدعم العاجل في الثاني من سبتمبر الحالي ، وحملت أول طائرة مساعدات عاجلة تمثّلت في كميات من الخيش إلى جانب عدد من الخيام لإيواء المتضررين الذين فقدوا منازلهم ، إضافة إلى المبيدات وماكينات الرش ومعينات أخرى لأهلنا في مناطق توتي والكدرو والحلفايا وشمبات ، ليتواصل بعد ذلك الدعم مثلما وعد سعادة السفير الإماراتي حمد محمد الجنيني ، وقد كانت ضربة البداية من بيت الشارقة الخيري في الشقيقة الإمارات .
ومن ( أبوظبي) وجه سمو الشيخ حمد بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة الظفرة ، رئيس جمعية الهلال الأحمر الإماراتي بتواصل العون وقد كان ، وربما كان من أبرز أوجه التجاوب الإماراتي اهتمام (أبوظبي) بالعمل على تخفيف الآثار الملموسة للتغيير المناخي ضمن إستراتيجيتها وخطتها الوطنية للتغيير المناخي من خلال مبادرة أسبوع أبوظبي للإستدامة الذي يعتبر منصةً عالمية تجمع رواد الفكر في الطاقة المتجددة .
في الثاني من سبتمبر وصلت طائرة مساعدات عاجلة لضحايا الفيضانات مقدمة من الهلال الأحمر الإماراتي ، بتوجيه من صاحب السّمو الشّيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد “أبوظبي” نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ، ومتابعة لصيقة من سمو الشّيخ حمدان بن زايد آل نهيان وقد إشتملت المُساعدات على مواد غذائية وإغاثة وإيواء وخيام وأغطية ومشمّعات ومواد طبية وأدوية ، ليتواصل بعد ذلك جسر المساعدات الجوي الذي كان بدايةً لدخول بقية الأشقاء الأقربين ليمدّوا يد العون إلى أهلهم في السودان ، وتواصل العون لمواطني شرق النيل وأم دوم والعيلفون إلى جانب مناطق أخرى خارج الخرطوم ليصل عدد المستفيدين إلى أكثر من سبعة آلاف متضرر وفق ما قال به رئيس جمعية الهلال الأحمر الإماراتي السيد محمد سالم الجنيني .
هكذا عرفنا الأشقاء وعرفونا ، هكذا كانوا دائما ، ولانملك إلا أن نقول لهم : (شكراً عيال زايد) فقد عرفناكم عند الملمات وفي غيرها .. وقد بادرتم بفتح الباب ليتواصل عطاء الأشقاء وكنتم (اول من بدأ) بارك الله فيكم وجزاكم كل خير بإذنه تعالى .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى